بداية.. لماذا برأيك أصبحت الحاجة ملحة إلى تفعيل الدعوة لتجديد الخطاب الدينى؟
تجديد الخطاب الدينى أصبح ضرورة ملحة، فلكل حادث حديث ولكل زمان فتواه، والقيادة السياسية مهمومة بقضية التجديد، وتجديد الخطاب الدينى يعنى أن نأخذ من المصادر الأصيلة للتشريع الإسلامى ما يوافق كل عصر باختلاف جهاته الأربعة «الزمان والمكان والأشخاص والأحوال»، بما يحقق مصلحة الإنسان فى زمانه، وفى إطار من منظومة القيم والأخلاق التى دعا إليها ورسخها الإسلام، ومنذ أن أعلنت دار الإفتاء المصرية تبنيها دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للمؤسسات الدينية بتجديد الخطاب الدينى، ومعالجة فوضى الفتاوى الضاربة فى أرجاء العالم الإسلامى، وهى تضع نصب أعينها تنفيذ استراتيجيتها التى حددتها كاستجابة لدعوة الرئيس، وتنفيذ الخطوة تلو الخطوة، وعلى المسارات المتنوعة فى الداخل والخارج، فكانت الدار سباقة فى إعلان خطة تجديد الخطاب وتنقية الفتاوى.
وفى الداخل عمدت الدار إلى تنفيذ أكبر عملية تطوير وتحديث فى أطر الخطاب وأدواته، وتنقية ما لحق به من شوائب، واقتحام عوالم جديدة ومساحات حديثة، فكانت الدار سباقة فى عالم التواصل الاجتماعى، وأصبحت تتربع على عرش المؤسسات الإسلامية فى العالم، من حيث عدد المتابعين والمهتمين، كما توسعت الدار فى منظومة العمل الإفتائى وكثفت من جولات علمائها بالخارج، وقدمت الدار العديد من أوجه الدعم والمساعدة العلمية والتأهيلية لدور الإفتاء فى مختلف الأقطار، كما استهدفت دار الإفتاء قيادة قاطرة تجديد الخطاب الدينى عبر تقديم النماذج الواقعية فى التجديد، ومن ثم تخفيف ما لحق بالإسلام من عداء وتشويه تقوم به الجماعات المتطرفة، والتصدى لظاهرتى الفوضى والتطرف فى الفتوى.
تعتزم الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء عقد مؤتمر هذا العام حول «التجديد فى الفتوى».. هل يرتبط ذلك بالدعوة إلى تجديد الخطاب الدينى بشكل عام؟
مؤتمر هذا العام هو الرابع الذى تعقده «الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم»، التابعة لدار الإفتاء، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويحمل عنوانا لقضية مهمة، وهى «التجديد فى الفتوى بين النظرية والتطبيق»، ومن المنتظر أن يشارك فى جلساته وفود أكثر من ثمانين دولة من مختلف قارات العالم، واختيار هذا العنوان يستهدف تقديم مرآة صادقة لأهمية التجديد فى مجال الإفتاء، لأن معيار حركة التجديد الإفتائى لا يظهر فى مجال كما يتجلى فى صحة الفتوى فى المستجدات والنوازل المعاصرة.
وما أهم القضايا والمحاور التى سيناقشها المؤتمر؟
يناقش المؤتمر عددا من القضايا المعاصرة المهمة التى تشمل المستجدات فى مجالات مثل الاقتصاد والسياسة والاجتماع والفضاء الإلكترونى، ويتضمن عدة محاور، أولها يختص بمناقشة «الأصول المنهجية لفقه النوازل»، أما المحور الثانى فيناقش «الأصول المنهجية للتجديد فى الفتوى»، والثالث «ضوابط الإفتاء فى قضايا حقوق الإنسان»، والرابع يتحدث عن «ضوابط الإفتاء فى المستجدات الطبية»، كما يتحدث الخامس عن «ضوابط الإفتاء فى المستجدات الاقتصادية»، ويشمل المحور السادس والأخير «ضوابط الإفتاء فى قضايا الشأن العام والدولة».
وماذا عن ورش العمل المنعقدة خلال المؤتمر؟
من المقرر أن يعقد خلال المؤتمر ثلاث ورش عمل يجتمع فيها نخبة من العلماء، للوصول لمعالجة دقيقة لعدد من الموضوعات، ووضع «ميثاق عالمى جامع للفتوى»، ويتم من خلالها تفعيل التعاون العلمى المشترك بين أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم لإثراء الميثاق وإكسابه صبغة العالمية، والتطلع إلى تأسيس مدونة أخلاقيات مهنية للمفتى التى يكون اعتماد هذا الميثاق نواة لها، بعد ذلك تقديم الميثاق للهيئات والمنظمات المعنية بأمر الإفتاء فى العالم، ليكون معينا ومرشدا للنظر الصحيح والتعامل الرشيد مع الفتاوى العالمية.
كما ستعقد ورشة ثانية لمناقشة وضع «مؤشر عالمى للفتوى»، يتم من خلالها الخروج بمؤشر عالمى لحالة الفتوى فى العالم صادر عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، ويكون ربع سنوى، ويشتمل على تحليل لمضمون الفتاوى وخطابها على مدار ثلاثة أشهر، ومن ثم تقويمها وتذييل ذلك بتوصيات ومقترحات للتعامل معها تعاملًا رشيدًا، على أن يُكتب هذا باللغة العربية، أصالة، ثم يترجم إلى اللغات العالمية الحيَّة، ونبدأ بالإنجليزية والفرنسية ثم تترجم بعد ذلك إلى غيرها من اللغات.
وهناك ورشة ثالثة تحت عنوان «نحو صياغة منهج دراسى للفتوى» وتناقش وضع مناهج تعليمية إفتائية صالحة للتدريس والتدريب عليها فى المؤسسات التى تعنى بالإفتاء، وتجديد الصلة على أساس الرسالة بين الجانب التعليمى والجانب الإفتائى للوصول لخدمة المقاصد الشرعية والوطنية والإنسانية، ووضع دليل إرشادى لمعلمى الإفتاء يشتمل على الضوابط والأصول، أما الورشة الرابعة فستكون عن دور الفتوى فى معالجة المشكلات الأسرية والحد من نسب الطلاق، حيث سيتم وضع تصور صحيح للمشكلة المطروحة يشمل مظاهرها وأسبابها وطرق حلها، وإطلاق مبادرات عاجلة للتعامل مع المشكلات الأسرية الجديدة، ووضع دليل إرشادى للمفتين للاستعانة به فى التعامل مع ما قبل وما بعد الطلاق.
هناك قضية تشغل الرأى العام منذ سنوات وتزايد الجدل حولها مؤخرا وذلك فيما يتعلق بقضية نقل الأعضاء.. فهل يجب أن يكون النقل بوصية فى ظل ما يقال إن القانون يتيح للمستشفيات أخذ قرنية المتوفى دون الرجوع لأهله؟
عملية نقل القرنية من متوفٍ إلى آخر حى تجوز بشروط وضوابط، أهمها أن يكون الميت المنقول منه قد أوصى بهذا فى حياته، وهو بكامل قواه العقلية ودون إكراه، وأن يكون هذا النقل بلا أى مقابل مادى أو معنوى مطلقاً، سواء بالمباشرة أو بالواسطة.
هناك قضية أخرى تثار عبر قرون من الزمان حول الإسلام والفن.. برأيكم هل الإسلام ضد الفن وما هو الفن الذى يتعارض أو يتعاضد مع الإسلام؟
الإسلام لا يحارب الفن ولا يعادى الجمال، فهو دين يحب الجمال ويدعو إليه فى كل شىء، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله جميل يحب الجمال»، والفن هو فى حقيقته إبداع جمالى لا يعاديه الإسلام، وغاية ما فى الأمر أن الإسلام يجعل الأولوية للمبدأ الأخلاقى على المبدأ الجمالى، بمعنى أن يجعل الثانى مترتباً على الأول ومرتبطاً به، وهذا هو الموقف المبدئى للإسلام إزاء جميع أشكال الفنون، فالفن وسيلة اتصال بين الناس، وأى فن لا يصادم الشريعة والآداب الإسلامية يمكن أن يلتقى مع الدين، ومن ثم لا حرج فى الفنون المفيدة ذات الرسالة النافعة التى تدخل السرور على النفس والمجتمع من دون إسفاف ولا تدنٍّ، ولا إلحاق ضرر مادى أو معنوى بالآخرين، عملا بالقاعدة المعروفة «لا ضرر ولا ضرار»، ومن ثم فإن كل ما يؤدى إلى تهذيب النفس وترقيق المشاعر هو يتفق مع روح الإسلام، وكل ما يخاطب الغرائز ويؤججها فى غير مواطنها المشروعة هو ممنوع وبعيد عن الإسلام.
برأيكم فضيلة المفتى.. هل الإسلام يحتاج إلى الانتشار حاليا بين غير المسلمين، أم أنه يحتاج أولًا إلى الانتشار بين المسلمين أنفسهم بعد أن غابت تعاليمه وآليات تطبيقه بين المسلمين فأصبح غريبًا بينهم؟
الإسلام يحتاج إلى نشر الفكر الوسطى والتصدى للأفكار المتطرفة، وضبط منظومة القيم الأخلاقية ومواجهة فوضى الفتاوى، وفتح آفاقها لإيجاد حلول للمشكلات التى تفرزها تطورات الحياة المعاصرة، ومن سمات الدين الإسلامى ومقاصده وقيمه الأخلاقية «السلم، والعدل، والأمن، والرحمة» للبشرية جمعاء بل للعوالم والأكوان من حولنا، ومن ثم فإن أى نشاط أو دعوة أو علم يدور فى فلك هذا الدين العظيم أو يتحدث باسمه أو يزعم أنه يحقق مقاصده، ينبغى أن يكون محققًا لهذه المعانى السامية الراقية من نشر السلم والرحمة والأمن والعدل بين الناس، وكل فكر أو نشاط يحقق عكس هذه المعانى، فلا شك أنه بعيد تمام البعد عن دين الإسلام وعن هدى رسول الإسلام ونبى السلام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
ورسولنا صلى الله عليه وآله وسلم مر فى مراحل دعوته للإسلام الحنيف بمراحل وأطوار متعددة، من الاستضعاف بمكة المكرمة حيث بلغ المشركون حدا لا يوصف من إلحاق الأذى بالمسلمين المسالمين، فلما نزل عليه الوحى طالبًا منه أن يأمر بإطباق الجبلين على المشركين انتقامًا منهم، رفض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائلا: «عسى أن يهديهم الله تعالى أو أن يخرج من أصلابهم مَن يعبد الله تعالى»، فالغرض ليس إلحاق الأذى والانتقام، وإنما الغاية هدايتهم إلى طريق الله تعالى.
وعندما هاجر النبى من مكة إلى المدينة خالط جميع الأطياف بالمدينة من وثنيين وكتابيين من اليهودية والمسيحية، وزاد عليهم المنافقون الذين دخلوا فى الإسلام سرا، ولكنهم كانوا يخفون العداوة للرسول صلى الله عليه وسلم بل للإسلام ذاته، وزاد عليهم الأعراب بجهلهم وخشونتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدعو إلا إلى السلم والرحمة والعفو والصفح الجميل، فأرسى مبدأ المواطنة والعيش المشترك.
التراث هو الأرض الصلبة التى تقف عليها الأمم ثابتة شامخة، ولا حاضر ولا مستقبل لمن لا ماضى له، ومن أهمل الماضى سيهمله المستقبل، والتراث الإسلامى ملىء بالكنوز التى تُثرى الإنسانية جميعًا.. فهل الأمة مهتمة بتراثها حق الاهتمام؟ وهل فى التراث ما هو كفيل بتصحيح كل المغالطات التى نعيشها فى هذا العالم المتصارع؟
التراث تركة قيمة تساعدنا فى البناء واستشراف آفاق المستقبل وعلاج القضايا العصرية التى تطرأ بين الحين والآخر، والمؤسسات الدينية قامت بمجهود كبير فى الحفاظ على التراث الإسلامى، والاستفادة منه فى إنتاج المادة العلمية المعاصرة التى تعين الناس على فهم دينهم وتطبيقه تطبيقا موافقا لجوهره، إلا أن الحرب على التراث الإسلامى مستمرة، ونبذل أقصى الجهود للتصدى لذلك، فالوسطية فى النقل من التراث عند التعامل مع الواقع والمستجدات يجب أن تتم دون غلو أو تفريط، ومن الخطأ رفض ما وضعه الفقهاء من مناهج أصولية وما تركوه لنا من ثروة فقهية ثرية بدعوى التجديد، فمن دعا للاستغناء عن هذا التراث جملة وتفصيلًا فقد ضاع وضيع غيره وضل الطريق، فلا بد من الاستفادة من هذا التراث ولكن بعقل منفتح.
ونحن نعتز بتراثنا ونتاج العقل الفقهى، لأن هناك جهودا مضنية على كل المستويات قد بذلت، أدلى فيها المسلمون بدلو غير منقوص، وعلى رأسهم الأزهر الشريف وأئمته وعلماؤه وطلابه.
مؤخرا تصدى الأزهر لمن يقدحون فى تراث الأمة.. وهناك فريقان الأول يقول إن هذا هو دور الأزهر فى التصدى لهؤلاء حتى وإن اتخذ المسار القانونى.. وفريق آخر يتهم الأزهر بأنه يريد أن يمارس سلطته الدينية على حساب الحريات.. فما تعليقك؟
سخر الله تعالى الأزهر على مر التاريخ لتبقى الوسطية فى الإسلام ويبقى الاعتدال، ورسالة الأزهر هى التأكيد على رفض الفكر المتطرف ومجابهة الأفكار الشاذة، بما يتوافق مع «تجديد الخطاب الدينى وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يقوم بجهود حثيثة لتبقى المسيرة الوسطية الأزهرية فى هذا البلد والعالم بأسره».
فضيلة المفتى.. تعلمون الجرح الذى تواجهه الأمة وهو اتهامها بـ«التطرف».. فكيف نرد على ذلك وما السبيل إلى تعديل هذا المفهوم ووضع الأمور فى نصابها؟
ظاهرة التطرف والإرهاب لا تعرف وطنًا ولا دينًا، وحمل لواءها جماعات إرهابية ذات عقليات مريضة ومنطق مشوه وقلوب جامدة، وعلى المجتمع الدولى أن يتوحد من أجل مواجهة هذه الموجة من الكراهية، ومواجهة نمو الفكر المتطرف، خاصة بعد تزايد انضمام أعداد كبيرة لتلك الجماعات من مختلف بلدان العالم.
وهؤلاء المتطرفون يعتمدون المنهج الحرفى للنصوص الدينية دون التعمق فى فهم معناها الحقيقى، حيث يتجاهلون قواعد الاستنباط العلمية وأقوال العلماء والجمع بين الأدلة الشرعية، كما أنهم يتجاهلون المقاصد العليا للشريعة الإسلامية مثل حفظ الأنفس والدين والعقل والعرض والمال التى صدرت الأحكام الإسلامية من أجل تحقيقها، ودفع الضرر عن الناس فى الدنيا والآخرة، وهو ما أدى إلى إفراز تطرف فكرى والانحراف عن المنهج الصحيح الذى يؤدى حتمًا إلى السلوك المتطرف.
ونحن فى دار الإفتاء نواجه هذا التهديد العالمى عبر أدوات كثيرة ومتعددة، فقد أعلنا حربًا فكرية ضد هذه الأيديولوجيات والمعتقدات المشوهة، ومواجهة تلك التفسيرات المشوهة للنصوص الدينية التى يقوم المتطرفون بلى عنقها وتشويهها ونزع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة من سياقها ليشوهون صورة الإسلام، والإسلام منهم براء، لذا نعمل على تفكيك الأفكار المتطرفة عبر عدة آليات وطرق، بعضها إلكترونى والبعض الآخر عبر إصدار الكتب والمقالات التى نشرت، بالإضافة إلى المشاركة فى العديد من المؤتمرات الدولية لمكافحة الفكر المتطرف والأيديولوجية المنحرفة، ودشنا أول مرصد من نوعه لرصد وتفكيك الفتاوى المتطرفة والآراء الشاذة للجماعات الإرهابية، وقد أصدر المرصد العديد من الفتاوى والتقارير المضادة التى كشفت عن التعاليم الصحيحة والسمحة للدين الإسلامى، وأكدت على أن تلك الأيديولوجيات المتطرفة الشاذة بعيدة عن تعاليم الإسلام الحقيقية نصا وروحًا على حد سواء.
هناك من يريد هدم ثوابت الإسلام، وذلك بالتشكيك فى الرموز والشخصيات الإسلامية المشهود لها عبر العصور بالدقة والصحة والثبات.. كيف ترون هذه القضية من وجهة نظركم؟
هناك ما يسمى بلجان إلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعى تتلقى تمويلا كبيرًا لإثارة الشائعات والنيل من الرموز الوطنية والعلماء، بجانب نشر الأفكار الهدامة التى تثبط الهمم وتنشر الفوضى فى المجتمع وتحاول تجنيد الشباب لتنفيذ مخططاتهم، والإسلام علمنا قيمة لا بد أن نلتزم بها جميعا، وهى أمانة الكلمة، لأن الكلمة يمكن أن تبنى أمة ويمكن أن تهدم دولة، ولذا رأينا النبى صلى الله عليه وسلم ربى الصحابة على هذه المعانى، حين يقول مثلا: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوى بها فى النار سبعين خريفا»، ويحذر النبى أمته من آفة نقل الأخبار بأى وسيلة من الوسائل فيقول: «كفى بالمرأ كذبا أن يحدث بكل ما سمع»، بل يؤكد على الوعيد الشديد لأولئك الذين تلوك ألسنتهم شائعات دون تثبت منها ومن مصادرها، فيقول صلوات ربى وسلامه عليه: «من قال فى مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال، قيل: وما ردغة الخبال يا رسول الله: قال: «عصارة أهل النار».
خلال الفترة الماضية قمتم بعدة زيارات خارجية إلى مختلف دول العالم وكان آخرها جزر المالديف والسعودية والمغرب.. من وجهة نظرك هل هناك رغبة دولية حقيقية فى مواجهة الأفكار المتطرفة ولماذا لا يكون هناك تعاون مشترك كبير بين هذه البلدان؟
دار الإفتاء سعت ولا تزال إلى نشر الوسطية والدفاع عن الإسلام، ولاحظنا هجومًا شديدًا فى الغرب على الإسلام ومحاولة تصويره على أنه دين يحض على العنف وسفك الدماء، فأردنا أن نقوم بدورنا للذود عن الدين، كما أنه توجد هناك أيضًا أقليات إسلامية فى الغرب لها قضاياها الدينية التى تريد الإجابة عنها، وهذا من واقع دورنا أيضا، والدار تقوم بدورها فى الداخل حتى فى المحافظات من خلال أفرعها المختلفة ومن خلال علمائها، وهى منظومة يكمل بعضها بعضًا، الغاية واحدة لكن الوسائل متعددة.
وكان للدار حضور مؤثر وقوى فى المحافل الدولية، التى كان فى مقدمتها الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبى، ومنتدى دافوس العالمى، والمفوضية الأوربية، واليونسكو، والبرلمان الدولى للأديان، ومراكز الأبحاث، بالإضافة إلى المشاركة فى أكثر من مائة وعشرين مؤتمرا دوليا فى كثير من دول العالم، كما احتفلت الدار بتخريج الدفعة العاشرة من البرنامج التدريبى لتأهيل المبعوثين على الإفتاء، الذى استمر لمدة ثلاث سنوات، حيث تخرج 24 مبعوثا من جنسيات مختلفة فى كثير من الدول، وفى قارات العالم المختلفة.
كما أوفدت الدار أيضًا علماءها فى عدة حملات وقوافل إفتائية إلى كثير من الدول الخارجية مثل دولة النمسا وهولندا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وسنغافورة وكازاخستان والبرتغال وإسبانيا وباكستان ودول غرب أفريقيا وأمريكا وجيبوتى والمغرب ولبنان واليونان وغيرها من دول العالم، مع العلم أن أغلب هذه الدول وغيرها يطلبون علماء من مصر ومن الأزهر الشريف ومن دار الإفتاء، بجانب إشادتهم بالدور المهم والفعال التى تقوم به دار الإفتاء المصرية، فإن دار الإفتاء معروفة بعلمائها الذين يقومون بنشر الفتوى الصحيحة بعشر لغات مختلفة حول العالم، فضلا عن التصدى للأفكار المتشددة والمتطرفة، وإيجاد خطاب إفتائى وسطى معتدل يلبى احتياجات الجاليات العربية والإسلامية فى كثير من دول العالم، وإبراز الشق الفكرى والبعد الدينى المتعلق بجهود دار الإفتاء لمكافحة الإرهاب والتطرف، بجانب القيام بمهمة تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الدين الإسلامى بالخارج، وهذا كله يضاف إلى دار الإفتاء.