بالتزامن مع الفشل الذريع الذى حصده حزب النور السلفى فى الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية، ظهرت الكثير من الأصوات المطالبة بحل الحزب، وإبعاد أصحاب الدعوة السلفية عن السياسة.
المثير هذه المرة أن الأصوات المطالبة بحل الحزب والبعد عن السياسة لم تكن من تيارات سياسية مدنية، بل كانت من أنصار الدعوة السلفية وأبنائها، وحلمت تلك الدعوات الكثير من النصائح التى تؤكد أن أصحابها لا يحملون كرها لساسة السلفيين، بل ربما يريدون الإصلاح والخير – حسب ما ورد فى دعواتهم.
محمد سعيد رسلان يوجه نداء الغيرة على المحارم
دعا الشيخ محمد سعيد رسلان الداعية السلفى، الدعوة السلفية إلى حل ذراعها السياسية، حزب النور، والعودة إلى المساجد والعمل الدعوى.
وقال "رسلان" فى كلمة مسجلة بالفيديو يتداولها السلفيون: "على الدعوة السلفية أن تحل حزب النور، وتتبرأ مما كان، والعودة إلى شيوخها، وتطهير نفسها من الأفكار التكفيرية والإخوانية"، وأضاف "رسلان": "من الحق أن يعود المرء من الباطل إلى الحق، بل هذا من أحق الحق، ولا يعيب أحدا، فلو أنهم قاموا اليوم، وأعلنوا أنهم يحلون الحزب، ويعودون لاتباع شيوخهم الكبار فى التوفر على الدعوة، بعد تخليصها مما شابها من الحزبيات، ومما دخل عليها من الأفكار التكفيرية والإخوانية، وما لوثها من هذا القدر الذى دخل عليها فكان ما كان، فلو أنهم قاموا اليوم ففعلوا ذلك، لعظم أمرهم فى أعين المسلمين المخلصين، وعرفوا أن العودة إلى الحق من أخص خصائص المسلم، الذى يعرف الحق ليتبعه، لا أن يعرف الحق ليجتنبه، ويصر مكابرا على الباطل، والله المستعان".
"رسلان" يستشهد بحديث حذيفة
واستشهد "رسلان" فى نصيحته للدعوة السلفية بحديث ورد فى الصحيحين، فعن "حذيفة" رضى الله عنه، بن اليمان يقول، كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركنى، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا فى جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم"، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم، وفيه دخن"، قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يهدون بغير هدى، تعرف منهم وتنكر"، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها"، قلت: يا رسول الله، صفهم لنا؟ قال: "هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا"، قلت: فما تأمرنى إن أدركنى ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".
وأضاف "رسلان": قال صفى الرحمن: هذا الحديث يعطينا موقفا ثابتا من ظروف هذا الزمان الذى نعيش فيه، وأنه ليس للمسلمين أن يقيموا فى بلادهم تلك الأنظمة السياسية، التى تبنى على خوض المعارك الانتخابية من قبل الأحزاب، وإنما الذى يجب عليهم إن كانوا حكاما وأمراء، أن يحكموا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويطبقوا الشريعة الإسلامية الغراء، من غير أن يخافوا لومه لائم، وإذا لم يكونوا حكاما، فعليهم أولا أن يثبتوا على عقيدة الإسلام، ويلتزموا بأحكامه، ثم يحاولون تغيير الظروف بالدعوة إلى الله فى لين".
تجارب الإسلاميين مع الانتخابات
وذكر رسلان: "قد دلت التجارب فى شتى أنحاء العالم الإسلامى، أن هذا هو الذى أفاد المسلمين، وأنقذ كثيرا منهم من براثن الضلالة والغواية والفواحش، وأن الجهود التى بذلت فى هذا السبيل جاءت بنتائج محمودة، تبشر بالخير وتحفز لمزيد الجهود والعمل، لاسيما إذا قارناها بالجهود الكبيرة التى بذلها الإسلاميون السياسيون، ثم لم يجنوا من هذه الجهود إلا الظلم والقهر والحبس والملاحقة والمطاردة، وما يشكلاها من جميع أنواع الجور".
التجارب أثبتت فقد الثقة فى التيار الإسلامى
وأكمل "رسلان": "قد دلت التجارب العديدة أن الإسلاميين بعد خوضهم الانتخابات فقدوا ثقة الناس فيهم أكثر مما كسبوا من القوة السياسية، وكان من جراء ذلك أن سبل الدعوة إلى الله ضاقت عليهم، وباءوا بالخيبة والحرمان فى كثير من المجالات، فالسبيل إنما هو الصبر على الأذى، والمثابرة على الدعوة إلى الله، ومحاولة صرف الحكام وعامة المسلمين عن منهجهم إلى المنهج الإسلامى القويم، مع انتظار الفرج والرحمة من الله رب العالمين".
نداء للمنخدعين ببهرجة أقوال دعاة الانتخابات
وتابع : "لا يزاد على ما سبق سوى أن يوجه النداء لإخواننا فى الله المنخدعين ببهرجة أقوال دعاة الانتخابات بأن يفيقوا من سباتهم الذى هم فيه، إننا نناديهم نداء العطف والشفقة عليهم، بأن يتوجهوا إلى ما ينفعهم من تعلم العلم النافع والعمل به".
نداء الغيرة على المحارم
واستطرد "رسلان": "إننا نناديهم نداء الغيرة على المحارم، وأن يحافظوا على محارمهم من الانحراف، والجرى خلف الأقوال المبهرجة والخطب الرنانة التى تدعو المرأة إلى أن تسفر عن نفسها، وتزاحم الرجال للخوض فى المعارك الانتخابية" مضيفاً: "إننا ننادى دعاة الانتخابات الإسلاميين أن يكفوا ألسنتهم عن القول الباطل ونناديهم من باب الخوف عليهم من نار جنهم يوم القيامة".
ودعا "رسلان" أعضاء الدعوة السلفية إلى أن يتوبوا إلى الله تعالى عما ما جرئ من دعواتهم الناس إلى المشاركة فى التحزب وأن يبينوا بطلان ذلك كما بينوا جوازه، مستشهدا بقول الله تعالى "إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم".