يوما بعد يوم، تتزايد انتقادات الإعلام العالمى للنهج الاستبدادى فى تركيا تحت قيادة رجب طيب أردوغان، لاسيما بعد أدائه القسم لفترة رئاسية جديدة يحصل فيها على صلاحيات ماسحة صاغها لنفسه قبل الموافقة عليها بهامش ضيق فى استفتاء دستورى.
وسلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الضوء على النهج الاستبدادى للرئيس التركى وقالت فى تقرير لها إنه حتى قبل تنصيب أردوغان الأسبوع الماضى، بدا فى الوصول إلى الصفوف الأمامية لحكام العالم المستبدين.
فقبل ساعات من أداء القسم، وبعد 15 عاما قضاها فى السلطة، نشر أردوغان مرسوما من 143 صفحة يغير فيه الطريقة التى تعمل بها كل الدوائر الحكومية والهيئات العامة فى البلاد. وفى الأيام التالية، أصدر العديد من القرارات والمقررات الرئاسية الطويلة التى تعمل على تركيز السلطة ومنحهم القدرة على بسط سيطرته على كل مناحى لحياة تقريبا بسلطة لا تواجه ضوابط.
وقالت الصحيفة، إنه فى الوقت الذى تواجه فيه الأنظمة الديمقراطية ضغوطا متزايدة حول العالم، فإن أردوغان من هؤلاء القادة الذين يستخدمون أذرع الديمقراطية لتوسيع سلطتهم بشكل كبير.
ومن بين التغيرات التى قام بها أردوغان إلغاء منصب رئيس الوزراء ووضع الجيش تحت قيادة مدنية أكثر حزما، وصياغة الرئيس للميزانية واختياره للقضاة وكبار المسئولين، وقدرته على حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة.
ولفتت الصحيفة، إلى أن هذه التعديلات التى أجراها أردوغان لم تخضع للنقاش العام قبل أن تصبح قوانين.
وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية قد علقت أمس على إعلان إنهاء الطوارئ فى تركيا، وقالت إنه رغم هذه الخطوة، فإن استمرار محاكمات المعارضين والصحفيين، يقول نشطاء حقوق الإنسان إن على تركيا أن تفعل المزيد للتراجع عن الحملة الخانقة على حرية التعبير.
وقال المعارضون، إن حالة الطوارئ التى تم تطبيقها قبل عامين بعد تحركات الجيش التركى ضد حكم أردوغان، قد تم استغلالها لاعتقال معارضيه ومعارضى حكومته لفترات طويلة بدون محاكمة ولترهيب المعارضين وملاحقة وسائل الإعلام.
ولفتت الصحيفة، إلى أن أكثر من 12 ألف شخص فى الشرطة والجيش والإعلام والمجال المدنى والأكاديميى قد تم اعتقالهم أو فصلهم من أعمالهم بسبب علاقات مزعومة مع فتح الله جولين أقوى معارضى الرئيس أردوغان والذى يعيش فى النفى بالولايات المتحدة.
وقال فوتيس فيليبو، نائب مدير أوروبا فى منظمة العفو الدولية، إنه على مدار العامين الماضيين، قد تحولت تركيا بشكل جذرى مع استخدام إجراءات الطوارئ لتعزيز الصلاحيات وإسكات المعارضين وعدم السماح بالحقوق الأساسية.
وأكد المنتقدون، على أن استخدام الطوارئ لا يقتصر على "الجوليين" الذين لهم صلة بتحركات الجيش فى عام 2016، فحوالى ربع القضاة فى تركيا تم عزلهم أو اعتقالهم وهى نسبة كبيرة أدت إلى غضب ومخاوف من أن القضاء لم يعد مستقلا. فقد تمت محاكمة الآلاف وحكم على الهديد منهم بالسجن مدى الحياة لمشاركتهم فى تحركات الجيش، وتم تسليم 100 شخص على تركيا بناء على طلب من أجهزوة استخبارات البلاد.
وأدى زيادة القمع فى تركيا إلى زيادة التوترات مع الدول الغربية فى الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة. حيث حكمت محكمة تركية باستمرار اعتقال كاهن أمريكى منهم بأنه على صلة بجولان فى خطوة يمكن أن تردى إلى عقوبات من الكونجرس، ووصها أحد المسئولين باللجنة الأمريكية للحريات الدينية بأنها سخرية من القضاء.
من ناحية أخرى، قالت وكالة "رويترز"، إن ستة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى من كلا الحزبين قدموا مشروع قانون أمس، الخميس، لتقييد القروض التى تمنحها المؤسسات المالية الدولية لتركيا حتى تقوم حكومتها بإنهاء الاحتجاز غير العادل لمواطنين أمريكيين.
وجاءت هذه الخطوة بعد قرار محكمة تركية يوم الأربعاء بإبقاء قس الأمريكى أندرو برونسون فى السجن أثناء محاكمته بتهمة الإرهاب والتجسس، وهى القضية التى عمقت الخلافات بين أنقرة وواشنطن.
وأوضحت "رويترز"، أن مشروع القانون الذى حمل اسم قانون تركيا المؤسسات المالية الدولة" يوجه الإدارة التنفيذية الأمريكية للبنك الدولى وبنك التعمير والتنمية الأوروبي لمعارضة القروض المستقبلية لتركيا، فيما عدا تلك المتعلقة بأغراض إنسانية، بحسب ما قال بيان صادر عن لجنة العلاقات الخارجية مجلس الشيوخ.
وأشار البيان، إلى هذه المعارضة ينبغى أن تستمر حتى تتوقف تركيا عن الاحتجاز التعسفى أو حرمان المواطنيين الأمريكيين من حرية الحركة بمن فيهم مزدوجى الجنسية أو الموظفين المحليين الذين يعملون لصالح بعثة الولايات المتحدة فى تركيا.
وكان برونسون القس الأمريكى القادم من نورث كارولينا يعيش فى تركيا منذ أكثر من 20 عاما، ووجهت إليه اتهامات بمساعدة الجماعة التى تحملها أنقرة مسئولية محاولة الانقلاب فى عام 2016، وأيضا دعم حركة المسلحين الأكراد المحظورة. ويواجه القس الأمريكى الذى أنكر هذه الاتهامات السجن 35 عاما لو تمت إدانته.