حالة من الترقب تسود فرنسا فى انتظار ما سيحدث غدا السبت، حيث اعتادت البلاد أن تشهد على مدار الأسابيع الماضية احتجاجات عنيفة منذ نوفمبر بدأت اعتراضا على زيادة الضرائب على الوقود، وارتفع سقف المطالب حتى وصل إلى الهتاف برحيل الرئيس إيمانويل ماكرون.
وعلى الرغم من استجابة الرئيس الفرنسى للمطالب وإعلان تعليق الزيادة على الوقود وتعهده برفع الحد الأدنى للأجور، فإن أصحاب السترات الصفراء لم يرضوا بذلك، وظلوا يحتجون فى شوارع فرنسا وتحدثوا عن المطالب التى لم يتم تحقيها بعد، وهى الانحسار العام عن الإصلاحات الاقتصادية الجرئية التى قام بها ماكرون على مدار 19 شهرا. ولذلك، فإن هناك دعوات لمواصلة الاحتجاجات غدا السبت. بينما دعا آخرون إلى فترة توقف عن المظاهرات الكبرى فى باريس والمدن الكبرى الأخرى، ليس لأنهم راضيين باستجابة الحكومة، ولكن من أجل السماح للشرطة بمكافحة الجريمة ولإرهاب بعد الهجوم الإرهابى فى مدينة ستراسبورج.
وفى حال حدوث أى احتجاجات كبرى، فإن هذا سيفاقم من العواقب الوخيمة لها على الاقتصاد الفرنسى. وكان تقرير لموقع بيزنس انسايدر الأمريكى قد قال إن احتجاجات السترات السفراء قد أثارت حالة استياء بين الشعب والمستمرين والسياسيين الفرنسيين، فالضرر الذى لحق بالاقتصاد واضح، وسيأتى المزيد.
فما بدأ كاحتجاج على زيادة الضرائب على الوقود من قبل جماعات قروية تصاعد وتحول إلى خلاف حول مستقبل البلاد. فمن المتوقع أن تؤدى هذه الاحتجاجات إلى تراجع نمو الناتج الوطنى بنسبة0.2%، بعد أن كانت 0.4% فى الربع الأخير.
وقد قدم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون تنازلات من اجل إخماد الاحتجاجات، ووعد برفع الحد الأدنى للأجور 100 يورو شهريا، وقال إن بدل الوقت الإضافى لن يفرض عليه ضراب ولن يخضع لرسوم الرعاية الاجتماعية. وستكون هذه التكلفة ثقيلة.
حيث ذكرت وكالة "رويترز" أن فرنسا ستنتهك سقف العجز فى ميزانية الاتحاد الأوروبى العام المقبل دون خفض جديد فى الإنفاق. وكان ماكرون قد واجه اقتراحا لسحب الثقة من حكومته لكن تم تجاوزه. وسيكون مطلوب من فرنسا أن تخفض العجز الهيكلى فى عام 2019 بنسبة 0.6% من الناتج المحلى.
من ناحية أخرى، خسر تجار التجزئة ما يقدر بمليار دولار من العائدات منذ بداية الاحتجاجات بينما شهدت الأسهم المتعلقة بالسياحة أسوا أسبوع لها منذ أشهر.
ومع تزامن هذه الاحتجاجات فى موسم الأعياد، والتسوق والسياحة، وصف وزير المالية الفرنسى برونو لو ماير الحركة الاحتجاجية بأنها كارثة على الاقتصاد.
من ناحية أخرى، يواجه الرئيس الفرنسى مصيرا غامضا فى ظل تصاعد المعارضة له. ففى ظل تراجع معدلات شعبيته واقتراب الانتخابات البرلمانية الأوروبية وعدد من الانتخابات المحلية فى العامين المقبلين، فإن هذا قد يكون بمثابة استفتاء على سياساته. وتظهر الكثير من استطلاعات الرأى أن نشطاء السترات الصفراء سيصوتون إما لحزب مارى لوبان المنتمى إلى اليمين المتطرف أو جان لوك ميلنوشون زعيم اليسار المتطرف، واللذين سبق أن هزمهما ماكرون فى انتخابات عام 2017. وأى انجاز يحققه اليمين أو اليسار المتطرف فى الانتخابات الأوروبية فى مايو المقبل سيجعل من الصعب على ماكرون أن يمضى قدما فى أجنته لفرنسا أو خارجها.