كتب إبراهيم قاسم
رغم كل ما شهدته أجواء مجلس النواب الداخلية، وكواليس الأحزاب والتيارات السياسية والائتلاف وتجمعات النواب المستقلين تحت القبة وخارجها، وتلميح بعض النواب وتصريح آخرين باتجاه المجلس فى طريق واحد وسيطرة تيار أو تيارين على أغلب أعضائه، شهدت الجلسة العامة للمجلس بدءًا من العاشرة من صباح الأحد، 17 يناير، لمراجعة تقارير اللجان النوعية بشأن القرارات بقوانين الصادرة فى غيبة البرلمان والموقعة من الرئيسين: السابق عدلى منصور والحالى عبد الفتاح السيسى، بروزًا واضحًا لأصوات معارضة بكمّ وكيفية أكبر مما كان متوقعًا، وعلى خلاف ما أعلنه ائتلاف دعم مصر مثلاً عن عدد أعضائه والنواب المنضمين إليه، إلى درجة أثارت مفاجأة كثيرين من المهتمين والمتابعين، وطرحت سؤالاً ضخمًا حول بروز ظاهرة أقرب إلى "الثلث المعطّل" داخل البرلمان المصرى، وهو الأمر الذى يعرفه البرلمان اللبنانى نتيجة التركيبة العرقية والدينية للمجتمع، والتى تم ترجمتها فى دستور لبنان وداخل برلمانه، فهل يعيد البرلمان المصرى استنساخ التجربة البرلمانية؟! والتى على قدر ما وفّرت مناخًا للمعارضة والتعبير عن كل فئات الشعب مهما كان ضعفها وتقويم سياسات وتوجهات الحكومة، ساهمت على أصعدة أخرى فى تعطيل كثير من القرارات والقوانين والأمور المهمة، وأبرزها عجز البرلمان عن انتخاب رئيس جديد للبنان منذ شهور طويلة مضت.
134 نائبًا يرفضون قانون إعفاء رؤساء الأجهزة الرقابية
بعد رفض 134 نائبًا فى مجلس النواب لقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 89 لسنة 2015 بشأن حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، والمعروف إعلاميًّا بـ"قانون عزل هشام جنينة"، مقابل موافقة 328 نائبًا عليه، يبدو أن هناك بوادر عملية لظهور "الثلث المعطل" تحت قبة البرلمان المصرى.
ورغم اتهام البعض لمجلس النواب الحالى بأنه مجلس الموافقات، وذلك بعد موافقة جميع اللجان النوعية المشكلة بصفة مؤقتة على كل القرارات بقوانين المعروضة عليها، والصادرة فى غيبة البرلمان وبتوقيع الرئيسين: السابق عدلى منصور والحالى عبد الفتاح السيسى، إلا أن رفض 134 نائب لقانون عزل رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، يُعدّ إشارة أولية قوية على ظهور "الثلث المعطل" فى مجلس النواب.
الثلث المعطل.. الأقلية البرلمانية القادرة على تعطيل عمل البرلمان
يُعرّف أهل القانون والخبرة "الثلث المعطل" بأنه وجود أقلية برلمانية تمثل ثلث المجلس، تكون قادرة على تعطيل عمل البرلمان وإيقاف بعض القوانين والقرارات التى تستلزم الحصول على أغلبية الثلثين+ 1، وهى بهذا تمثّل المعارضة داخل المجلس.
كثيرون من المتابعين والمهتمين وجدوا صعوبة فى تحقق مصطلح أو فكرة "الثلث المعطّل" داخل البرلمان المصرى، وخاصة مع تشكيل ائتلاف دعم مصر، الذى يستحوذ على ثلثى أعضاء المجلس بشكل فعلى، إلا أن نتائج التصويت اليوم على القرار بقانون رقم 89 لسنة 2015 بشأن حالات إعفاء رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، كشفت عن وجود تيار جديد داخل المجلس، يمثل هذا الثلث، والذى قد يعيق تمرير القوانين التى يرغب باقى الأعضاء فى تمريرها.
تركيبة المجلس وانتماءات النواب بين الأغلبية و"الثلث المعطّل"
بنظرة أشمل لأعضاء مجلس النواب الحالى، نجد أنه يتكون من 596 نائبًا، وهو ما يعنى أن ثلثى العدد يبلغ 397 نائبًا، والثلث هو 199 نائبًا، وإذا كان ائتلاف دعم مصر يضم 380 نائبًا - بحسب ما صرح به اللواء سامح سيف اليزل، المنسق العام للائتلاف، فى أكثر من مناسبة - فإن هناك 216 نائبًا يمثلون الأحزاب والمستقلين خارج الائتلاف، ولكن قد يجمعهم موقف واحد يجعلهم الثلث المعطل، كما حدث اليوم فى قانون إعفاء رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية.
أزمة تصريحات هشام جنينة ولجنة تقصى الحقائق الرئاسية
كان تقرير لجنة تقصى الحقائق المشكّلة من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسى، للتأكد من صحة تصريحات المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، بشأن حجم الفساد فى الجهاز الحكومى والذى يصل إلى 600 مليار جنيه، قد كشف خطأ هذا الرقم، وهو ما أثار غضب أعضاء مجلس النواب، إذ اتفق بعض النواب على ضرورة دراسة التقرير واتخاذ قرار بعزل المستشار هشام جنينة فى حال ثبوت مضمون التقرير، ورغم ذلك جاءت النتائج الرافضة لتمرير القانون الذى يسمح بعزله كبيرة، إذ بلغ عدد النواب الرافضين 134 نائبًا من أصل 596 يحق لهم التصويت، ولكنهم لم يحضروا الجلسة بكاملهم.