دعم قطر للإرهاب ربما يتم إنكاره من قبل الحكومة القطرية وأبواقها الإعلامية، لكن على الواقع يظل الدعم علنيا والدليل على ذلك حركة طالبان التى تعقد اجتماعاتها فى الدوحة وتمارس قياداتها أعمالها وحياتها الطبيعية وكأنهم من أهل قطر.
لقاء المبعوث الأمريكى مع طالبان فى قطر
وكالة "رويترز" كانت نشرت خبرا عن اجتماع بين المبعوث الأمريكى الخاص لأفغانستان زالماى خليل زاد مع وفد من قيادات طالبان فى قطر.
الاجتماع الذى تم فى الدوحة هو الثانى فى 4 أشهر، أى أن قطر استضافات محادثات مباشرة بين مسؤولين أمريكيين ومنظمة إرهابية علنا.
لكن وزارة الخارجية الأمريكية امتنعت عن قول ما إذا اجتماع الدوحة قد عُقد، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية طلب عدم نشر اسمه "لا يمكننا تأكيد اجتماعات معينة أو مضمون محادثات دبلوماسية".. بينما مسؤولين مطلعين أكدوا خبر عقد الاجتماع بالفعل فى تصريحات لصحيفة "وول ستريت جورنال".. وإن كان المصدر لم يؤكد ما تم النقاش حوله.
الدوحة منتجع طالبان
بعد هجمات 11 سبتمبر وإندلاع حرب أفغانستان انتهى حركة طالبان كقوة حاكمة على الأرض فى أفغانستان ولكن الحركة التى هزمت فى القتال المباشر لجأت للأعمال الإرهابية ضد المدنيين الأفغان وقوات الأمن الأفغانية ولم تكتف بالهجمات على القوات الأجنبية فى البلاد، وظلت الحركة الحليف الفعلى لتنظيم القاعدة فى البلاد.
ولكن بسبب مطاردة الولايات المتحدة لقيادات طالبان داخل أفغانستان، لجأت عناصر الحركة إلى قطر، وأسست مكتبا لها فى الدوحة رغم تصنيفها كمنظمة إرهابية.
وكان يمكن أن يستمر الحال قتالا حتى القضاء على التنظيم الإرهابى لولا الوساطة المشبوهة من قطر التى استضافت الحركة الإرهابية واجتماعاتها تحت مسمى "جهود تحقيق الاستقرار فى أفغانستان"، بدلا من تسليم العناصر الإرهابية للأمن والقضاء على خطرهم، هذا لو كان تنظيم الحمدين جادا فى حديثه عن تحقيق الأمن والاستقرار.
تاريخ الوساطات المشبوهة
يمكن القول إن بداية المفاوضات القطرية المشبوهة كانت فى 2009 عندما طالبت الحركة الإرهابية بالإفراج عن 5 من قياداتها المعتقلين فى جوانتانامو مقابل تحرير الجندى الأمريكى المخطوف "بو بيرجدال" وبالفعل تمت التسوية فى 2014، ولكن بدلا من انتهاء الأمر عند هذا الحد، قامت الدوحة باستضافة القيادات الخمسة على أرضها بحجة منعهم من العودة لممارسة الإرهاب فى بلادهم الأصلية.
والأن بحسب BBC يوجد مالا يقل عن 20 قيادى رفيع المستوى بطالبان فى أرض قطر يعيشون فيها برفقة عائلاتهم.. وذكر مراسل BBC فى تقريره أيضا إن القيادات الطالبانية كانوا يسيرون فى شوارع الدوحة بشكل طبيعى ويرتادون مراكز التسوق والمساجد وكأنهم من أهل البلاد تماما.
ولإيضاح مدى الارتياحية بين طالبان وتنظيم الحمدين تقول مجلة "الإيكونوميست" فى تقرير نشر فى ديسمبر 2015 أن حركة طالبان كانت أعلنت رسميا عن تعيين رئيس جديد لمكتبها فى الدوحة وهو شير محمد عباس ستانكزاى.
العلاقات الودية الإرهابية
المكتب المفتوح فى قطر لم يكن مجرد نافذة لوساطات قطرية مشبوهة بل أيضا خط تمويل للحركة الإرهابية عبر قطر، وبحسب صحيفة "ديلى ميل" فإن قيادات مكتب الدوحة استمروا فى إرسال التمويلات للفرع الرئيسى للحركة فى أفغانستان لدرجة أن طالبان صنفت قطر بمثابة البيت الثانى لها، وكانت الأموال تأتى من شركات وأعمال خاصة مفتوحة فى قطر بغرض التمويل الإرهابى.
هذا بجانب تقرير لقناة "العربية" يلقى الضوء على تواجد لقوات قطرية ضمن القوات الأجنبية فى أفغانستان تحت قيادة الولايات المتحدة، وأشار التقرير لكون مكان تواجد القوات القطرية كان فى منطقة "فراه" التى تعد من المناطق التى تشهد اشتباكات مستمرة بين طالبان والتحالف الدولى بينما لا يتم استهداف العناصر القطرية أبدا.
وحسب موقع "طلوع" الأفغانى التواجد القطرى فى فراه ليس فقط مجرد قوات أجنبية لحفظ الأمن كما يتم الإدعاء ولكن هناك قطريين يتوافدون على المنطقة لذرائع مثل السياحة والصيد وتنفيذ مشاريع خيرية وإعادة إعمار أفغانستان وكل هذا فى المنطقة، التى تعانى انعدام الأمن، دون أن يتعرضوا لأى هجوم من قبل طالبان.
أمريكا تحاول إصلاح الخطأ
فكرة إنشاء مكتب لطالبان كانت اتفاقا بين أمريكا والدوحة، أعلنت واشنطن فى 2013 أنه سيكون بداية إلقاء طالبان للسلاح ودخول العملية السياسية.
لكن الحقيقة كانت أسوأ من هذا بكثير، حيث نشرت CNN أن الولايات المتحدة بعد الاتفاق مع قطر عرضت أن تكون الإمارات هى مقر المكتب الطالبانى، ولكن الحكومة الإماراتية تنبهت للخدعة القطرية واشترطت أن تدين طالبان أعمال العنف التى يمارسها تنظيم القاعدة والاعتراف بالدستور الأفغاني، والتخلي عن العنف، وتسليم السلاح، وهو ما رفضته طالبان، فى خطوة تكشف عن النوايا السيئة.
فكان البديل هو أن يتم افتتاح المكتب فى الدوحة التى استقبلت التنظيم الإرهابى بأذرع مفتوحة.
ولكن فى يوليو 2017 ذكرت صحيفة "الجارديان" أن الولايات الأمريكية فى عهد ترامب حاولت تصحيح الخطأ الذى وقعت فيه بسبب قطر حيث طلب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من نظيره الأفغانى الضغط من أجل إغلاق مكتب طالبان فى الدوحة للسيطرة على تدفق الأموال للتنظيم الإرهابى، وأيضا حتى لا تأخذ طالبان أى شكل من أشكال الاعتراف الرسمى بها.
لكن المكتب لا يزال يعمل ويمارس نشاطه فى قطر بسبب رفض تنظيم الحمدين لإغلاقه.