وجاء الإعلان بعد أقل من 24 ساعة من صدور تقرير الصندوق عن مؤشرات النمو السنوية فى أفريقيا والشرق الأوسط، والذى أشاد بتطبيق مصر لبرنامج الاصلاح الاقتصادى الطموح، مؤكداً أنه أسهم فى أقل من عام فى تراجع العجز الخارجى والمالى وارتفاع معدلات النمو، علاوة على استقرار الأوضاع بما فى ذلك عجز العملة الاجنبية وتعزيز المساعدات الاجتماعية وزيادة الاستثمارات الخاصة والنمو الاقتصادى.
وتزامن تقرير صندوق النقد أمس، مع إعلان البنك الدولى تقريره السنوى الذى رفع سقف توقعاته لأداء الاقتصاد المصرى، مؤكداً أن معدل النمو سيرتفع إلى 5.3 % خلال 2018، ويسجل 5.6% خلال 2019، فيما ثبت البنك توقعاته لمعدل النمو فى 2020 عند 5.8%.
وبدأت رحلة مصر مع قرض صندوق التقد الدولى، فى عام 2016 بعد موافقة الصندوق على منح مصر قرض بقيمة 12 مليار دولار، يصرف على 3 دفعات و6 شرائح، وذلك بشرط تبنى مصر برنامج إقتصادى قوى وإصلاحات هيكلية جريئة تتمثل فى تحرير سعر الصرف وخفض العجز فى الموازنة العامة للدولة، كنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى، وإعادة هيكلة منظومة الدعم، وتطبيق حزمة من برامج الحماية الاجتماعية تمتص أثر البرنامج الاقتصادى على المواطنين، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وإصلاح المنظومة الضريبية ورفع كفاءتها والسيطرة على الدين العام.
واستلمت مصر الشريحة الأولى من الصندوق فى نوفمبر 2016 بقيمة 2.75 مليار دولار، وبعد إجراء المعالجة الأولى وإشادة الصندوق بالإصلاحات الاقتصادية لمصر، استلمت مصر الشريحة الثانية فى يوليو 2017 بقيمة 1.25، والشريحة الثالثة فى ديسمبر 2017 بقيمة 2 مليار، والشريحة الرابعة فى يونية 2018 بقيمة 2 مليار.
وخلال مراجعات الصندوق، أشاد خبرائه بمدى التقدم الذى يحققه برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تنفذه الحكومة المصرية فى تخفيض العجز الخارجى والمالى ورفع معدلات النمو، بعد عام واحد من تنفيذه، مشيدا بتوقيت زيادة رفع أسعار الوقود وآلية التنفيذ بيد الحكومة المصرية، بالإضافة إلى السياسات التى يتبعها البنك المركزى المصرى لاستهداف التضخم حيث تراجع من 33% إلى نحو 14% ومن المتوقع أن يصل إلى 13% بنهاية العام، ومدى التزام الحكومة بتعزيز الإدارة الضريبية الذى يهدف لخلق الحيز المالى المطلوب للاستثمار فى الصحة والتعليم والبنية التحتية، وإقامة شبكة مستدامة للأمان الاجتماعي.
وذكر تقرير لصندوق النقد الدولى السنوى، أن البرنامج الحكومى المصرى كان له دور أساسى فى استقرار الأوضاع المالية، بما فى ذلك انتهاء أزمة نقص العملة الأجنبية، كما زادت برامج الحماية الاجتماعية وانتعشت الاستثمارات الخاصة ومستويات النمو الاقتصادى.
ومن جانبه أشاد سوبير لال رئيس بعثة الصندوق لمصر فى مقاله عبر موقع صندوق النقد الدولي؛ حيث أوضح كيفية مواجهة مصر للثلاث تحديات التى تواجها، موضحا أن الاستفادة من النمو السكانى السريع ضرورية، خاصة وأنه من المتوقع انضمام نحو 3 ملايين شاب إلى سوق العمل خلال الـ5 سنوات المقبلة، مما يجعل استيعابهم بمثابة تحدٍ يواجه مصر، ورغم ذلك، فهو يخلق فرصة هائلة لتسريع النمو إذا تمكنت مصر من العمل على بزوغ قطاع خاص قوى ونشط لتشغيل هذا الجيل من العمالة فى وظائف منتجة.
وأشار لال، إلى التحدى الثانى المتمثل فى تحديث الاقتصاد، خاصة وأن مصر تمتلك إمكانات هائلة بفضل تعداد سكانها البالغ حوالى 100 مليون نسمة وموقعها الجغرافى الذى يتيح مدخلاً ممتازاً للأسواق الأجنبية المهمة، ولكن التنمية الاقتصادية ظلت مكبوحة بسبب تركة السياسات الاقتصادية المنغلقة، وضعف الحوكمة، والدور الكبير الذى تقوم به الدولة فى النشاط الاقتصادى والذى أسفر عن سوء توزيع كبير للموارد.
وأوضح أن تحديد أسعار صحيحة للوقود يساعد على رفع كفاءة الاقتصاد حتى لا تتجه الاستثمارات إلى القطاعات كثيفة الاستخدام لرأس المال والطاقة، وبدلاً من التركيز على هذه القطاعات، ينبغى توجيه الاستثمارات إلى القطاعات المنشئة؛ لفرص العمل والمفيدة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تنتفع بمواطن القوة فى مصر وتساعدها على الاندماج فى سلاسل العرض العالمية، كما يؤدى تخفيض دعم الطاقة أيضا إلى تحرير موارد للإنفاق على الصحة والتعليم، وهما قطاعان ضروريان لتحقيق النمو الاقتصادى والتقدم المجتمعى على أساس طويل الأجل.
وأضاف حول التحدى الثالث المتمثل فى إتاحة شبكة أمان اجتماعى حديثة لحماية الضعفاء، أنه مع بدء مصر فى تحديث اقتصادها وتعزيز تنافسيته، سيكون من الضرورى أيضا مواصلة تخفيض الدين العام إلى مستوى يمكن الاستمرار فى تحمله على المدى الطويل، والتحدى القائم هو ضمان حماية شرائح المجتمع الأضعف أثناء هذه العملية، وحماية موارد المالية العامة للإنفاق على الصحة والتعليم.
وكانت بعثة الصندوق قد زارت مصر فى مايو الماضي، واعقب استكمال المراجعة الثالثة، حصول مصرعلى مليارى دولار، ليصل إجمالى المبالغ المنصرفة إلى 8 مليارات دولار، فيما يتبقى لمصر شريحتين من القرض بقيمة 2 مليار دولار لكل منهما، ستتسلمها الحكومة خلال العام المالى 2018- 2019 .