السبت، 23 نوفمبر 2024 04:07 ص

56.7% من المتهمين ارتكبوا جرائمهم تحت تأثير المخدر.. و58% من المتورطين بقضايا هتك العرض "مدمنين".. و23.7% من القتلة "حشاشين".. خبير أمنى: المخدرات أكثر خطورة من الإرهاب

"الكيف والجريمة وجهان لعملة واحدة"

"الكيف والجريمة وجهان لعملة واحدة"
الإثنين، 27 أغسطس 2018 04:00 م
كتب ــ على عبد الرحمن
"المخدرات لحست عقله"، "بخاف أنام فى الشقة بسبب ابنى لأنه مدمن"، "عذب ابنى ولم يرحمه بسبب الكيف"، كلمات أصبحت تتردد على مسامعنا كثيرًا من محاضر أقسام الشرطة والنيابات من مجنى عليهم، وقعوا ضحية لمدمن مخدرات، لم يمكنه "الكيف"، الذى أفقده وعيه أن يميز أقرب الأقربين إليه سواء الأم أو الزوجة وحتى الأبناء والأشقاء فيعتدى عليهم بالضرب والسرقة بالإكراه وربما القتل، مثلما يعتدى على غيرهم، سعيا وراء إشباع نزواته الدنيئة المتمثلة فى تدخين سيجارة مخدرات أو استنشاق الهيروين، أو غيرها من المخدرات والمسكرات المختلفة.
 

وتعاطى المخدرات يرتبط ارتباطا وثيقا بالجريمة، فكثير ما نرى وقائع من أمثلة، "شاب يقتل أمه ويصيب شقيقه الأصغر بسبب المخدرات، وآخر يعذب طفله بسبب جرعة هيروين، وحبس عاطل قتل والدته بسبب المخدرات".

 

ارتباط المخدرات بالجريمة والعنف

 

تؤكد الدكتورة سهير عبد المنعم، أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ارتباط الجريمة بتعاطى المخدرات، مشيرة إلى أنه إذا كان هناك أسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية مرتبطة بالعنف، فالمخدرات والمسكرات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالعنف، والسرقة والنصب.

الدكتورة سهير عبد المنعم أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائيةالدكتورة سهير عبد المنعم أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية

 

وأضافت الدكتورة سهير عبد المنعم لـ "برلمانى"، أن متعاطى المخدرات والمسكرات يفقد السيطرة على نفسه وعلى أفعاله، ويدمر نفسه وأسرته، ما ينتج عنه تفكك فى العلاقات الأسرية، حيث يصل المدمن للدرجة التى يمكن خلالها أن يبيع نفسه وغيره، مطالبة بتعديل قانون مكافحة المخدرات، فيما يتعلق بالمتعاطى، فالمتعاطى يجب أن ننظر إليه كنظرتنا للمريض.

 

 

تعديل قانون مكافحة المخدرات

 

وأوضحت سهير عبد المنعم، أن القانون المصرى يعاقب المتعاطى بالسجن المشدد، ولو ثبت للقاضى أن المتعاطى وصل لدرجة الإدمان من حقه أن يوقف العقوبة ويضعه فى مصحة، والأفضل أن يكون هناك تدرج فى العقاب، فمثلا إذا تم القبض على متعاطى لأول مرة نعطيه دورة تأهيلية كى لا يعود للتعاطى مرة أخرى، وإذا ألقى القبض عليه مرة أخرى نحكم عليه بالعمل فى خدمة المجتمع، ونجعل السجن عقوبة الاتجار وليس التعاطى.

وأكدت أستاذ القانون الجنائى، أن الاتجار يؤدى إلى التعاطى والعكس، فمثلا متعاطى المخدرات حينما ييأس من الحصول على أموال لشراء المخدر، يلجأ مرغما إلى الاتجار لتوفير المخدر، وهنا تكمن الخطورة.

 

 

إدمان طلاب المدارس

 

الإحصائيات والدراسات الرسمية تكشف حجم الكارثة، وما خفى كان أعظم، خاصة، وأن الدراسات أظهرت أن الكارثة بدأت تنتشر فى المدارس، ففى النصف الثانى من عام 2017، أعلنتها وزارة التضامن الاجتماعى، أن نسبة التدخين بين طلبة المدارس الثانوى "العام والفنى"، بلغت 12.8%، وفق المسح القومى عن التدخين والمواد المخدرة والكحوليات بين طلبة المدارس الثانوى "العام والفنى"، وتعاطى مخدرات بلغت 7.7٪، ونسبة تعاطى الكحوليات 8.3٪ وتم إجراء المسح فى 13 محافظة.

كما كشفت الإحصائية أن 10% من المصريين يتعاطون المخدرات، وهذا ضعف المعدل العالمى، وأن 27.5 % من متعاطي المخدرات إناث، وأن سن تعاطي المخدرات انخفض إلى 10 و11 عاما، ففى الفئة العمرية من 12 إلى 19 سنة بلغت 10%، و37.8 % في الفئة العمرية من 20 إلى 29 سنة.

 

 المخدرات أخطر من الإرهاب

 

يتفق مع الإحصائية الأخيرة اللواء مجدي البسيوني، مساعد وزير الداخلية الأسبق، الذى يؤكد أن المخدرات كانت فى الستينات لا تخرج عن "الحشيش والأفيون"، ثم بدأ الهيروين ينتشر، وكل هذه المخدرات صناعة خارجية لتدمير شباب مصر، والهيروين، كان القصد منه القضاء على الأغنياء لأن الطبقة العاملة لم تقوى على شراء الهيروين لأنه باهظ الثمن، فسمعنا كثيرا عمن باع أرضه وقصوره وسيارته من أجل الهيروين، ومن لم يستطع شراء المخدرات يتوجه لاستنشاق "البنزين، والكُلة، وغيرها".

 

وتابع البسيونى لـ "برلمانى"، أنه عندما استشعرت بعض الدول الاستعمارية، أنها هدمت الشباب الأثرياء لجأت إلى سلعة مخدرة رخيصة لا تتجاوز بضع جنيهات، حتى تكون فى متنازل الفقراء، وهو البانجو، ثم العقاقير المصنعة كميائيًا، وانتشرت المخدرات بأشكالها بين الشباب والطلاب فى المدارس والجامعات، حيث أصبحت المخدرات متفشية وارتفع عدد المدمنين، وحينما يدمن الشاب تنعدم عنده العاطفة والإنسانية، فيلجأ لأى وسيلة توفر له المال لشراء المخدرات ومن هنا تأتى جرائم السرقة والقتل وغيرها.

وأكد مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن المخدرات أخطر من الإرهاب الذى نواجهه حاليًا، لأن الإرهاب محدود الأماكن والعناصر، لكن المخدرات قد تدخل بيوتنا وتدمر أبنائها ونحن لا ندرى، مشيرًا إلى أن جهود الأجهزة الأمنية وحدها لا تكفى للحد من انتشار المخدرات، ولكن يجب أن تتكاتف الدولة بدءًا من الأسرة وحتى المدارس والجامعات، والمؤسسات الحكومية، فيجب حينما نشك فى أن شخص يتعاطى مخدرات نحلل له، وإذا ثبت إيجابية العينة يتم فصله من عمله، أو إن كان طالبا يتم فصله عام دراسى مثلا.

 

علامات الإدمان .. وطرق الوقاية والعلاج

 

فيما يشير الدكتور عبد الرحمن حماد، مدير وحدة الإدمان بمستشفى العباسية الأسبق، إلى دراسة أعدها صندوق مكافحة الإدمان على نزلاء إحدى المؤسسات العقابية، أكدت الارتباط الوثيق بين تعاطى مخدر الحشيش وجرائم بعينها تفجع المجتمع المصرى الآمن بطبعه.

الدكتور عبد الرحمن حمادالدكتور عبد الرحمن حماد

 

وأكد حماد لـ "برلمانى"، أن نتائج هذه الدراسة التى أجريت مؤخرًا أشارت إلى أن 86% من مرتكبى جرائم الاغتصاب كانوا يتعاطون مخدر الحشيش وأن 58% من مرتكبى جرائم هتك العرض كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، وأن 23.7% من مرتكبى جرائم القتل العمد كانوا يتعاطون مخدر الحشيش ، وأن 24.3%من مرتكبى جرائم السرقة بالإكراه كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، و56.7 %من مرتكبى الجرائم كانوا يتعاطون المخدرات قبل ارتكابهم للجريمة بساعات، وهذا مؤشر قوى على العلاقة الوثيقة بين تعاطى المخدرات ووقوع الجرائم، وتشير الإحصاءات الرسمية أن 87% من الجرائم غير المبررة يأتى تعاطى المواد المخدرة كمحرك رئيسى لها.
 

وأوضح حماد، أن هناك علامات تظهر على الفرد، تنذر بأنه يتعاطى مخدرات،  يجب على الأسرة ملاحظتها، مثل تغيير فى السلوكيات، فيصبح مثلا منفعلا أو منطويا، وتغيير فى الهوايات فمثلا يترك رياضته المفضلة، وتدنى المستوى الدراسى، وظهور أصدقاء جدد فى حياته، وزيادة المصروفات، وغياب أشياء من المنزل، والتأخر لساعات طويلة خارج المنزل، وانخفاض أو زيادة فى الوزن ملحوظة، لأن بعض المخدرات تزيد أو تقل الوزن.

وأكد أنه فى حال اكتشاف الأسرة إدمان أحد أفرادها، لا يجب أن ينفعل عليه الآباء، ولكن يجب التعامل بهدوء مع هذه "الكارثة"، ومصارحته بأننا قلقين عليه، ونتحاج لمساعدك وإحساسه بالأمان وعدم العقاب، والذهاب به إلى طبيب متخصص لنحدد المشكلة وطريقة علاجها، وبعد العلاج يجب وضع عدة محاور لتجنب انتكاسته، مثل الاستمرار فى العلاج، وإبعاده عن أصدقاء السوء، وخلق هوايات جديدة وأصدقاء جدد.

وأشار مدير وحدة الإدمان بمستشفى العباسية الأسبق، إلى أنه لمنع هذه الكارثة، تؤكد الدراسات الحديثة، أنه إذا تحدثت الأسرة مع أبنائها فبنسبة 70% فلن يتعاطوا المخدرات، وللتحدث مع الأبناء عن المخدرات يجب أن تكون هناك لغة حوار بين أفراد الأسرة، واشتراك الآباء مع أبنائهم فى حياتهم، ومتابعة أصدقائهم وأوقات وأماكن خروجهم لكن دون أن يشعروا بأى نوع من التطفل.

 

 

 


print