الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 12:15 ص

ما الأفضل للاقتصاد؟.. الشهيدى: الاستثمار بالقطاع الصناعى الأفضل لصالح الاقتصاد المصرى والمستثمر.. بدرة: نحتاج لاستثمار صناعى وسياحى يوفر فرص عمل وينعش الاقتصاد

الاستثمار العقارى أم المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟

الاستثمار العقارى أم المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ الاستثمار العقارى
الأربعاء، 27 يونيو 2018 08:00 م
كتب: هبة حسام – هانى الحوتى – إسلام سعيد
 
- خبير: الاستثمار بالقطاع الصناعى الأفضل لصالح الاقتصاد المصرى والمستثمر

- المشروعات الصغيرة: الاستثمار العقارى لا يحقق تنمية مستدامة والحل فى الصناعة

 

"لو عاوز تدخر أموالك وتحافظ على قيمتها اشترى عقار"، أصبح هذا الفكر الآن ليس مجرد نوع من أنواع استثمار الأموال فقط، وإنما معتقد يسيطر على أذهان المصريين "من لديهم مدخرات" بشكل كبير، حيث بات الكثير لم يقبل الآن على شراء الوحدات السكنية والفيلل والشاليهات بغرض السكن أو الحاجة إليها وإنما لادخار أموالهم بها باعتبار أن العقارات وعاء آمن للحفاظ على قيمة الأموال بل زيادتها، خاصة أن المنتج العقارى من المنتجات التى ترتفع أسعارها بشكل دائم.

ولكن، هل هذا الفكر والمعتقد صحيح؟، هل يفيد الفرد والمجتمع؟، هل يفيد الاقتصاد القومى؟، يجيب على هذه التساؤلات عدد من خبراء الاقتصاد والاستثمار، الذين اتفقوا على أنه بالرغم من أن الاستثمار العقارى نوع من أنواع الاستثمار، إلا أن التوسع به غير مُجدٍ للاقتصاد القومى، خاصة أنه استثمار لا يدر عائدا ولا يحقق تنمية مستدامة، ويستخدم كنوع من أنواع المضاربة، والتى تعد أحد المعاملات التجارية السلبية، علاوة على انه تجميد للأموال والسيولة النقدية فى السوق المحلى.

 

يقول أسامة غيث، الخبير الاقتصادى، إن كل مجال فى الاستثمار له طبيعته، كما أن لكل شخص طبيعته، فهناك من يتجه للاستثمار فى المشروعات المنتجة التى تدر عائد وتوفر له دخل ويستطيع من خلالها توفير فرص عمل للغير، وهناك من يفضل ادخار أمواله فى أوعية آمنة فيتجه للعقارات، حيث يعتبرها الكثير وعاء آمن للأموال وحفاظاً عليها من انخفاض قيمتها.

وأضاف غيث لـ"برلمانى"، أنه بالرغم من أن الاستثمار العقارى اتجاه استثمارى يوجد فى العالم بأكمله، إلا أن نسبته ترتفع فى مصر، لافتا إلى أن الاستثمار العقارى غير مجدى للاقتصاد القومى، فهو لا يدر عائدا ولا يصدر عنه منتج ولا يوفر فرصة عمل، مؤكداً أن حبس الأموال بكميات ضخمة فى قطاع معين قد تنتج عنه أزمة اقتصادية.

 

وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن ادخار الأموال فى العقارات، لا تستخدم إلا للمضاربة فقط عندما ترتفع الأسعار، وتعد المضاربة نوع من أنواع المعاملات التجارية السلبية التى ينتج عنها آثار غير جيدة، فهى تعنى تحقيق أرباح بدون جهد حقيقى وإنما مجرد فرصة طارئة.

 وأوضح غيث، أن السوق العقارى فى مصر بشكل عام يعانى من اختلال بين وجود ملايين الأفراد الذين فى حاجة حقيقية لتوفير سكن، وبين أفراد تقبل على شراء العقارات لادخار الأموال فقط دون الحاجة لتلك العقارات، وهو ما ينتج ملايين من الوحدات السكنية المغلقة دون استفادة، فهناك جزء كبير من السوق العقارى موجه للأغنياء وللأكثر غنى، بحسب قوله.

 

وأضاف، أن هذا لا يعنى أن الاستثمار فى العقارات أمر خاطئ، ولكن هناك أنواع أخرى أكثر أهمية وفائدة منه، خاصة أن أنواع الاستثمارات فى الدول ترتبط بتوقيتات معينة، بمعنى أن الدولة تحدد احتياجاتها فى الوقت الحالى وبناءا عليه تتحدد أنواع الاستثمارات التى تكون الدولة فى حاجة إليها، لافتا إلى أن التنمية والاستثمار القائم فى دول العالم حالياً هو الاستثمار فى قطاع التكنولوجيا.

وتابع: "الاستثمار فى التكنولوجيا له قيمة مضافة مرتفعة، علاوة على نتائج أخرى مرتبطة بتقدم الدولة ورفع المستوى الاقتصادى لها"، مضيفا أنه بجانب هذا القطاع تحتاج مصر للاستثمار فى مجالات أخرى، خاصة فى الصناعة، فيجب إحداث توازن بين احتياجتنا وطبيعة المشروعات والاستثمارات التى تنقصنا.

 

وأشار إلى أن الفترة المقبلة فى حاجة لمزيد من الإجراءات والسياسات والقرارات من قبل الدولة لتوسيع أفق الاستثمار بشكل أكبر، وذلك من خلال المزايا والتشجيع والمساندة، حتى لا يقتصر فكر المواطنين على ادخار أموالهم فى أوعية آمنة فقط، وإنما استثمارها فى مجالات وصناعات تدر عائد لهم وللمجتمع وتساهم فى توفير فرص عمل، وترفع من قيمة الإنتاج ومستوى الاقتصاد المصرى.

 

من جانبه قال، الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار، إن شكل الاستثمار فى كل دولة يحدد حسب خلفية هذا المجتمع وثقافته ونوعية المخاطرة التى يستطيع تحملها عن غيره من المجتمعات، لافتا إلى أنه بالرغم من أن الاستثمار فى مصر متنوع، إلا إننا مازلنا فى حاجة للتوسع فى بعض أنواع الاستثمار، كالاستثمار السياحة والصناعى والزراعى.

 

وأوضح بدرة، أن الاستثمار فى تلك القطاعات يعد الأهم والأفضل للاقتصاد القومى فى الفترة الحالية، نظرا لحاجتنا لمثل هذه الأنواع من الاستثمار، كما أن هذه القطاعات لا يزال الاستثمار بها "ضئيل"، لافتا إلى أن الاستثمار العقارى يعد أحد الاتجاهات والسبل التى يلجأ إليها البعض لادخار الأموال بشكل آمن.

 

وتابع: "هناك من يفضل شراء العقارات وهناك من يتجه لشراء العملات الصعبة والاحتفاظ بها وهو ما يسمى بـ"الدولارة"، وآخرين يفضلون تخزين الأصول كشراء الذهب"، مشيرا إلى أن الاتجاه الغالب لدى المصريين فى ادخار الأموال هو إيداعها بالبنوك.

 

وأضاف أنه لا يمكن الاستغناء أو وقف الاستثمار فى قطاع معين على حساب قطاع آخر، ولكن يجب أن يكون هناك توازن بين الاستثمار فى كل القطاعات، خاصة القطاعات التى تحتاجها الدولة فى الوقت الراهن، فالوقت هو المحدد لأولوية الاستثمارات، ونظرا لأننا نعانى من زيادة سكانية مستمرة تحتاج لأن يزازيها نمو اقتصادى، فنحن فى حاجة الآن للاستثمارات التى تنعش الاقتصاد وتزيد نموه كالصناعة والزراعة والسياحة، وليس للأموال والسيولة المجمدة بشراء عقارات وأصول ثابتة".

 

 وأكد أستاذ التمويل والاستثمار، أن التشجيع على الاستثمار فى تلك القطاعات لا يزال فى حاجة لمزيد من التيسيرات من قبل الدولة والأفكار المختلفة "خارج الصندوق" وتزويد المبادرات الحكومية لتحفيز قاعدة عريضة من المجتمع على الاستثمار والدخول فى هذه القطاعات وعمل مشروعات بها مما يساهم فى توفير فرص عمل واستيعاب الجدد من الخريجين سنوياً وتخفيض معدل البطالة ومن ثم انتعاش الاقتصاد وزيادة معدل النمو.

 

فيما أكد معتصم الشهيدى، نائب رئيس مجلس إدارة شركة هوريزون لتداول الأوراق المالية، أن استثمار المواطنين مدخراتهم فى إنشاء مشروعات صناعية سواء صغيرة أو متوسطة لصالح الاقتصاد المصرى أكثر من الاستثمار بالقطاع العقارى، موضحًا أنه على الرغم من أهمية القطاع العقارى فى توفير وحدات سكنية للمواطنين وعدد العمالة الكثيفة التى تعمل بهذا القطاع، بالإضافة إلى الصناعات الكثيرة المرتبطة به إلا أنه ليس أفضل استثمار لصالح الاقتصاد، وذلك لأن معدل دوران الاستثمار به يتوقف عند انتهاء إنشاء المشروع، بخلاف المصنع الذى يعد معدل التشغيل فيه دائم.

 

وعدد الشهيدى، فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، مزايا الاستثمار بالقطاع الصناعى لصالح الاقتصاد المصرى وهى أولا استدامة معدل التشغيل إذ تعمل العمالة بالقطاع العقارى لمدة محددة تنتهى باكتمال المشروع بخلاف المصنع الذى يوفر فرص عمل دائمة، ثانيا عدد العمالة المساعدة بالصناعات المغذية أكبر فى المصانع عن العقارات، ثالثا منتجات المصانع قابلة للتصدير ومن ثم تعتبر مورد من موارد النقد الأجنبى، رابعًا معدل دوران المدخرات بالمصانع أسرع وأكبر من العقارات، إذ تتوقف المدخرات بانتهاء شراء العقار بخلال المصنع الذى يتم استخدامها فى شراء المواد الخام ثم التصنيع ثم البيع، وبالتالى يحقق معدل نمو أفضل.

 

وحول أكثر القطاعات تحقيقًا للربحية للمواطنين لاستثمار مدخراتهم، أكد أن أفضل ربحية للمستثمر من إنشاء شركة وبيعها بعد وصولها لمرحلة النضوج، أما بالنسبة للأفراد يمكنهم الاستثمار فى المشروعات الرابحة مثل الشركات الرابحة التى تعتزم الدولة طرحها ببرنامج الطروحات الحكومية بالبورصة، مدللا على حديثه بشركات حكومية حققت أرباح للمستثمرين بها مثل شركات المصرية للأقمار الصناعية – نايل سات، والإسكندرية للزيوت المعدنية-موبكو.

 

وطالب الشهيدى، الدولة بطرح شركات ناجحة سواء تنشأ لأول مرة أو لها تاريخ لإتاحة الفرصة للأفراد للاستثمار بها ثم الحصول على تلك المدخرات فى إنشاء شركات أخرى بما يساعد على نمو الاقتصاد القومى.

 

ومن جهته، قال علاء السقطى، رئيس اتحاد المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إن ضخ استثمارات فى القطاع العقارى قد يؤدى إلى مشكلة كبيرة نتيجة سحب الفوائض المالية، وهو استثمار قصير ينتهى عند بناء المبنى وهو لا يؤدى إلى تنمية مستدامة وهو عبارة عن تنمية مؤقة والحل هو توجيه الاستثمارات للصناعة والتركيز على ذلك.

 

وأضاف السقطى، لـ"برلمانى"، أن عمل تنمية مستدامة وخفض عجز الموازنة لا يمكن أن يتم إلا من خلال استثمار إنتاجى دائم، موضحا الاستثمار الصناعى هو الأهم والأفضل لأنه ليس مؤقت وعبارة عن ماكينة فلوس مستمرة لا تتوقف عند تشييد المصانع فقط.

  

وأشار رئيس اتحاد المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى أن التنمية التى نسعى إليها لا يمكن أن تقوم على الاستثمار فى المبانى، لكن نحتاج إلى استثمارات فى المشروعات الأخرى مثل الاستثمار الصناعى بكل أشكاله والاستثمار الزراعى وغيره لأنه استثمار للأجيال المقبلة.

 

وأكد أن علاج عجز الموازنة وتوفير البضائع المحلية مكان المستورد لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال استثمار صناعى ضخم ولابد أن نتوسع فيه، لافتا إلى أن المشروعات الصغيرة هى الأفضل للفترة المقبلة لأنها سريعة ولا تحتاج استثمار مالى عالى لذلك لابد من وضع اولويات العمل لتطويرها فى الفترة المقبلة.

 

 


print