التوقيت السيئ قادر على أن يهدم شركة فى حجم فيس بوك، التى تعانى الآن من أسوأ اختراق فى تاريخها، حيث تضرر 30 مليون مستخدم، فلم يكن من الممكن أن تأتى تلك الأخبار فى وقت أسوأ لفيس بوك، إذ كانت الشركة تحاول أن تنتعش من سلسلة من الفضائح المدوية، لكن الأزمات لا تتيح لها الفرصة، وكما تابع العالم أمس، كشفت الشبكة الاجتماعية أن الاختراق الذى كشف عنه فى الأسبوع الماضى أثر على 30 مليون مستخدم، و14 مليون منهم تعرضت بياناتهم الشخصية للسرقة، وهو أمر غير هين، إذ يعد كارثة مأساوية فى مجال الأمن، لأن حصول الهاكرز على بيانات المستخدمين يمكن أن تعرضهم لمخاطر كبيرة.
ووفقا للشركة والتقارير التى نشرت منذ أمس حتى الآن، تمكن المهاجمون من الوصول إلى المعلومات التى تضم الاسم وتفاصيل الاتصال (رقم الهاتف، أو البريد الإلكترونى، أو كلاهما) بالإضافة إلى البيانات الحساسة الأخرى، وقالت الشركة إن مكتب التحقيقات الفيدرالى (FBI) يحقق بشكل نشط فى الاختراق، وطلب من فيس بوك عدم الكشف عن أى متهم محتمل.
وتمر شركة وادى السليكون من فضيحة إلى فضيحة، ففى الوقت الذى بالكاد تتعافى من واحدة إلى أن تصل الضربة التالية، ففى البداية كانت الاتهامات تتوجه للشركة بأنها تستخدم على نطاق واسع لنشر المعلومات المضللة والدعاية الروسية خلال انتخابات عام 2016، ثم تورطها فى تأجيج الإبادة الجماعية عن طريق نشر خطاب الكراهية فى ميانمار، ثم كشفت شركة الأبحاث السياسية "كامبريدج أناليتيكا" عن اختلاسها بيانات 87 مليون مستخدم.
وفى مقابل هذه الفضائح، يناقش السياسيون والمنظمون على نحو متزايد إمكانية التنظيم الذى يستهدف فيس بوك وعمالقة التكنولوجيا الآخرين، إذ دعا عضو مجلس الشيوخ مارك وارنر، لتحقيقات واسعة مع فيس بوك، وقال لموقع "بيزنس إنسايدر" فى بيان "مع كل انتهاك جديد للخصوصية، من الواضح أكثر من أى وقت مضى أن الكونجرس يحتاج إلى إنشاء بعض الحواجز لمنصات وسائل الإعلام الاجتماعية لحماية بيانات المستهلك مع تشجيع الابتكار الأمريكى".
لكن أيضا ليست هذه المشكلة الوحيدة التى تواجهها فيس بوك، فهى أيضا تعانى من تراجع الإقبال على موقعها، فنمو الشركة الأساسى فى الولايات المتحدة أصبح مسطحا، وفى الواقع ينخفض فى أوروبا، وبشكل عام، يقل مقدار الوقت الذى يقضيه الأشخاص على التطبيق.
وفى ملاحظة بحثية حديثة، أبرز جون كولينج، الباحث فى شركة "كوين" للتحليلات، أن متوسط الوقت اليومى الذى يقضيه المستخدمين على فيس بوك انخفض بشكل ملحوظ خلال العام الماضى، حتى مع نمو التطبيقات الأخرى.
ومن السابق لأوانه القول ما إذا كان للقرصنة أى تأثير على الوقت الذى يقضيه فى تطبيق فيس بوك الأساسى، لكن يبدو أنه من غير المحتمل أن يكون قد ساعد، حتى عندما كانت ردود الفعل الأولية على الكشف يوم الجمعة غاضبة.
ويبدو من المحتمل أن تؤدى الأخبار إلى تعكير المواقف تجاه فيس بوك بين الأشخاص الذين لم يقوموا بعد بالتسجيل فى الشبكة الاجتماعية، ما يجعل إمكانية النمو الجديد أكثر صعوبة.
ويعد إنستجرام هو نجم فيس بوك الجديد المشرق، الذى ينمو مستخدميه بقوة ويتعلقون به أكثر من غير، وحتى الآن ظل غير ملوث إلى حد كبير من فضائح فيس بوك المتكررة، لأن البعض يفضل أن يتجاهل حقيقة امتلاك فيس بوك له.
يذكر أن أى خرق أمنى بهذا الحجم سيكون كارثة فى أى شركة، لكن بالنسبة إلى فيس بوك الأمر مضاعف لأن موقفها حاليا وسمعتها سيئة للغاية.