قوارب الموت أو الهجرة غير الشرعية، ظاهرة عانت مصر من تزايد معدلاتها لسنوات، دفع خلالها مئات من الشباب الحالم والطامح لحياة أفضل روحهم الثمن بعد وقوعه فى شباك سماسرة الموت الذين يستولون على أموالهم ثم يلقون بهم للمجهول.
فى السنوات الأخيرة، أحرزت مصر تقدم كبير فى ملف الهجرة غير شرعية، وتمثل هذا الأمر فيما أعلنت عنه السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، فى تصريحات لها فى 12 أغسطس الماضى، وتتمثل فى أن عام 2017 لم يشهد أى حالات للهجرة غير الشرعية عبر السواحل المصرية، وذلك نتيجة الجهود المتضافرة بين وزارات الحكومة المصرية المعنية بهذا الملف، والتصدى لهذه الظاهرة بشكل فعلى وجاد للحفاظ على أرواح شبابنا.
وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج أشارت فى تصريحاتها إلى نقطة أخرى وهى أن افتتاح رئيس الجمهورية لمشاريع الاستزراع السمكى بمحافظة كفر الشيخ كان ضربة قاسمة لظاهرة الهجرة غير الشرعية، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه من المفروف أن محافظة كفر الشيخ كانت واحدة من أكثر المحافظات التى تعانى من ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
السؤال هنا ما دلالة تصريحات وزيرة الهجرة عن خلو عام 2017 من تسجيل حالات هجرة غير شرعية فى مصر؟، وكيف حدث هذا التحول الهام فى مواجهة تلك الظاهرة؟، وكيف عانت البلاد منها على مدار السنوات الماضية؟.
فى دراسة تم نشرها فى سبتمبر 2016 من تقديم المجلس القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بالتعاون مع وزارة الخارجية، آنذاك، تحت عنوان "الهجرة غير الشرعية للشباب المصرى"، وأشارت إلى أن الفعلى للظاهرة فى مصر بدأ فى 2001 ، بعدما تم القبض على 649 شابا وازداد تدريجيا حيث وصل فى 2007 إلى عدد 2015 شابا.
الدراسة أضافت أن مصر تحتل المركز السابع بين أعلى عشرة جنسيات للمهاجرين فى البحر إلى إيطاليا خلال الفترة من 2012 حتى 2015، كما تحتل الترتيب الـ11 بين أعلى الدول المرسلة للمهاجرين غير الشرعيين لليونان، والترتيب العاشر بالنسبة للهجرة غير الشرعية إلى مالطا فى 2014.
فى السياق ذاته، فى 28 يونيو 2016، أوضح فابريس ليجيري، رئيس وكالة حرس الحدود الأوروبية "فرونتكس"، فى تصريحات أوردتها وكالات أنباء عالمية، أنه قلق للغاية من تزايد أعداد المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا بحرًا انطلاقاً من مصر، مشيرًا فى هذا التوقيت إلى مصر بدأت فى التحول لبلد انطلاق المهاجرين.
تلك الأرقام السابق الإشارة إليها ثم التحذيرات العالمية من تحول مصر إلى مركز انطلاق للمهاجرين، إضافة إلى دفع مئات من الشباب المصرى حياتهم ثمن السقوط فى فخ سماسرة الموت وعصابات الهجرة غير الشرعية، دفعت الدولة المصرية لاتخاذ العديد من الخطوات الهامة للتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة.
فى جمعية النواب العموم بأفريقيا، قال النائب العام المستشار نبيل أحمد صادق نائب رئيس جمعية النواب العموم بإفريقيا حرص الدولة المصرية على مكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المهاجرين وذلك عن طريق الانضمام للعديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية لمكافحة تلك الجريمة.
وأشار النائب العام إلى أن الدولة المصرية وضعت استراتيجية نحو القضاء على الجريمة المنظمة وتهريب المهاجرين وذلك عن طريق التعاون والتنسيق بين الوزارات المصرية المختلفة لتقديم كافة المساعدات والخدمات للمجنى عليهم ضمانا لسلامتهم، كما التزمت التشريعات القضائية والشرطية ضمانه للتعاون الدولى.
ما قاله النائب العام فى جمعية النواب العموم بأفريقيا، هو واحدة من الخطوات التى اتخذتها الدولة المصرية من أجل مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، ويضاف إليه جزئية أخرى متعلقة بالتوعية، وفى هذا الإطار تم شن العديد من الحملات وتدشين برامج التوعية وأحدثها ما تم الإعلان عنه فى 4 أغسطس الماضى من قبل الحكومة عن تدشين 140 برنامجا توعويا للشباب والأسر حول مخاطر الهجرة غير الشرعية.
ووفقًا للتقارير الرسمية فإن البرامج الحكومية التى تم تقديم خطتها لمجلس النواب من المتوقع أن تتكلف 48 مليون جنيه، وتتمثل فى توفير البدائل الإيجابية من فرص العمل اللائق وتنفيذ أنشطة التنمية المجتمعية بالمحافظات المستهدفة وذلك من خلال تنظيم 140 برنامجا توعويا للشباب والأسر بالإضافة إلى برامح للتدريب والتوظيف وريادة الأعمال يستفيد منها 3 آلاف أسرة وشاب.
وبخلاف تلك البرامج المشار إليها كانت هناك خطوات سابقة أخرى منها ما حدث فى 17 أكتوبر 2016 من موافقة مجلس النواب بصفة نهائية على مشروع قانون الهجرة غير شرعية بموافقة 402 عضوا، ثم تلى إقرار القانون، خطوة أخرى فى 23 يناير 2017 وهى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 192 لسنة 2017 بتشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
الفكرة مما سبق أن خطوات اتخذتها الحكومة سواء على الصعيد الخارجى بالتعاون مع دول الجوار أو الدول الأوروبية من أجل الحد من عمليات الهجرة غير الشرعية أو على الصعيد الداخلى من ضبط التشكيلات العصابية وسماسرة الموت، وكذلك تدشين البرامج توعية ومحاولات توفير فرص العمل خصوصا فى المحافظات التى تنتشر فيها الظاهرة بكثافة، إضافة إلى ذلك إقرار قانون جديد لمواكبة العصر والتحديات، فإن كل هذا ساهم فى الحد إلى حد كبير من الظاهرة.