محمد أبو شقة يتقدم بورقة عمل باعتبار الاستضافة حقا طبيعيا
المحكمة تقر أول حكم للاستضافة عام 2010
صلاح فوزى: الاستضافة "تخرب" عقول الصغار
تستعد اللجنة التشريعية بمجلس النواب لفتح الملف الأكثر جدلا فى الشارع المصرى، وهو تعديل قانون الأحوال الشخصية المصرى، والذى يضم مجموعة القواعد القانونية التى تنظم علاقة الأفراد فيما بينهم من حيث صلة النسب والزواج وما ينشأ عنه من مصاهرة وولادة وولاية وحضانة وحقوق وواجبات متبادلة وما قد يعتريها من انحلال تترتب عليه حقوق فى النفقة والحضانة والإرث والوصية.
ومن أبرز الموضوعات التى أثارت الرأى العام حتى قبل مناقشة القانون رسميا داخل البرلمان، ما يتعلق بملف الحضانة، خاصة فيما يتعلق بمنح الطرف غير الحاضن حق الاستضافة، وهو ما كان مثار اعتراض الكثير من الأمهات بحكم أن القانون يمنحهم الأولوية فى الحضانة على حساب الأب.
ورغم توقيع مصر على ميثاق حقوق الطفل العربى الصادر من جامعة الدول العربية والذى صدقت عليه مصر بتاريخ 11 يناير 1994 ونصت فيه المادة 30 على أنه "إذا كان المحضون فى حضانة أحد الأبوين فيحق للآخر استزارته واصطحابه حسبما يقرره القاضى"، كذلك الميثاق الإفريقى لحقوق ورفاهية الطفل والذى أقر فى أديس أبابا وصدقت عليه مصر بتاريخ 9 مايو 2001 نصت فيه المادة 19 على أن يكون من حق كل طفل التمتع بحماية ورعاية والديه ويكون له الحق فى الإقامة مع والديه ولا يفصل أى طفل عن والديه رغما عنه، لذلك فإن كل هذه الاتفاقيات هى عبارة عن معاهدات وقعت عليها مصر وصدقت عليها وسرى فى حقها العمل بموادها التى تعد لها قوة القانون، إلا أنه لم يتم تعديل القانون المصرى ليتوافق مع المعاهدات الدولية الموقعة عليها.
وكان عدد من رجال الإفتاء قد أكدوا فى وقت سابق أنه تحقيقا لمصلحة الصغير وتحقيقا للمنشود فى شريعة الحضانة ورعاية المحضون على الوجه الأكمل أن يشمل مبيت الصغير لدى والده فى إجازتى نصف العام الدراسى ونهايته وفى الأعياد الرسمية.
وفى هذا السياق فقد أعد المركز الوطنى للاستشارات البرلمانية، ورقة بحثية عن قانون الأحوال الشخصية الحالي، وبعض المواد المطلوب استحداثها بالقانون فى التعديلات المرتقبة عليه، فى شأن تطبيق الاستضافة.
وقال المركز إن مطالبات تطبيق الاستضافة بدأت منذ عام 2009، كما أن أول حكم محكمة يقرها كان عام 2010، مشيدًا بمشروع قانون الوفد للأحوال الشخصية المقدم للبرلمان، والذى أقرها فى مواده.
وطالب نواب البرلمان ومؤسسات الدولة بضرورة دعم القانون المقدم، لما له من نتائج إيجابية لمصلحة الطفل وتحقيق العدل.
وأشار المركز إلى أن الاستضافة أو الاصطحاب كما يعرفها مشروع قانون الوفد للأحوال الشخصية، لا تقل عن يوم فى الأسبوع وأسبوع فى نصف العام وشهرا فى آخر العام والأعياد مناصفة بحسب ما يتناسب، وأن تكون رضاءً، وعند الخلاف يحكم بها القاضى وفقا لمصلحة الصغير، وبها ما يكفى من الضمانات التى تحفظ حقوق الطفل والطرف الحاضن والغير حاضن.
ولفت إلى وجود ورقة عمل كان قد تقدم بها الدكتور محمد بهاء الدين أبو شقة أستاذ القانون الجنائى بجامعة أكتوبر-وقتها-، عام 2009 إلى المجلس القومى للطفولة والأمومة أشار فيها إلى الآتي:
-رؤية الصغير تعتبر حقا طبيعيا كفله الشرع الحنيف وكرسته مذاهب الفقه الإسلامى قبل أن يعرف طريقه الى القوانين الوضعية ولا ينشأ هذا الحق فى الواقع والقانون إلا حال انقسام عرى الزوجية التى أثمرت صغيرا.. وفى واقع الحال أن هناك أوجه قصور فى التشريع الحالى أفرزتها الممارسة العملية تتمثل فى أن التنظيم التشريعى لحق الرؤية من حيث المدة يجعل حدها الأقصى لـ 10 ساعات أسبوعيا والتى درجت الممارسة القضائية على التزام الحد الأدنى لها وهى 3 ساعات أسبوعيا فقط تبدو قصيرة للغاية، ولا تحقق الغرض المقصود من كفالة حق الرؤية.
كما أن التنظيم التشريعى الحالى قد خلا تماما من وضع جزاء حاسم للتحايل أو الالتفاف على حق الرؤية سواء بمنعه أو تعطيله بأى صورة من الصور بما يحدث خللا فى التوازن التشريعى المطلوب بالنظر الى نص المادة 292 من قانون العقوبات التى وضعت عقوبة جنائية حال عدم رد الصغير الى الحاضن مرة أخرى.
كما تضمنت ورقة العمل المقدمة من أبو شقة، مجموعة من المقترحات للأخذ بها فى هذا الصدد منها ضبط مصطلح حق الرؤية فى صلب القانون بتحديد مضمونه على نحو يتسع ليشمل المشاركة الفعالة للطرف الغير حاضن فى رعاية صغيره، وتعديل مدة الرؤية لتكون يوما كاملا ومبيت ليلة كل أسبوع على أن يراعى تجميع تلك المدة وعدم سقوطها حال تعذر ذلك كل أسبوع فضلا عن وجوب النص على حق الطرف غير حاضن فى أن يصطحب صغيرة لمدة شهر متصل أو منفصل خلال فترة الصيف فضلا عن حقه فى اصطحابه للصغير فى المناسبات والأعياد الدينية وإجازة نصف العام.
كما تضمنت ضرورة تنظيم مسألة سفر الصغير صحبة الطرف الحاضن خارج البلاد بوجوب الحصول على إذن بذلك من القاضى الوقتى بعد سماع أقوال الطرف الغير حاضن، بالإضافة إلى ضرورة استحداث تنظيم يواجه حالات الامتناع عن تنفيذ أحكام الرؤية أو عرقلتها، مع وجوب النص على اعتبار العودة إلى الامتناع أو التعطيل ظرفا مشددا يجعل من عقوبة الحبس وجوبية.
وأشار المركز، إلى أنه فى 2010 أصدرت محكمة استئناف القاهرة لشؤون الأسرة أول حكما بتمكين أب من رؤية طفليه، عن طريق استضافتهما لمدة يوم كامل، وكان هذا الحكم سابقة فى دعوى رؤية، وصدر الحكم برئاسة المستشار محمد عرفة وعضوية المستشارين عبدالله الباجا نائب رئيس المحكمة، والمستشار محمد عبد المقصود، مضيفًا أن المحكمة فى هذه القضية قالت إنها حاولت تجاوز القصور التشريعى فى مسألة الاستضافة بهذا الحكم، وتعتبر هذه فكرة جديدة وهى "التسليم والتسلم" فى المواعيد والأوقات المتفق عليها بدون تشريع نظرا لشعور المحكمة بمعاناة حرمان الأب من ابنيه.
ولفت إلى أن المحكمة اعتبرت أن هذا الحكم يتغلب على قصور التشريع الخاص بالاستضافة، حيث إن جميع قوانين الأسرة لا تسمح للأب باستضافة ابنه ولا تسمح له سوى برؤيته إلا لساعات قليلة من ثلاث ساعات إلى أربعة فقط، وهذا لا يتناسب قطعا مع القدر الذى يسمح للأب بتربية صغيرة ولاسيما لو كان ذكرا وتخليقه بأخلاق وعادات الرجال.
ونوه المركز الوطنى للاستشارات البرلمانية، أنه بعد هذا الحكم التاريخى ظهرت بعض أحكام الاستضافة فيما بعد كحكم محكمة زنانيرى لشئون الأسرة بتمكين أب من رؤية طفلتيه التوأمتين، ولأول مره باستضافتهما فى بيته يومين شهريا.
وعن الضوابط التى وضعها مشروع القانون المقدم من حزب الوفد لتنظيم الاستضافة، يقول الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب ومقدم مشروع الوفد للأحوال الشخصية، إن مادة الاستضافة تحتوى على الكثير من الضمانات والعقوبات والضوابط التى تحمى حقوق الجميع، وتتيح الاستضافة أو تمنعها وتستبدلها بالرؤية طبقا للأسباب ووفقا لما يراه القاضي، كما تنص على الاستضافة بالاتفاق وإذا تعذر تكون عن طريق حكم قضائي، بالإضافة إلى أنها لا تنحاز لطرف على حساب الآخر ولا يوجد هدف منها سوى المصلحة العليا للأبناء.
وعلى جانب آخر عارض الدكتور صلاح فوزى، الفقيه الدستورى، تطبيق الاستضافة، قائلا: "الاتفاقات بالفعل لها قوة القانون ولكن من المعتاد أن يتناول القانون أمور مغايرة لأن الأساس هو الشريعة الإسلامية".
وقال "فوزى" فى تصريح لـ "برلمانى"، إن الحديث عن الاستضافة لا يمكن اجتزاءه من السياق الكامل للمواد، مضيفا:" لابد أن تكون الاستضافة مشروطة نصا بوفاء الطرف غير الحاضن وهو الأب بالتزاماته المادية والقانونية، لأنه ليس من الطبيعى منح أب لا ينفق على أبنائه الحق فى استضافتهم".
وأضاف الفقيه الدستورى: "أن ثقافة المجتمع للأسف تسيطر عليها التعنت والعداء فى حالات الطلاق الأمر الذى قد ينعكس على الصغار وهو ما قد يؤدى إلى تخريب عقولهم فالأهم فى كل الأحوال هو مصلحة الصغار"، لافتا إلى أن الطرف غير الحاضن قد يهرب بالأطفال خلال مدة الاستضافة مؤكدا أن إدراجهم على قوائم الممنوعين من السفر لا يمنع هروبهم داخليا.
واقترح "فوزى" بأن الولاية التعليمية فى جميع الأحوال للطرف الحاضن، مشيرا إلى أن قانون الطفل ينص على ذلك لأم، ولكن لا يتم تنفيذها إلا يحكم من قاضى الأمور الوقتية"، كذلك منع الصغار من السفر بقوة القانون إلا بصحبة الطرف الحاضن .
كما اقترح أيضا "إذا تعدد الصغار لا تنتهى حضانة الأم إلا ببلوغ أصغرهم السن القانونية لانتهاء لحضانة، لأن ذلك سيكون فيه إيذاء لمشاعر الصغار".