بعد تأكيد مصادر مطلعة بمجلس النواب للأنباء المتواترة بشأن عودة المستشار سرى صيام، عضو مجلس النواب المعين، والمستقيل مؤخّرًا، إلى البرلمان وعدوله عن قرار الاستقالة التى تقدم بها منذ أيام، أصبح مفهوم الاستقالة من مجلس النواب يمثل علامة استفهام كبيرة، فبدون أسباب يخرج علينا أحد النواب ليعلن عن استقالته، وبعد مرور أيام يعلن مرة أخرى عودته للمجلس، وحالة المستشار سرى صيام ليست السابقة الأولى فى هذا الإطار.
جاءت استقالة المستشار سرى صيام، رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق وعضو مجلس النواب المعين، الثانية فى هذا الإطار، إذ كانت أول استقالة للنائب المستقل كمال أحمد، النائب المخضرم وعضو المجلس عن دائرة العطارين بمحافظة الإسكندرية، والذى تقدم باستقالته من المجلس فى 12 يناير الماضى، وعقب يومين فقط من بدء انعقاد الجلسات، مؤكّدًا وقتها أنه يستقيل اعتراضًا على أداء مجلس النواب الذى لم ير مثله منذ 50 عامًا، وبعد ساعات عدل كمال أحمد عن استقالته، وهو الأمر الذى تكرر بحذافيره مع المستشار سرى صيام.
سرى صيام : قرارى نهائى ولا رجعة فيه
كان المستشار سرى صيام قد أكد فى تصريحات نارية سابقة، ردّدها مرارًا وتكرارًا وفى مواقف وسياقات عديدة، أنه يتمسك باستقالته من مجلس النواب، وقال فى هذا السياق: "قرارى نهائى ولا رجعة فيه، والمناخ الحالى لا يمكننى من أداء دورى".
كثيرون من المهتمين والمتابعين حاولوا تفسير أسباب استقالة المستشار سرى صيام المفاجئة، فقال البعض إنها تأتى اعتراضًا منه على عدم اختياره عضوًا فى لجنة تعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وفسّر آخرون الأمر بانه كان ينتظر مقعد رئيس المجلس، وبين تضارب التفسيرات وإصرار "صيام" على موقفه من الاستقالة، جاء تحوّله الأخير غريبًا ومثيرًا للدهشة، ولكن يبدو أن خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى أمام مجلس النواب، صباح السبت الماضى، أثّر كثيرًا فى المستشار المخضرم وجعله يفكر مرة أخرى فيما فعل.
إضافة إلى خطاب الرئيس أمام الجلسة العامة للمجلس، التقى المستشار أحمد الزند، وزير العدل، المستشار سرى صيام - على هامش خطاب السيسى بالبرلمان - وقال له خلال اللقاء السريع: "ما تضيعش عشمنا فيك"، وأكد "الزند" فى تصريحات للمحررين البرلمانيين أنه أقنع صيام بالعدول عن الاستقالة، وبمرور 24 ساعة فقط على لقاء الرئيس أكدت مصادر أن سرى صيام عدل عن الاستقالة بالفعل، وسيعود لممارسة دوره تحت قبة البرلمان.
مصادر: نواب زاروا صيام فى منزله وأقنعوه بالعودة
وفى إطار توضيح التفاصيل والملابسات المحيطة بقرار المستشار سرى صيام والعدول عنه، قالت المصادر إنه قبل جلسة المجلس صباح السبت الماضى، والتى شهدت حضور المستشار سرى صيام للاستماع إلى بيان رئيس الجمهورية فى افتتاح الدورة التشريعية، زاره عدد كبير من النواب فى بيته، فى محاولة منهم للضغط عليه للعدول عن استقالته.
وأوضحت المصادر أن المستشار سرى صيام عبر عن تقديره الشديد لزيارة النواب له، وضغطهم عليه من أجل العودة إلى المجلس، قائلاً: "إزاء ضغوط الأعضاء، ربنا يسهل"، فى إشارة منه إلى اتخاذ قرار العدول عن الاستقالة، ليتبع هذا تغير واضح فى لهجة المستشار سرى صيام فى الحديث عن استقالته بعد حضور جلسة خطاب الرئيس، رغم أنه منذ وقت تقديمه للاستقالة وهو يؤكد على أنها باتة ولا رجعة فيها، بعكس تصريحاته يوم السبت، والتى أكد فيها أن حضوره يأتى احترامًا للرئيس، وحينما كان يُسأل عن الاستقالة كان يردّ بالقول: "لن أزيد عن هذا".
عمرو هاشم ربيع: اللى عايز يمشى يمشى
وفى السياق ذاته، قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسة والاستراتيجية، تعليقًا على الأمر، إنه ضد تحايل النواب على أحد الأعضاء حينما يتقدم باستقالته من المجلس، وإن من يقرر الاستقالة ربما لا يكون قادرًا على أداء دوره، أو أصبح فى موضع لا يستطيع النجاح فيه.
وأضاف "ربيع" فى تصريح لـ"برلمانى": "ما ينفعش النواب يتحايلوا على بعض عشان يقعدوا فى المجلس، واللى عايز يمشى يمشى"، موضّحًا أن مجلس النواب لن يستطيع تحقيق رغبات كل النواب، بسبب كثرة أعضائه وتعدّد مطالبهم، وطالما ليس هناك موقف شخصى معين فيجب ألا يغضب النواب من أى شىء يحدث تحت القبة.
وأشار نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فى تصريحاته، إلى أن المستشار سرى صيام كان يستطيع ممارسة دوره، وعرض وجهة نظره فيما يخص اللائحة الداخلية الجديدة، خلال الجلسات العامة للمجلس، وأن عدم اختياره عضوًا ضمن لجنة تعديل اللائحة ليس نهاية المطاف كى يقرر التقدم باستقالته.
وتوقع "ربيع" أن تتكرر الاستقالات من المجلس خلال الفترة المقبلة، لعدة أسباب، منها أزمة طلب الكلمة التى يعانى منها النواب، واستبعاد بعض النواب من اللقاءات التى يمثل المجلس فيها وفد من أعضائه، وبعض الأزمات داخل اللجان على رئاستها ووكالتها، مؤكّدًا أن كل برلمانات العالم تشهد استقالات عديدة ولن يستطيع أحد منع كل الأخطاء، خاصة وأن عددًا كبير من النواب ليست لديهم خبرة كافية، ويخوضون التجربة البرلمانية لأول مرة.
ووجه عمرو هاشم ربيع خلال تصريحاته رسالته لأعضاء مجلس النواب، قائلا: "عليكم بالصبر وعدم التعجل فى قرار الاستقالة، ولكن إذا اتخذ أحد النواب قرارًا بالخروج من المجلس لا تتحايلوا عليه، فالاستقالات لا تهدد البرلمان".
محمد أبو المجد للنواب: لا تتعجلوا فى قراراتكم
من جانبه، قال محمد أبو المجد المصرى، عضو مجلس النواب المستقل عن محافظة السويس، إن المجلس لم يبدأ أعماله حتى الآن كى يستقيل منه النواب.
وأضاف "المصرى" - فى تصريح لـ"برلمانى" – قائلاً: " مش كل واحد عايز يفرض سيطرته يتقدم باستقالته، وسرى صيام كان ممكن يقوم بدوره دون الانضمام للجنة تعديل اللائحة"، مشدّدًا على أن هذا البرلمان أهم مجلس نواب فى تاريخ مصر، وعلى النواب عدم التعجّل فى قراراتهم، وتقدير أن الشعب اختارهم ووضع ثقته فيهم ليكونوا ممثلين له ويلبّون احتياجاته ومطالبه.