حسنًا ما فعله السيد رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل من فتح حوار إيجابى وبناء مع السادة النواب، تأسيسًا لاستراتيجية جديدة وبناءة، تقوم على الحوار والتكامل فى بناء هذا الوطن، وبناء الثقة معًا، فصالح الوطن وبناؤه بناءً صحيحًا يقتضيان منا ذلك، وينبغى أن يكون ما فعله السيد رئيس مجلس الوزراء نموذجًا لهذا التعاون على سائر المستويات التنفيذية، فالنواب ممثلون للشعب تم اختيارهم وانتخابهم فى انتخابات شهد القاصى والدانى أنها من أكثر الانتخابات نزاهة وشفافية فى عصرنا الحديث، وبالمقاييس والشهادات العالمية والمحلية.
ولاشك أن هؤلاء النواب لديهم مسؤوليات تجاه وطنهم وناخبيهم، والحكومة أيضًا وسائر الجهات التنفيذية بالدولة لديها مسؤولية تجاه خدمة الوطن والمواطنين، وينبغى دراسة حلول المشكلات مع سائر الأطراف والجهات المعنية بحلها من خلال النظر بجدية فى جميع الرؤى والأفكار والمقترحات، ولاسيما تلك التى يقدمها السادة النواب للمسؤولين على اختلاف درجات مسؤولياتهم، لنصل معًا إلى أفضل الحلول وأسرعها، مع ترتيب الأولويات ترتيبًا دقيقًا فى ضوء الإمكانات المتاحة وتعظيم الاستفادة منها إلى أقصى درجة ممكنة، كلٌّ فى مجاله وميدانه ونطاق مسؤولياته، مع رحابة صدر من الجميع، تتسع للرأى والرأى الآخر مادام ذلك فى إطار الاحترام المتبادل الراقى النابع من معطيات حضارتنا الضاربة لأكثر من سبعة آلاف عام فى أعماق التاريخ.
ولا شك أن الحوار البناء بين المسؤولين التنفيذيين واللجان الفنية المتخصصة بمجلس النواب بعد تشكيلها سيسهم فى خدمة الوطن وسرعة الإنجاز على أرض الواقع، حتى نصل بوطننا إلى المستوى الذى نطمح إليه من التقدم والرقى فى جميع المجالات، وتتبوأ مصرنا الغالية المكانة التى تستحقها من الريادة إقليميًّا ودوليًّا، وإنه لأمل آت قريب بإذن الله تعالى.
مع تأكيدنا أن العمل بروح الفريق أحد أهم عوامل النجاح، وقديمًا قال شاعرنا العربى أبو فراس الحمدانى:
فلاَ وأبى ما ساعدانِ كساعدٍ
وَلا وَأبى ما سَيّدَانِ كَسَيّدِ
فالطائر إنما يطير بجناحيه لا بأحدهما، وقد قال الشاعر العربى:
أَخَاكَ أَخَاكَ إنَّ مَنْ لاَ أَخَا لَهُ
كَسَاعٍ إلَى الهَيجَا بغَيرِ سِلاَحِ
وهذا نبى الله موسى (عليه السلام) يطلب العلم فى تواضع جم لا استعلاء فيه ولا استكبار من العبد الصالح، فيقول له: «هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا» (الكهف: 66)، ويسأل ربه (عز وجل) أن يشد عضده بأخيه هارون، فيقول فى أدب جم: «وَأَخِى هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّى لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِى رِدْءًا يُصَدِّقُنِى إِنِّى أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ» (القصص: 34)، ويقول: «اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى * وَأَشْرِكْهُ فِى أَمْرِى * كَىْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا» (طه: 31-35)، ويقول الحق سبحانه: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» (المائدة: 2).
فهيا بنا جميعًا حكومة ونوابًا ومسؤولين ومؤسسات ومواطنين نتعاون معًا فى بناء وطننا والنهوض به والعمل على رقيه، موقنين أن الله (عز وجل) من فضله ورحمته لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ويقول سبحانه: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» (التوبة: 105)، ويقول سبحانه: «وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (المزمل: 20).