ومع حادث المنيا الغاشم، والذى استشهد فيه عدد من المصريين الأقباط، راودتنا تلك الأسئلة مرة أخرى، وظلنا نبحث عن كيفية المواجهة، وكيف نساند الدولة المصرية، والجيش المصرى فى حاربه ضد الإرهاب.. وكانت ذلك محور سؤالنا لعدد من المفكرين والمثقفون الكبار.
قال الناقد الكبير الدكتور صلاح فضل، إن الحل الوحيد للرد على تكرار هذه الفاجعة هو قطع دابر التيار الذى دأب على بث الكراهية بين المسلمين لشركائهم فى الوطن من الأقباط، وعلى تحريم تحياتهم فى أعيادهم، وعلى استباحة دمائهم، هو الإعلان الفورى على حل الحزب السلفى ومحاكمة قيادته (فى إشارة منه إلى حزب النور السلفى).
وأضاف "فضل" فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، هؤلاء هم المسئولون عن زرع الكراهية، وبث الفتنة لدى الشعب المصرى، وهم المسئولين عن قيام المسلمين لمنع بناء الكنائس وتعميرها، باعتبارها عدوان عليهم، وليس حق لإخوانهم.. مشدددا: هم مسئولون عن انتشار العنف والجريمة والشقاق فى المجتمع المصرى.
وناشد "فضل" الرئيس السيسى: سيادة الرئيس خذ القرار وأصدر قرارا جمهوريا بحل الحزب السلفى، طبقا للدستور الذى أجمع عليه المصريين، وحرم قيام الأحزاب على أساس دينى.
من جانبه قال الأديب يوسف القعيد، عضو مجلس النواب، إن هناك أمرين يجب أن تقوم بهما الدولة من أجل الحد من انتشار الفكر المتشدد والإرهابى، على المدى البعيد والمدى القصير.
وأوضح "القعيد" أنه على المدى البعيد، يجب أن نستعيد المؤسسات الثقافية الحيوية، مثل مؤسسات السينما والمسرح، وكل هذه المؤسسات التى كانت موجودة فى الماضى، وكانت تعمل على تكوين العقل والفكر المجتمعى، هذا مع ضرورة عودة ميزانية وزارة الثقافة كما كانت شكلها فى الستينيات، فمعظم الميزانية الآن موجه للمرتبات، وهو مخيف ومحزن.
وتابع عضو مجلس النواب بأنه علينا أن نعمل على فكرة العقل، وأن تكون هى معركتنا الأساسية طوال الوقت، ونعمل على الاستفادة الطاقات والعقول، والأفكار البنّاءة من خدمة الوطن والنهوض به.
واستطرد الأديب يوسف القعيد بضرورة أن العمل على استعادة صوت المعارضة الوطنى، والتغلب على سياسة الصوت الواحد، فهى لا تخدم الوطن، والنظام السياسى فى البلاد.
فيما قال الدكتور شاكر عبد الحميد، وزيرالثقافة الأسبق، إن الأمر الذى يتحدث عنه الجميع فى مثل هذه الأمور هو ضرورة تشديد الإجراءات الأمنية حول الأماكن الدينية والعامة، وهذا أمر مهم وضرورى الانتباه إليه جيدا.
وأضاف "عبد الحميد": "لكن مع الإجراءات الأمنية يجب أن تكون هناك ثورة تعليمية حقيقية، تكون على دراسة الواقع، وتقدم رؤى مختلفة له، من واقع تجارب تلائم طبيعة المجتمع المصرى، وليس على دراسات مستوردة من الخارج، مع ضرورة القيام بثورة ثقافية مجتمعية كبيرة، ليست "صينى"، ونحن لدينا القدرات والإمكانيات لذلك الأمر، مع ضرورة الترشيد فى زيادة استخدام قصور الثقافة المنتشرة فى محافظات الجمهورية لمساعدة فى نشر الفكر التنويرى".
وأوضح وزير الثقافة الأسبق أن وجود نهضة ثقافية، تساعد على النهوض بالمستوى الاقتصادى، وهو ما يساعد على الحد من الفكر الإرهابى والمتطرف، مشددا على أن يكون هناك تغيير ومنظومة حديثة متطورة فى الأمن والثقافة والتعليم وغيرها من المجالات المجمتعية الأساسية، على أن يكون التغيير الذى نرغب فيه فعليا وليس دعائيا.
بينما قالت الكاتبة الصحفية الكبيرة سكينة فؤاد، مستشار رئيس الجمهورية الأسبق، إن كل مؤسسات الدولة شريكة فى مواجهة الإرهاب، ولا يجب الاكتفاء بالدور العظيم والبطولى الذى يقوم به الجيش المصرى فى مواجهة هؤلاء لخارجين عن القانون، فعلينا مواجهة ذلك بالقنون والإبداع والغوص فى قلب الريف وعمق البلاد.
وتابعت "سكينة" التنوير والبحث فى عمق مصر فى الريف والصعيد، ضرورى، وعلينا معرفة وبحث دور كل من يلعب فى تشكيل عقل ووعى أطفالنا فى هذه المناطق، وأن أذهب للشباب والدخول فى جلدهم بالفنون والإبداع، عن طريق الفنون والمسلسلات والأفلام، التى تطلع أجمل ما فى الإنسان.
وأضافت "سكينة" أنه يجب أيضا إغلاق كل المدارس والجماعات والمراكز التى تساعد على مثل هذه الأفكار المتطرفة، مع ضرورة تنفيذ مواد الدستور الخاصة بعدم وجود أى أحزاب على أساس دينى.
وأوضحت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد أن البعض الاقتصادى مهم أيضا، فرغم إنها تعتقد بأن الفقراء يرفضون مثل هذه العمليات الإرهابية، لكن تخشها عليهم، خاصة أن المخطط أكبر من تلك الفئران الذين يقوموا بمثل هذه العمليات على حد وصفها، وأن هناك مخططات دولية وصهونية، تجعل من الإرهاب أداءة بسيطة للغزو.
وطالبت سكينة فؤاد بضرورة مشاركة دول العالم فى هذه الحرب التى تخوضها مصر وحدها ضد الإرهاب، وأن يكو حجم إرداكنا للمخططات ضددنا كبير، مشيرة إلى أن جميع العوامل وجميع المصريين شركاء وكلنا أصحاب مسئولة تجاه ذلك الوطن.
وفى السياق ذاته قال الدكتور عبد الواحد النبوى، وزير الثقافة الأسبق، فى البداية يجب يتوقف الإعلام عن استخدام لفظ مقتل مسيحيين، وعليه استخدام لفظ "المصريين" فجميع من يعيش على هذه الأرض الطيبة هو مصرى.
وأضاف "النبوى" أنه لا توجد دولة فى العالم، استطاعت القضاء على الإرهاب، أمريكا ذات نفسها لم تستطع أن تقضى على الإرهاب، رغم حروبها الطويلة فى باكستان وأفغانستان، وحتى لم تستطع القضاء على الأخطار القادمة إليها من حدودها الجنوبية مع المكسيك.
وأوضح وزير الثقافة الأسبق أنه لكى نحد من الإرهاب يجب أن توجه كل قدرات وإمكانيات الدولة المصرية من أجل مواجهة تلك الأخطار، خاصة أن مصر دولة محورية، وصاحبة دور ريادى وتاريخى كبير بالمنطقة، ولذا يجب أن نعى كمصريين أن هناك من يريد بينا دائما الشر والخلاف، ويريد أن يزرع الفتنة بيننا جميعا.
وشدد الدكتور عبد الواحد النبوى أنه يجب مواجهة من يتلفح بعباءة الدين، ويجب تكفيرهم، هؤلاء كفرة وخارجون على الدين، الإسلام لم يأمر بقتل النفس البريئة، التعاليم الدينية، كانت تحض على المحافظة على النبات والطبيعة والإنسان، وأن ترفع السلاح فقط فى وجه من يرفع فى وجهك السلاح، لكن أن تقتل أطفال ومواطنين أبرياء بهذه الطريقة، هذا كفر.
وأكد الوزير الأسبق أنه يجب أن نعى بأن هؤلاء إرهابيين ممولين، ليس لهم علاقة بالدين، كل دول العالم تعلم ذلك، ويجب العمل على توعية المواطن بالأمر، وهنا يأتى دور الثقافة، فلا يجب الاكتفاء بالمهرجان والكرنفالات الفنية والثقافية فقط، بل على المؤسسات الثقافية ووزارة الثقافة، التعاون مع كل مؤسسات الدولة، فى الاستمرار فى التوعية، الاستمرار أمر ضرورى ومهم، لأن الاكتفاء بالتوعية فى أوقات معينة، يجعل مثل هذه الأفكار التخريبية تعود مع الوقت.
وأتم الدكتور عبد الواحد النبوى بضرورة قيام المؤسسات الدينية بدور أكبر، ويجب تكاتف كل المؤسسات وراء الدولة المصرية، من أجل مواجهة هذه الجماعات الإرهابية، مشيرا إلى أن الحدود الغربية مع ليبيا هى الأخطر على مصر الآن، والدولة المصرية ممثلة فى وزارة الخارجية تقوم بمجهودات كبيرة، من أجل استعادة الجماهيرية استقرارها، مما يساهم فى أن يعم الأمن فى المنطقة.