وأضاف فضيلة المفتي في بيان له، أنه لا اجتهاد في النصوص قطعية الدلالة والثبوت بدعوى تغيُّر السياق الثَّقافي الذي تعيشه الدول والمجتمعات الآن مثلما يدعي البعض؛ إذ أنَّ تلك النصوص المقطوع بدلالتها وثبوتها تُعد من ثوابت الشريعة، فالقرآن الكريم قطعيُّ الثبوت من ناحية آياته، وهو يشمل آيات كثيرة دَلالتها قطعية لا شك فيها، ولا تحتمل ألفاظها إلا معنًى واحدًا ينبغي أن تُحملَ عليه، والاجتهاد في مثل تلك الحالات يؤدي إلى زعزعة الثوابت التي أرساها الإسلام.
وأوضح مفتي الجمهورية أنَّ الإسلام كان حريصًا كل الحرص على مساواة الرجل بالمرأة في مجمل الحُقوق والواجبات لا في كل تفصيلةٍ، وقد بَيَّنتِ الشريعة الغراءُ أن التمايزَ في أنصبة الوارثينَ والوارثات لا يَرْجعُ إلى معيار الذُّكورةِ والأنوثةِ، وإنما هو راجعٌ لحِكَمٍ إلهيةٍ ومقاصدَ ربانيَّةٍ قد خَفِيتْ عن هؤلاء الذين جعلوا التفاوتَ بين الذكورِ والإناث في بعض مسائل الميراثِ وحالاته شبهةً على عدم كمالِ أهليةِ المرأةِ في الإسلامِ، فالمرأة في نظرِ الإسلام وشرعهِ كالرجلِ تمامًا، لها ما للرجل من الحقوق، وعليها ما عليه من الواجبات.
وتابع فضيلة المفتي: "إن تلك الدعوى التى يطلقها البعض من حتمية مساواة المرأة بالرجل، بزعم أنَّ الإسلامَ يُورِّثُ مطلقًا الذكرَ أكثرَ من الأنثى؛ هي دعوى لا يُعتدُّ بها وزَعْمٌ باطِلٌ؛ فالمرأةُ في دينِنا الحنيفِ لها أكثرُ من 30 حالةً فى الميراث، ونجدُ الشَّرعَ الحنيفَ قد أعطاها في كثير من الأحيان أكثرَ مما أعطى الرجل".
وضرب فضيلته مثالًا على ذلك: لو أن امرأةً ماتتْ عن زوج وبنتٍ، فما نصيبُ كلٍّ منهما؟ يأخذ الزوجُ الرُّبعَ، في حين أنَّ البنت -وهي أنثى- تأخُذُ النصف، فيكون نصيبها ضعف نصيب الرجل.
وتارةً جعلها الشارع تَرِثُ كالرجل تمامًا؛ بمعنى أنَّها تشاطِرُه المالَ المتروكَ وتكون مساوية له، ومثال ذلك: لو أنَّ رجلًا مات عن أولاد ذكور وإناثٍ وأمٍّ وأبٍ؛ ففي هذهِ الحالةِ نجدُ الأمَّ -المرأة- يكون نصيبها كنصيبِ الأب.
أمَّا عن الحالات التي تأخذُ فيها المرأةُ نصفَ الرجلِ، والتي يتَشَدَّقُ بها المزايدونَ على الإسلامِ، فأكد مفتي الجمهورية أنها لا تَعْدُو أَرْبَعَ حالاتٍ، وهي: إذا وُجِدَتِ البِنْتُ معَ الابنِ وإِنْ تَعَدَّدوا، وإذا وُجِدَتِ الأُخْتُ الشَّقِيقةُ مع الأخِ الشَّقِيقِ وإنْ تَعَدَّدُوا، وإذا وُجِدَتِ الْأُخْتُ لأبٍ مَعَ الْأَخِ لأبٍ وإنْ تَعَدَّدُوا، وإذا وُجِدَتْ بِنْتُ الابنِ مَعَ ابنِ الابنِ وإن تَعَدَّدُوا.
ـ علماء الأزهر يهاجمون سعد الهلالى: كان عليه أن لا ينساق وراء ما قررته تونس
فى سياق متصل، أثارت تصريحات الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وتأييده لما قامت به تونس من مساواة المرأة بالرجل في الميراث وقوله بأنه صحيح فقهًا ولا يتعارض مع كلام الله، ولا حرمة فيه، موجة من الغضب والاستنكار من قبل عمداء وعلماء جامعة الأزهر الشريف.
قال الدكتور عبد الفتاح عبد الغنى العوارى، عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر، هذا كلام لا وزن له ومعارضة لأحكام الله، وهذا افتيات على حق الله سبحانه وتعالى، لأن الميراث هى القضية الوحيدة التى ما ترك الله أمرها لاجتهاد بشر بل حسمها في نصوص قطعية الدلالة قطعية الثبوت ولم تترك فرائض الميراث وقيمة الأنصبة للورثة لاجتهاد بشر.
وأضاف فى تصريحات لـ"برلمانى"، فتلك قضية منتهية ليس فيها اجتهاد لبشر فالمواريث ليس كما يتراءى للناس بأن المرأة مظلومة بل العكس فهناك حالات المرأة تفوق فيها الرجل وهناك حالات المرأة ترث والرجل لا يرث أصلا، والبعض يحصر الميراث في مسألة الأخ مع اخته وأن الذكر مثل حظ الأنثيين رغم ان تلك حالة واحدة، بل أن هناك حالات تتساوي المرأة مع الرجل وحالات تزيد المرأة عن الرجل وأخرى تحجب المرأة الرجل بالكلية.
من جانبه، قال الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الاسلامية، إن الدكتور سعد هلالى تحدث عن مسألة تغيير الثقافة فى تونس وهو بذلك يلبس على الناس بمسألة تغير الثقافة، ونقول له ماذا تفعل فى قوله تعالى فى ختام الآية فريضة من الله ، فهذ الرأى غير مسبوق وهو يفتح الباب أمام تغيير الأحكام القطعية للشريعة وعليه ان يتحمل مسئوليته أمام الله عز وجل.