ففى حديث له على قناة "فوكس نيوز"، قال الرئيس ترامب أنه يتعهد بالتحقيق فى عمليات القتل واسعة المدى التى استهدفت المزارعين البيض فى جنوب أفريقيا، من أجل الاستيلاء على أراضيهم بالقوة، وهو التصريح الذى أثار امتعاض حكومة بريتوريا، والتى اعتبرته جاء نتيجة معلومات مضللة حصل عليها الرئيس الأمريكى.
إلا أن التصريح الذى أدلى به الرئيس الأمريكى يبدو وأنه قدم نسمة حياة لجماعات نصبت نفسها لحماية حقوق البيض فى جنوب أفريقيا، حيث خرجت مجموعة تسمى "أفريفورم"، للإشادة بالتصريح، والذى شمل انتقادات لبرنامج الإصلاح الزراعى الذى يتبناه الرئيس الجنوب الأفريقى سيريل رامافوزا.
الجماعة المغمورة حاولت التصعيد بشتى الطرق عدة مرات هذا العام، عبر إطلاق التظاهرات فى مناطق عدة، للتعبير عن احتجاجهم عن خطط توزيع الأراضى، وما أسمته حملات الاغتيال التى تستهدف المزارعين البيض، وهو الأمر الذى تنفيه البيانات الرسمية للحكومة، حيث نفت الاستيلاء على أية أراضى.
بحسب بيان للشرطة الجنوب أفريقية، فإن معدلات العنف على أساس عنصرى شهدت زيادة كبيرة فى وتيرتها فى الأشهر الماضية، إلا أن الغالبية العظمى من الضحايا كانوا من أصحاب البشرة السمراء، موضحة أن البلاد شهدت حوالى ألفى جريمة قتل فى العام الماضى، لم يكن بينهم سوى 46 شخصا من البيض.
ولكن تبقى تصريحات الرئيس الأمريكى سببا فى تزايد القلق لدى قطاع كبير من المتابعين فى بريتوريا، حيث أنها تعد بمثابة دعم صريح لجماعة "أفريفورم"، والتى تحمل أجندة ربما تؤدى إلى انقسام البلاد.
يقول آدم حبيب، ويعمل كمستشار فى جامعة ويتواترسراند بجوهانسبرج، إن الجماعة تحاول استغلال حالة صعود النزعة الشوفينية البيضاء فى العديد من مناطق العالم خاصة مع صعود التيارات القومية فى الولايات المتحدة وأوروبا، وذلك لتحقيق أكبر قدر من المكاسب فى المرحلة الراهنة.
كان الرئيس الأمريكى قد استغل الزيارة التى قام بها نظيره الجنوب أفريقى إلى نيويورك فى سبتمبر الماضى، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليلقى الضوء على قضية استهداف المزارعين البيض، وهو الأمر الذى أدى إلى حالة من الغضب لدى الجانب الأفريقى.
ولعل التفاوت الكبير فى الثروة بين البيض والسود فى جنوب أفريقيا يمثل أحد المعضلات التى واجهها مختلف رؤساء جنوب أفريقيا منذ عهد الرئيس التاريخى للبلاد نيلسون مانديلا، حيث تبقى سيطرة البيض، والذين يمثلون 9% من السكان، على 70% من الأراضى الزراعية فى البلاد بمثابة صداع فى رأس الحكومة، بينما فشلت كافة المحاولات فى حلها.
وتمثل القضية هى أحد الأمور الشائكة فى المرحلة الراهنة، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، حيث انطلقت دعوات من قبل المعارضين لتأميم الأراضى واحتلالها، وهو الأمر الذى لقى استجابة من قطاع كبير من السكان، والذين اتجهوا لبناء أكواخ فى مساحات من الأراضى غير المستخدمة فى إطار محاولات وضع اليد عليها.