وإن لم يكن البرلمان سندا للشعب، فمن إذن سيكون السند، من سيقف بالمرصاد لكل من يتعدى على حق المواطن المصرى فى العيش حياة كريمة، من يعيد للمواطن حقه بعد أن يُقتل بالرصاص الحى لخلاف على أجرة توك توك مع رقيب شرطة فى
الدرب الأحمر؟.
الجميع انتظر جلسة مجلس النواب التى سيناقش فيها تجاوزات رجال الشرطة، ولكن يا ليتنا ما انتظرناها مرت سريعا، المتحدثون لا يتجاوزون أصابع اليد، وأغلق رئيس البرلمان الدكتور على عبد العال المناقشات رافعا شعار "التجاوزات فردية وتضحيات رجال الشرطة يعرفها الجميع".. نعم يا دكتور على تضحيات رجال الشرطة يعرفها الجميع ولكن التجاوزات ليست فردية، عندما تتكرر فهى ظاهرة تحتاج لتحليل ودراسة وحل، المشكلة إن كانت فردية فلماذا تكررت فى شهر واحد بأكثر من وجه، كيف تكون فردية وقبل أسبوعين وقعت أزمة المطرية التى ترتب عليها تصعيد من نقابة الأطباء بالآلاف أمام دار الحكمة، كيف تكون فردية وبكل سهولة يوجد فى الوزارة أمين شرطة يعتدى بالضرب على سيدة مصرية فى مترو الأنفاق.
كيف تكون تجاوزات فردية سيادة رئيس البرلمان وفى مجلسك.. نعم فى مجلسك 2 من النواب تعرضا لوقائع إهانة من أفراد وأمناء شرطة وهما
محمد عبد الغنى ورائف تمراز، لا أعرف سيادة الرئيس لماذا أنهيت المناقشات فى أهم ملف يمثل مواجهة حقيقية للبرلمان، مواجهة سيعرف المواطن من خلالها.. هل البرلمان مع الشارع الغاضب أم مع الوزارة المخطئة؟.
لا أعرف سيادة رئيس البرلمان.. كيف اتخذت قرار الإغلاق ووصلت إلى أن التجاوزات فردية رغم أن وزير الداخلية نفسه اعترف بها أنها تمثل تحد للوزارة، وأنه لن يتستر على فاسد وأنه سيبدأ فعلا فى هيكلة وإصلاحات داخلية بالوزارة، كيف تكون مشكلة فردية وآلاف من أمناء الشرطة باعتراف قيادات الوزارة مؤهلون لارتكاب مثل تلك التجاوزات يوميا لأنهم عادوا إلى العمل بعد الفصل بسنوات.. عادوا فى ظل فوضى ما بعد ثورة يناير فى عهد اللواء محمود وجدى.
سيادة رئيس البرلمان.. الشارع ينظر للبرلمان اليوم على أنه لم يشاركه الغضب.. الغضب على مقتل شاب بالدرب الأحمر.. قتل عمد.. سيادة الرئيس حتى النعى لم يقدمه البرلمان للشهيد فى الجلسة.. تحدث الجميع عن تضحيات الشرطة.. وهو واجب والله العظيم.. ولكن لم يتحدث أحد عن تقديم النعى.
خاب ظنى بكم اليوم فى الجلسة.. للعلم لا أريدها نارا والمجلس "يكهرب" الداخلية.. لا والله.. ولكن أريد أن أرى مجلسى.. مجلس النواب الذى أقدر كل نائب فيه بأن يحاسب وزير الداخلية، يسأله على الأخطاء.. يسأله على الإجراءات المستقبلية.. يسأله على القوانين المنتظر تقديمها للبرلمان لردع كل مخالف.
سيادة رئيس البرلمان.. تعلم كم تقديرى واحترامى لك.. ولكن لا يجوز حتى أن تمر الجلسة دون أن يحضر ممثل للداخلية يسمع ويجيب، ويرد على تساؤلات النواب.. أعلم دوركم فى التهدئة.. ولكن ما تفعلونه ليس تهدئه.. ما تفعلونه هو تفريغ البرلمان من دوره الأصلى كرقابة حقيقية للأجهزة التنفيذية.. الرقابة التى تحملون أمانتها، سيادة رئيس البرلمان، المجلس نفسه فى خطر.. والله العظيم فى خطر.. سيادة الرئيس هل من الممكن أن أخبر حضرتك بعدد من المعلومات عن البرلمان.
• هل تعلم أن عمر البرلمان 41 يومًا بينهم 13 يومًا و28 يومًا إجازة.
• هل تعلم أن أحد نواب البرلمان، قدم اقتراحًا للجنة إعداد اللائحة بأن يتم تخصيص تأشيرتى حج لكل عضو وزوجته على حساب المجلس، وطبعا حضرتك تعرف ما معنى هذا، وكيف يفكر النواب.
• هل تعلم أن رغم التصريحات الوردية التى نسمعها من النواب عن أنهم سيعملون لخدمة الوطن بلا مقابل إلا أنه هناك 221 عضوًا يطالبون بزيادة بدل الجلسات ويكون بالساعة وليس بالجلسة.
• هل تعلم سيادة رئيس البرلمان أنه رغم مناداة الجميع وبما فيهم النواب من ضرورة أن لا يكون هناك جوازات دبلوماسية منعا لتكرار عصور سابقة كعصور الإخوان والوطنى، إلا أنه حزب من الأحزاب تحت القبة تقدم بطلب للجنة إعداد اللائحة ليتم تخصيص جواز سفر دبلوماسى لكل نائب.
سيادة رئيس البرلمان.. المغزى من دلالاتى.. أن البرلمان لم يقدم بعد للشعب ما يجعله يقتنع بأدائه وقوته ووقوفه إلى جوار المواطن البسيط، لم يشكل بعد اللجان،لم يذع الجلسات على الهواء، لم يدخل بعد فى مناقشات حقيقية تتعلق بالمواطن المصرى، لم يشهد بعد استجوابات أو طلبات إحاطة..لم ولم ولم.. اعرف أن الروتين والإجراءات سبب كبير.. ولكن البرلمان بحاجة لأن يثبت أنه مع الشعب لا مع السلطة.. رجائى لا تأخذ حديثى برسالته السلبية.. تلقاه بمضمونه الإيجابى.. الشارع يريد أن يشاهد البرلمان وهو يحاسب المخطئ، مهما كان دون أن يشعر فى بعض الأوقات، بعض الأوقات أن هناك حسابات هنا أو هناك.