وإلى جانب مساعي مسئولى طهران لتهدئة الوضع بالداخل الإيرانى والتهوين من شأن العقوبات، خشية تعرض البلاد لإنتفاضة واضطرابات مجددا أو اندفاع مواطنيها لشراء الدولار الأمريكى خوفا على مستقبل العملة الإيرانية وإحداث خلل بسوق العملة، على المستوى الدولى تحاول طهران أيضا طمأنة والتودد للشركاء طهران التجاريين من البلدان الأوروبية وباقى البلدان المتمسكة بالاتفاق النووى، خشية التلكؤ فى تدشين كيان والآلية المالية التى وعدت بها طهران تتيح لها استئناف بيع النفط مع تلك البلدان دون الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية حيث تعول طهران بشكل أساسى على تلك الآلية.
طهران تشن حملة مضادة بعد اتهامات بالتخطيط لاستهداف المعارضة فى الدنمارك
وفى هذا الصدد حاولت الخارجية الإيرانية، طمأنة شركاء طهران الأوروبيين، فضلا عن شن حملة مضادة، تهدف للترويج بحياكة مؤامرة كى تتخلى أوروبا عن تعهداتها المالية مع طهران بعد اتهامات لطهران بالتخطيط لشن هجمات على قيادات معارضة لها فى الدنمارك، لكن على ما يبدو أن طهران دون أن تشعر تمنح للأوروبيين أسباب معاقبتها واتخاذ النهج الأمريكى حيال الصفقة النووية، وقال المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمى، ينبغي للحكومات الأوروبية أن لاتسمح لما أسماهم مناوئى العلاقات المتنامية مع الاتحاد الأوروبى بوضع سيناريوهات تآمرية ومعدة سلفا، ونفى التهم الموجهة لطهران، وقبل يوم قال الرئيس حسن روحانى "ينبغى لشركاء طهران التجاريين أن يدركوا أن ضغوط أمريكا مؤقتة لكن علاقاتنا معهم دائمة". وأضاف الأمريكيين لن يحققوا أهدافهم ومؤامرتهم الجديدة ضد إيران.. محذرا من تعرض الشعب الإيرانى لظروف صعبة خلال الأشهر القادمة.
اعلام طهران أيضا سعى لترويج ما أسماها مؤامرة أوروبية على إيران على اعتاب العقوبات، فكتبت صحيفة "ايرن" التابعة للحكومة والمقربة من روحانى، على صدر صفحتها "مؤامرة ضد العلاقات بين إيران وأوروبا"، ونقلت عن مدير مكتب روحانى محمود واعظى الذى كلفه الرئيس بمتابعة الموضوع، أن "الأنباء الواردة محل شكوك وارتياب". ويشار إلى أن الحزمة الجديدة من العقوبات الأمريكية التى أعاد فرضها الرئيس دونالد ترامب بعد انساحبه من الاتفاق النووى، تشمل الشركات التى تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة فى الشحن البحرى وصناعة السفن، وقطاع الطاقة الإيرانى، وخاصة قطاع النفط، وفرض عقوبات على البنك المركزى الإيرانى وتعاملاته المالية.
واشنطن بدورها تراهن على العقوبات ودورها فى إخضاع طهران وإجبارها على العودة لطاولة المفاوضات لإستبدال الاتفاق النووى باتفاق جديد يرضى الإدارة الأمريكية الحالية، وفى غضون ذلك قال مستشار الأمن القومى الأمريكى جون بولتون، إن واشنطن تريد الضغط للدرجة القصوى على طهران عبر العقوبات الأمريكية المرتقبة على صادرات إيران النفطية، بهدف خفضها إلى صفر، مع عدم إلحاق الضرر بالدول الصديقة والحليفة التى تعتمد على استيراد النفط الإيراني."
استراتيجية طهران لمواجهة العقوبات الأمريكية
خلف الكواليس يبدو أن طهران انهت الاعداد لسيناريوهات الالتفاف على العقوبات، وابتداء من يوم الأحد المقبل ستكون مجبرة على اللجوء إلى خيارات منها ما ستكون نتائجه بعيدة المدى، لتخفيف أثر العقوبات السلبى، فى مقدمتها الابتعاد عن الاقتصاد النفطى واللجوء إلى الاقتصاد المقاوم وفقا لتعليمات المرشد الأعلى، فضلا عن تعويل طهران على الآلية مالية جديدة التى حددتها أوروبا فى سبتمبر الماضى والتى تشبه نظام المقايضة، لمواصلة تجارتها مع إيران، والالتفاف على العقوبات الأمريكية، كما أن طهران ستجبر على بيع نفطها إلى شركات القطاع الخاص وعرضه فى بورصة الطاقة، وستعمل طهران على تشجيع المشترين على استيراد نفطها عبر تخفيض سعره، لإغراء المشترين، ووسائل أخرى من بينها المقايضة والتهريب وبيع النفط عبر وسطاء يقومون بشراءه محلياً ومن ثم يعيدون بيعه في الأسواق العالمية.