أجاب أيمن الظواهرى على السؤال المشار إليه وقال :" سوف ادخل مصر إن شاء الله فاتحاً" ،ومنذ هذا التوقيت وحتى اليوم، لم يغب عن باله حلم إخضاع مصر إلى ولايته وفتحه ،ولم تنتهى محاولاته لتحقيق هذا الحلم ،دانت له ولرجاله مناطق كثيرة فى العالم ،وركعت لحكم الإرهاب ،لكنه لم ينس أبدا ثأره الشخصى مع مصر ،سواء وهو يعامل معاملة رؤساء الدول أثناء حكم طالبان ،أو عندما كان مطاردا فى جبال وكهوف "تورا بورا".
"عقدة مصر" ظلت تلاحق أيمن الظواهرى منذ أن خرج منها ،واليوم تتضاعف بعد القبض على هشام عشماوى أخر رجاله الذى كان يراهن عليهم ،حتى يصير للقاعدة موطئ قدم فى مصر ،حاول من قبل كثيرا ،وفى كل مرة كان يفشل ،والان يفشل مجددا ،وفى السطور القادمة محاولة لرصد أهم إخفاقات الظواهرى فى مصر
شيماء ..الطفلة التى أطاحت بجماعة الظواهرى من مصر
فى نوفمبر عام 1993 نفذ تنظيم الجهاد "التكفيرى" محاولة إغتيال فاشلة إستهدفت عاطف صدقى رئيس وزراء مصر أنذاك ،لكن العناية الالهية أنقذته ،بأن خرجت سيارته من دائرة الانفجار ب"أجزاء من الثانية "وما بين الأقواس هو تعبير إستخدمه أيمن الظواهرى نفسه فى كتاباته لتبرير العملية ،أما لماذا كان مضطرا لتبرير العملية ؟ ،فالاجابة أنها خلفت وراءها مقتل طفلة لم يكن قد تجاوز عمرها ال12 عاما بعد.
ظل «أثر شيماء» يلاحق الظواهرى ، حيث اضطر إلى أن يصدر رسالة عام 1996 تحت عنوان «شفاء صدور المؤمنين» حاول فيها أن يجد مخرجا لأزمة قتل المدنيين فى مثل هذه الأحداث، حيث أشار إلى أن التنظيم اختار أداء الدية إلى أولياء القتيل باعتبار أن هذه هو أشد الآراء فى المسألة، بحسب تعبيره، ثم كرر هذا التعهد فى كتابه الشهير «فرسان تحت راية النبى» الذى نشر فى عام 2001، ثم وصل به الأمر إلى أن عرض أداء الدية على أهل شيماء فى كتاب «التبرئة» الذى صدر عام 2007.
بعد أحداث 11 سبتمبر أصدر مركز مكافحة الإرهاب التابع للجيش الأمريكى تقريرا هاما بعنوان «stealing al qaeda>s playbook» أو «سرقة قواعد اللعبة التى يمارسها تنظيم القاعدة»،وقال التقرير نصا :" إن الولايات المتحدة الأمريكية فى مواجهتها مع الإرهاب لابد أن تستثمر قوة «أثر شيماء» خاصة، فى نشر صور الهجمات الجهادية التى قتلت أطفالا مسلمين، وأوصى كذلك بتمويل حملات الدعاية التى تركز على تحويل الرأى العام المسلم ضد الجهاديين، ولكن بصورة خفية جدا، وبأسلوب غير مباشر."
مراجعات الجهاد والجماعة الاسلامية ..طعنة أصابت الظواهرى فى مقتل
بكل ضراوة هاجم أيمن الظواهرى إعلان الجماعة الاسلامية وقف العمليات القتالية داخل مصر عام 1997 ،الذى تطور بعدها ليصبح مبادرة وقف العنف ،وصفها وقتها ب"تراجعات السجون" ،كان أحد مصادر التشكيك فيها ،قال أكثر من مرة أن من فى السجون أرغموا عليها ،وأن المتواجدين خارج مصر لم يوافقوا على ما جاء فيها ،تحدث أيضا عن رفض عمر عبد الرحمن "الزعيم الروحى " للجماعة للمبادرة ،وكانت الجماعة تضطر للرد عليهخوفا من تفكيك المبادرة ،وتشكيك الكوادر داخل السجون فى صدقها
الضربة الأقسى على أيمن الظواهرى كانت مراجعات جماعة الجهاد التى كان هو ينتمى إليها ،جن جنونه وقتها فعليا ،ظهر فى تسجيلات صوتية يهاجمها ،ثم أصدر كتابا على عجل يقترب من ال300 صفحة للرد على ما جاء فى المراجعات ،والهجوم الضارى على صاحبها سيد إمام الشريف ،بعد الانتهاء من نشرها بأيام قليلة ،لكنه مع ذلك لم يتمكن من إيقاف قطار المراجعات
محمد خليل الحكايمة ..مؤامرة الظواهرى الفاشلة
بالتزامن مع الذكرى ال10 لمبادرة وقف العنف ،اراد الظواهرى أن يقفز على هذه المناسبة ،فزعم أن القاعدة أسست فرعا لها فى مصر "القاعدة فى أرض الكنانة" ،يتزعمه محمد خليل الحكايمة ،وهو كادر تكفيرى قديم خرج من مصر قبل هذا الاعلان بسنوات طويلة ،ولم يعد اليها ،ولاحقا اعلن عن مقتله فى غارة أمريكية بمنطقة وزير ستان ،بعد هذا الاعلان بعام واحد فقط ،ويكفى للتدليل على فشل هذا الاعلان ،وأنه كان سرابا كبيرا ،أن هذا التنظيم رغم أنه يحمل إسم القاعدة لم ينفذ عملية واحدة فى مصر ،وتبرأ منه قيادات تابعة للجماعة الاسلامية كان الظواهرى قد زج بأسمها أثناء الاعلان عن هذا التنظيم
الرهان الخاسر على الاخوان
مثل نظام حكم الاخوان لدى كل التنظيمات التكفيرية فرصة للسيطرة على الدولة المصرية ،حتى وإن كانت الخلافات ظاهرة بينها وبين الجماعة ،وهذا ما يسرى على ما بين القاعدة والاخوان ،وكل هذا أنهار فى 30 يونيو ،واللافت أن خطاب الظواهرى المتعاطف مع مرسى والاخوان قد ظهر للعلن بعد فض إعتصام رابعة ،واتجاه الجماعة لحمل السلاح ضد الدولة المصرية ،هنا بدأ الظواهرى يخاطب الاخوان بود ،ويطالب شبابهم بالانضمام الى القاعدة ،بل ظهر فى يوم من الأيام أبو محمد الجولانى زعيم جبهة النصرة –فرع القاعدة فى سوريا قبل فك الارتباط التنظيمى بينهما – دعا شباب الاخوان للانضمام الى جبهته وقال نصا :"ان فكر القاعدة لا يختلف فى شئ عن فكر الاخوان"
هشام العشماوى ..سقوط الرهان الاخير
فى مسافة الخلاف التى نشأت بين أيمن الظواهرى وأبو بكر البغدادى ،نفذ هشام العشماوى بجماعته ،كان هو بحسب المعلومات المعلنة قائد ما يسمى ب"خلايا الوادى" فى تنظيم أنصار بيت المقدس "التكفيرى" ،وبعد إعلان هذا التنظيم الانضمام إلى داعش ،ظهر عشماوى بتسجيل صوتى يحمل مقدمة صوتية لأيمن الظواهرى لتصبح هذه إشارة واضحة على أن هذا التنظيم يتبع القاعدة المنافس فى الارهاب لداعش
والشاهد أن المجموعة التى أحاطت هشام عشماوى ،كانت هى نفسها التى أحاط عدد منها بحازم صلاح أبو إسماعيل الذى رشح نفسه يوما ما لرئاسة مصر ،واليوم سقط العشماوى وأستحالت أحلام الظواهرى فى السيطرة على مصر إلى كوابيس