وجوه غابت عن ساحة النقاش والحوار تحت قبة البرلمان خلال مدة تجاوزت 45 يوما، حيث اختفت هذه الوجوه عن إبداء آرائها فى المناقشات التى دارت داخل المجلس، سواء خلال تحديد مصير القوانين التى أصدرت فى غياب البرلمان، أو حتى خلال مناقشات مواد مشروع اللائحة، أو إبداء الرأى فى أى من الموضوعات التى طرحت للنقاش داخل المجلس.
وأول هؤلاء النواب أسامة العبد الذى اختفى عن العيون داخل البرلمان بحاله الصمت التى اتبعها من خلال عدم إبداء رأيه فى أى من الأمور التى ناقشها المجلس بعد عدم فوزه بمنصب رئيس المجلس خلال الانتخابات، التى أجريت داخل ائتلاف دعم مصر، عكس ما كان عليه الوضع قبل هذه الانتخابات، حيث كان يظهر فى وسائل الإعلام ليدلى بآرائه حول دور البرلمان فور تشكيله.
ويأتى فى المرتبة الثانية النائب أسامة الأزهرى الذى تم تعيينه بقرار من رئيس الجمهورية، والذى سادت حوله هالة من التساؤلات، خاصة أنه يسير على نفس نهج أستاذه النائب أسامة العبد، فمنذ أن تم تعيين الأزهرى لم نجد له تصريحا أو إعلانا لموقف من قرارات البرلمان، أو إبداء لأى رأى حول مناقشات الجلسات، أو حتى فى وسائل الإعلام.
وفضل "الأزهرى" الاكتفاء فقط بأمرين، الأول إصدار بيان واحد، وهو ما أرسله إلى كل وسائل الإعلام عن العلاقة الوثيقة التى تربط مصر بالمملكة المغربية، وذلك عقب عودته من المشاركة فى المؤتمر، الذى نظمته وزارة الأوقاف المغربية بالتعاون مع منتدى تعزيز السلم، دون الموافقة على أى من التصريحات الإعلامية حرصا منه على عدم وجود لغط حول أى تصريح يدلى به فى وسائل الإعلام، أو أن يكون تصريحه ردا على أحد فيخلق منه صراعا.
وثالث النواب كان النائب محمود بدر المعروف بأنه من محبى إبداء الآراء فى القضايا العامة والظهور حتى فوزه بمقعد البرلمان على قوائم حب مصر، حيث لم نره يناقش أو يعرض موقفا فى أى من الأمور والقوانين والقضايا التى ناقشها البرلمان خلال الجلسات الماضية، والتى كان آخرها ضحية الضرب الأحمر، حيث غاب النائب عن إعلان موقف، سواء برفض التعدى من قبل أمناء الشرطة على المواطنين، أو المطالبة بمحاسبتهم.
وأرجع البعض حالة الصمت التى انتابت النائب إلى الخلاف، الذى نشب بينه وبين أهله دائرته بعد وصفه لأحد أهالى دائرته بـ"البغل"، ومطالبته بأن يناديه بسيادة النائب، وهو الأمر الذى أغضب منه أهل دائرته، ودفعهم لإرسال رسالة له عبر وسائل الإعلام، قائلين: "إحنا اللى عملنالك قيمة، وبعد مرور شهر من هذه الأزمة خرج النائب ليدلى بتصريحات صحفية فقط فى محاوله منه لتصحيح الأمر، وإعلانه حل أزمة الصرف الصحى لدائرته بعد موافقة وزير الإسكان على إنشاء محطة صرف صحى لهم، ثم عاد بعدها أيضا إلى الصمت وعدم التعبير عن رأيه، وهو ما جاء مخالفا لتوقعات الكثيرين بأنه سيكون من المؤثرين فى البرلمان.
أما الشخصية الرابعة فكانت من نصيب نساء البرلمان، حيث سادت هالة جدلية كبيرة حول النائبة لميس جابر فور تعيينها من قبل رئيس الجمهورية، خاصة بعد التصريحات الجدلية، التى أدلت بها فى وسائل الإعلام، والتى تعبر فيها عن موقفها من ثورة 25 يناير بقولها إن الثوار فى مظاهرات 25 يناير 2011، التى أطاحت بحكم الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك ونظامه، "قتلوا أنفسهم"، وتأكيدها أن ما حدث فى أحداث يناير سلوك غريب وليست ثورة، لتتبع هى الأخرى بعد ذلك سياسه الصمت فى التعبير عن موقفها من التقارير التى تعرض على البرلمان.
وعن موقفها حتى من اللائحة نجدها صامتة فى الجلسات، ثم تخرج بعد ذلك لوسائل الإعلام لتعلن موقفها، وهو ما حدث أول مرة مع قانون الخدمة المدنية، حيث أكدت النائبة فى تصريحاتها أنها طالبت بتعديله لإحداث توازن فى المعادلة بين النهوض بمصلحة مصر من خلال ازدهار القطاع الحكومى، ولعدم ترك العنان لرئيس المصلحة فى تقييم العاملين لديه، وعند النظر فى الجلسات نجدها لم يظهر لها وجه على الشاشة الخاصة بكلمة النواب.
وحول موقفها من بداية المجلس فى مناقشة مواد اللائحة، لم نرى منها أى مقترح أو تعديل أو حتى الاعتراض على شيء، حيث فضلت "لميس جابر" أن تتقمس دور المشاهد أمام التلفاز عند متابعته لمسلسل.
أما الوجه الأخير فكانت الدكتور آمنة نصير، فهى لم تختلف عمن سبقوها فى اتباع سياسة الصمت تحت قبة البرلمان، والخروح للإعلام للإعلان عن موقفها بعكس ما كان متوقعا لها أيضا، فبمجرد فوزها وعلمها بأنها ستترأس الجلسة الأولى، لكونها أكبر الأعضاء سنا، خرجت لتفتح حربا على حزب النور ونوابه بتهديدهم بإيقاف الجلسة وطردهم إذا خرجوا عن حلف القسم الدستورى، إلا أن هذا الحلم لم يظل طويلا، خاصة بعد أن أعلن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى أسماء النواب المعيين ليموت بهذا القرار حلم "آمنة نصير" بتعيينه المستشار بهاء أبو شقة، والذى يكبرها بما لا يقل عن عام، ويصبح هو بهذا القرار رئيس الجلسة.
وأغلقت النائبة صفحة رئاسة الجلسة لتفتح بها صفحة أخرى بيضاء داخل قاعه البرلمان، إلا أنها قررت أن تظل بيضاء دون أن تسجل عليها أى تدوينة أو موقف، أو رأى حول الأمور والتقارير والقوانين التى نظرها مجلس النواب، واتجهت مثلها مثل الباقيين إلى وسائل الإعلام لتجعله منبرا تعبر فيه عن آرائها، والتى كان آخرها موقفها من ما حدث فى جلسه يوم الأحد، والتى كانت يتم خلالها مناقشة مواد مشروع اللائحة الجديدة للمجلس، من تهديد النائب مرتضى منصور للنائبه هالة أبو السعد، حيث أكدت "آمنة نصير" أن طريقة مرتضى بها الكثير من الفجاجة وعدم اللياقة التى لا تليق بالحوار مع بعضنا البعض فى البرلمان، ليكون هذا التصريح هو آخر أقوالها حتى الآن عبر وسائل الإعلام، وهو باب آخر تخلق منه صراع مع مرتضى.