- الجندى محمود مبارك فقد عينيه فى مواجهة الإرهاب وقال أثناء تكريمه: «لو رجع بى الزمان ألف مرة هقدم عينى فداء للوطن»
«إذا كان الجيش المصرى استطاع أن يفعلها مرة فإنه يستطيع أن يفعلها كل مرة»، هكذا تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الندوة التثقيفية التاسعة والعشرين للقوات المسلحة، وهى الكلمة التى كان يؤكد فيها أن الجيش على عهده دائما فى حماية كل شبر من أرض مصر وكل مواطن، فى كل زمان، فى إشارة إلى بطولات القوات المسلحة المستمرة فى مواجهة الإرهاب طوال ما يقرب من 6 سنوات، مؤكدا أن عقيدة الجيش المصرى مستمرة فى مواجهة العدو مهما تغير شكله أو اختلفت ملامحه، وقد أكد الرئيس أيضا أن «معركة الأمس غير معركة اليوم فى أدواتها.. والعدو والخصم كان واضحا وأصبح الآن غير واضح وبقى معانا وجوانا»، لكن «الإرادة الإلهية حالت دون وقوع مصر.. وربنا نجّا مصر».
«إذا كان الجيش المصرى استطاع أن يفعلها مرة فإنه يستطيع أن يفعلها كل مرة»، كانت مقولة الرئيس تتردد داخل أرجاء القاعة التى كان يكرم فيها الجندى محمود مبارك ابن مركز الفتح، بمحافظة أسيوط، الذى فقد عينيه فى العملية الشاملة سيناء 2018، وذلك أثناء مواجهته للعناصر الإرهابية فى نطاق عمله بشمال سيناء، كانت كلمات محمود مؤثرة للغاية، تتحدث عن بطولات قادته وبطولات زملائه فى مواجهة العناصر الإرهابية، يقول محمود: إن حماية الوطن بنور عينىّ ستحمى الأطفال والرجال والسيدات وكل المجتمع المصرى، ولو رجع بىّ الزمان ألف مرة سأقدم عيناى فداء للوطن.
محمود كان يحكى قصته وكله أمل وقناعة بأن ما فعله لأجل وطنه فقط، وأنه صار وساما على صدره ما فقده من جسده، انتهى محمود من كلامه أعقبه ملحمة أخرى جسدها فيلم من إنتاج إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة، بعنوان «القرار»، تحدث أيضا فيه الأبطال عما يحدث فى سيناء من تضحيات متواصلة، عبر نماذج شبابية، أعقبه عرض للأطفال يكمل مسيرة الفيلم ويتحدث فيه الأطفال عن مسيرة الوطن، كل ذلك قد يكون سببا رئيسا فى دفع الرئيس دفعا، لأن يقول إنه سيتحدث بصفته مواطنا مصريا، وليس رئيسا للجمهورية، فجاءت الكلمة غير معدة مسبقا، وترتبط بسياق الأحداث، ومرت الكلمة فى استرسالها تدور حول عدة أهداف كان من بينها ما تواجهه مصر حاليا فى حربها ضد الإرهاب، كان الرئيس صادقا فى حديثه كعادته، تحدث فى حرب أكتوبر ومعايشته لظروف مصر، مواجها الحقيقة بالإعلان عنها، ويتحدث بلسان شخص رأى مصر على حقيقتها المجردة، لذلك لن يتوانى عن إعلان ذلك.
كان الرئيس عبدالفتاح السيسى، يرسخ لحقيقة مؤكدة، أن حرب مصر ضد العدو ليست كسابقتها من الحروب، وأن ما تواجهه مصر الآن عدو داخلى، وعدو بمفردات مختلفة، يحاول أن يثنى مصر عن مستقبلها، ويعمل على تدمير الأجيال، مستشهدا بمقارنة بين الإرهابى هشام عشماوى، وهو أحد ضباط الجيش المصرى السابقين، والذى انضم لتنظيم إرهابى، ثم كان أحد المؤسسين لتنظيم المرابطين، والذى يتبع تنظيم القاعدة، مقابل الشهيد البطل أحمد منسى، والذى دفع حياته فداء للوطن فى كمين البرث برفح، فالأول خرج من القوات المسلحة، لينضم لأحد التنظيمات الإرهابية فى سيناء، بعد عودته من سفر لعدة دول تدعم الإرهاب وتموله، قبل أن يعلن انشقاقه ويؤسس تنظيما يتبع تنظيم القاعدة أطلق عليه «المرابطون»، ومع الضربات القوية والناجحة للقوات المسلحة المصرية، هرب عشماوى إلى ليبيا، يقود هناك تنظيما مسلحا، مدعوما بكل الأدوات من أطراف تسعى لتفتيت الوطن العربى.
وبينما كان هشام عشماوى يفعل ذلك، كان العقيد الشهيد أحمد منسى، يخلد أسطورته فى قلب زملائه وجنوده وأهالى سيناء الشرفاء، حتى سقط شهيدا، لتخلد الدولة ذكراه بإطلاق اسمه على أحد الكبارى العائمة فوق قناة السويس، وكأنها تقول للعالم إنه دفع دمه لتحرير الأرض واليوم نضع اسمه بوابة لعبور المصريين لتعمير الأرض.
لذلك كانت معركة الرئيس التى يتحدث عنها ضمن إطار معركة الوطن ككل فى الحرب الضروس ضد الإرهاب، الأمر الذى بدأ منذ عام 2011 يأخذ شكلا منظما ومخططا من بعض الأطراف الخارجية، لمحاولة اختراق الوطن لتنفيذ أجندات خارجية هدفها جعل مصر كسائر الدول التى تم تفتيتها تحت دواعى الثورة والتغيير، واستطاع حينها المجلس العسكرى، بقيادة المشير محمد حسين طنطاوى، العبور بمصر إلى بر الأمان، بقيادة يشهد العالم على حنكتها وذكائها وصبرها فى مواجهة المخاطر، حتى تم تسليم السلطة للرئيس المعزول محمد مرسى، قبل أن تظهر الكارثة فى محاولة جماعة الإخوان الإرهابية القضاء على مصر وجيشها ومؤسساتها، والسيطرة على كل مفاصل الدولة، متجاهلين أن لمصر تاريخا حفظها فى مواجهة كل أشكال السيطرة التى مرت عليها، لأن الشعب دائما كان يرفع شعار الدولة الوطنية.
معركة الرئيس عبدالفتاح السيسى التى يكررها يوما بعد يوم، هى ضد الظروف والتحديات التى تواجه الوطن، وفى قلب ذلك مواجهة الإرهاب، والتى قامت به القوات المسلحة والشرطة المدنية، منذ أول لحظة، بدأ الأمر بملحمة نسر 1 ونسر 2، والتى بدأتهم القوات المسلحة نهاية 2011، واستمر الأمر فى تحقيق البطولات المتواصلة، حتى وصل الأمر لعملية حق الشهيد بأربع مراحل متواصلة، حتى وصلنا للعملية الشاملة سيناء 2018.
بدأت «نسر 1» فى أغسطس 2011 عقب عدة تفجيرات استهدفت خط أنابيب الغاز، وأعلن وقتها أحد التنظيمات التى تتبع تنظيم القاعدة اعتزامه تحويل سيناء إلى إمارة إسلامية، وبدأت القوات فى التحرك لمواجهة فلول ذلك التنظيم لأول مرة منذ معاهدة السلام 1978.
فى بيان للمتحدث العسكرى عام 2011، أكد أن العملية نسر تُنفذ على مرحلتين، الأولى جرى تنفيذها خلال شهر أغسطس، وتمت استعادة الأمن وتعزيز القوات العسكرية بمنطقتى «ب وج» لتنفيذ العملية، وكان أبرزها تكثيف التأمين على النقاط الأمنية بالشيخ زويد ورفح والعريش، ونشر القوات على الطرق، بهدف السيطرة بدعم من القوات الجوية والبحرية.
استمرت العمليات العسكرية ضد العناصر الإرهابية متواصلة، تخلل ذلك الضربة العسكرية الموجهة ضد الإرهاب فى مدينة درنة الليبية، ردا على ذبح عدد من المصريين الأقباط هناك، وهى المدينة نفسها التى قبض فيها على هشام عشماوى بعد ذلك.
فى بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة عن عملية درنة، قال: «إن قواتكم المسلحة وجهت ضربة جوية مركزة ضد معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر تنظيم داعش الإرهابى بالأراضى الليبية، وأن الضربة قد حققت أهدافها بدقة وعادت نسور قواتنا الجوية إلى قواعدها سالمة بحمد الله».
وتابع بيان القيادة العامة للقوات المسلحة، «وإذ نؤكد أن الثأر للدماء المصرية والقصاص من القتلة والمجرمين حق علينا واجب النفاذ، وليعلم القاصى والدانى أن للمصريين درعًا تحمى وتصون أمن البلاد، وسيفًا يبتر الإرهاب».
استمرت العملية نسر بمرحلتيها حتى تم الإعلان عن عملية حق الشهيد فى سبتمبر عام 2015، حيث أعلنت القوات المسلحة عن عملية عسكرية تحت شعار «حق الشهيد» للقضاء على العناصر الإرهابية فى عدة مناطق بمحافظة شمال سيناء، ونتج عن العملية تطهير كبير لبعض الأجزاء فى شمال سيناء والقضاء على عشرات الإرهابيين، واستمرت العملية بمراحلها المختلفة حتى عام 2017.
وكما واجهت العملية نسر عملا غادرا من العناصر الإرهابية فى ليبيا ضد المصريين، واجهت أيضا عملية حق الشهيد أثناء عملها عملا آخر، يوم 26 مايو 2017 هجوم استهدف حافلات تقل مواطنين أقباطًا فى الطريق المؤدى لدير الأنبا صموئيل المعترف بمدينة العدوة بالمنيا، وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة وقتها شن القوات الجوية ضربة جوية على أحد مراكز تدريب الإرهابيين فى ليبيا، وأضاف بيان صادر عن القوات المسلحة، أن القوات الجوية نفذت ضربة مركزة ضد تجمعات من العناصر الإرهابية بالأراضى الليبية، بعد التأكد من اشتراكهم فى التخطيط والتنفيذ للحادث الإرهابى الغادر الذى وقع بمحافظة المنيا.
كانت حرب مصر المتكررة ضد الإرهاب هى الشغل الشاغل للقيادة السياسية، فمصر تواصل الحرب تلو الحرب، والعملية تلو العملية، بغرض تطهير مصر من العناصر الإرهابية، والعمل على بدء حرب التنمية فى المناطق التى تم تطهيرها، حتى وصلت مصر بأكملها لمرحلة العملية الشاملة سيناء 2018.
ففى احتفال مصر بالمولد النبوى الشريف، نهاية نوفمبر 2017، أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى تكليفا للفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، ووزير الداخلية مجدى عبدالغفار، بالانتهاء من تأمين سيناء والقضاء على نفوذ الحركات الإرهابية خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر، وهو التكليف الذى أتى عقب هجوم عناصر مسلحة على مسجد بلال بقرية الروضة خلال صلاة الجمعة وأسفر عن مقتل 300 شهيد.
بعدها أعلن العقيد تامر الرفاعى، المتحدث العسكرى للقوات المسلحة، عن بدء خطة مجابهة شاملة ضد العناصر الإرهابية فى عدة مناطق بينها شمال ووسط سيناء، وبمناطق أخرى فى الدلتا والظهير الصحراوى غرب وادى النيل، إلى جانب تنفيذ مهام عملية وتدريبات أخرى على كل الاتجاهات الإستراتيجية.
وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة ثلاثة بيانات فى أول يوم جاء فى البيان الثالث قالت فيه، إنه استمرارا للعملية الشاملة سيناء 2018 فى تحقيق الأهداف الاستراتيجية المخططة، وحسب البيان واصلت القوات الجوية، فى تنفيذ العديد من الضربات الجوية المركزة ضد التجمعات والبؤر الإرهابية التى تم رصدها مسبقا بشمال ووسط سيناء.
وأوضح البيان أن العملية استمرت حتى الساعات الأولى، بتوجيه ضربات قوية استهدفت مخازن تكديس الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة ومناطق الدعم اللوجيستى المكتشفة، مع الاستمرار فى تنفيذ أعمال التامين الجوى للمناطق الحدودية على كل الاتجاهات اللستراتيجية.
وفى توقيت متزامن قامت القوات المنفذة مدعومة بالقوات الخاصة وقوات حرس الحدود، بالتعاون مع الشرطة، بتنفيذ عدة مداهمات على مختلف المحاور داخل المدن بشمال ووسط سيناء لمطاردة العناصر الهاربة والقضاء عليها واستكمال تدمير الأهداف التابعة للعناصر الإرهابية. كما تقوم عناصر من القوات الخاصة البحرية بتنفيذ أعمال التأمين لساحل البحر من رفح، وحتى غرب العريش لقطع طرق الإمداد للعناصر الإرهابية، مع الاستمرار فى حماية الأهداف الاقتصادية بالبحر، بالتزامن مع أعمال التمشيط بطول الساحل، لتضييق الحصار على العناصر الإرهابية، ومنعها من الهروب عبر الساحل، ومرور الدوريات البحرية لتأمين منطقة الساحل من مرسى مطروح حتى مدينة السلوم، والتعاون مع قوات حرس الحدود لتأمين المناطق الحدودية على الاتجاة الغربى والجنوبى.
واستمرت العملية الشاملة متواصلة، حتى وصلت للبيان التاسع والعشرين الذى تمت إذاعته منذ عدة أيام، والذى ذكر فيه أن القوات الجوية تمكنت من استهداف وتدمير 7 أوكار للعناصر الإرهابية وعربتى دفع رباعى كانت معدة لاستهداف عدد من نقاط التمركز الأمنى بشمال سيناء، وعلى الاتجاه الغربى، تم استهداف 28 عربة أثناء محاولتها اختراق الحدود الغربية.
وأوضح البيان أن القوات نجحت فى القضاء على 26 تكفيريا شديدى الخطورة، وبحوزتهم عدد من البنادق الآلية وكميات ومن الذخائر وقنبلة يدوية وأحزمة ناسفة و2 جهاز اتصال لاسلكى وعدد من دوائر النسف وكمية من الملابس العسكرية، وضبط طائرة بدون طيار تستخدم فى مراقبة أعمال قواتنا بوسط وشمال سيناء.
وفى ضربة استباقية لقوات الشرطة المدنية تم تنفيذ عمليات نوعية بواسطة عناصر الأمن الوطنى بالعريش أسفرت عن القضاء على 26 فردا تكفيريا شديد الخطورة، والتحفظ على 10 بنادق آلية و4 بندقية خرطوش وعبوتين ناسفتين.
كما تم ضبط وتدمير والتحفظ على 26 عربة، و52 دراجة نارية بدون لوحات معدنية تستخدمها العناصر الإرهابية فى عملياتها الإجرامية، واكتشاف وتدمير عدد من المخابئ والملاجئ والأوكار عثر بداخلها على كميات كبيرة من مادة TNT وكمية من قطع غيار السيارات والدراجات النارية وكميات من الذخائر والدانات.
كل تلك المعارك تؤكد أن حرب مصر المتواصلة لم تنتهِ إلى الآن، وأن الدولة التى استطاعت النجاح فى خطوات سابقة، يمكنها النجاح طوال الوقت، طالما امتلكت مفردات الحرب، وكانت كتلتها الصلبة فى الشعب المصرى متماسكة، وطالما كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى الندوة التثقيفية أن معركة الشعب هى الفهم والصبر، وطالما توفر الوعى الحقيقى للمشاكل، توفرت الحلول العملية لمواجهة تلك المشاكل.