انتهى قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة المستشار محمود رسلان، من مناقشة ومراجعة التعديلات التشريعية على أحكام قانون هيئة الشرطة، بما يتوافق مع الدستور، والذى سيتم إرساله غدا الخميس، إلى مجلس الوزراء لعرضه على البرلمان تمهيدا لإقراره بعد الاطلاع على مواده.
تعديلات قانون الشرطة تُعيد الانضباط الأمنى وتحقق الردع العام
وتحقق التعديلات التشريعية على قانون الشرطة، الانضباط الأمنى ومنع تجاوزات أفراد وأمناء الشرطة فى حق المواطنين، وفقا لما طالب به الرئيس عبد الفتاح السيىسى من وزير الداخلية، بإدخال تشريعات على القانون لوقف تجاوزات الشرطة ضد المواطنين، وذلك بعد حادث مقتل سائق على يد رقيب شرطة بمنطقة الدرب الأحمر والمعروفة بـ"ضحية الدرب الأحمر".
وقال المستشار محمود رسلان، رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة، إن القسم انتهى اليوم من مناقشة ومراجعة مشروع قانون تعديل أحكام القانون رقم 109 لسنة 1971 والخاص بهيئة الشرطة، وتدوين الملاحظات الهامة على ما جاء بمواد المشروع، مشيرا إلى أن قسم التشريع سيرسل القانون غدا إلى مجلس الوزراء تمهيدا لعرضه على البرلمان ثم إقراره.
وأوضح "رسلان" فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، أن التعديلات التشريعية على قانون هيئة الشرطة تم دراستها ومقارنتها بالنصوص الدستورية، وانتهى القسم إلى حذف بعض العبارات وإضافة بعض العبارات الأخرى بما يتوافق مع صحيح الدستور.
وأشار "رسلان" إلى أن التشريعات الجديدة استهدفت تعديل المواد المتعلقة علاقة أفراد الشرطة بالمواطنين، وإنشاء مجالس لتأديب أحدهما ابتدائى والأخر استئنافى بما يضمن محاسبة المخطئين مع وضع ضمانة له فى إمكانية الطعن على قرار مجالس التأديب، وكيفية استخدام السلاح الميرى وضوابطه.
يحظر حمل السلاح الميرى كعهدة شخصية فى أوقات الراحة
ومن بين أهم التعديلات التى تم إدخالها على القانون هى إلزام الجهاز الشرطى بعرض أمناء وأفراد الشرطة الموقع عليهم جزاءات بصفة مستمرة بسبب سوء استغلالهم لمنصبهم أثناء تعاملهم مع المواطنين، على لجنة مختصة تضم عناصر طبية من أساتذة الأمراض العقلية والعصبية لبيان حالته النفسية وفى حالة إذا ثبت عدم صلاحيته تم عرض الأمر على المجلس الأعلى للشرطة واتخاذ قرار بإحالته إلى وظيفة مدنية.
كما يحظر الاحتفاظ بالسلاح الأميرى كعهدة شخصية، ويجب عليه تسليمه لإيداعه بمخزن سلاح الجهة التى يتبعها عقب انتهاء الخدمة.
وأشار "رسلان" إلى أن المذكرة الإيضاحية للمشروع والمقدمة من وزير الداخلية إلى أن تلك التعديلات المقترحة قد جاءت بفلسفة رئيسية تقوم على إعادة الانضباط الوظيفى، وتحقيق الردع من الجزاءات التأديبية، وإقصاء من يثبت عدم قدرته على الاندماج بإيجابية مع قواعد الانضباط ونظم العمل والسياسات الأمنية التى تقوم بصفة أساسية على تحقيق التوازن بين متطلبات الأمن واحترام حقوق المواطنين وحرياتهم.
وقد شملت التعديلات المقترحة تعديل نصوص بعض المواد من القانون للتأكيد على ضرورة احترام الضابط أو الفرد للعرف السائد بهيئة الشرطة، والذى يقوم على احترام الدستور والقانون ومعايير حقوق الإنسان وحماية الحقوق والحريات والالتزام بالشرعية الإجرائية، مع الالتزام بتقديم أعلى مستويات الخدمة الأمنية فى إطار من الحفاظ على قيم المجتمع المصرى والعادات والتقاليد والثقافات.
عدم التجاوز فى حق المواطن والنيل من كرامة الشرطة أبرز المحظورات على أمناء الشرطة
كما تضمنت التعديلات إضافة عدد من المحظورات التى تهدف إلى ضبط الأداء الأمنى منها عدم التجاوز مع المواطنين أو النيل من كرامتهم أو كرامة هيئة الشرطة أو مخالفة الحقوق والحريات والواجبات المكفولة بالدستور والقانون أو ما يرد بالتعليمات أو الكتب الدورية الصادرة عن وزارة الداخلية، أو الانضمام إلى أى من الكيانات الحزبية والنقابية أو السياسية أو الدينية أو الفئوية، وكذا عدم السماح بإنشاء أو المُساهمة فى إنشاء اتحاد أو جمعية أو نقابة أو لجنة نقابية غير مرخص بها أو بما يتعارض مع مقتضيات الوظيفة، وذلك دون الإخلال بحق عضو هيئة الشرطة فى الانضمام للنقابات المهنية (الأطباء – الصيادلة – المهندسين...) المرتبطة بالمؤهلات الدراسية والعمل المُتخصص له.
وتحقيقًا للانضباط والالتزام الوظيفى بتحقيق أعلى معدلات الأداء الأمنى، فقد تم تعديل نص المادة (73) بإضافة بند يتضمن اعتبار عضو هيئة الشرطة مقدمًا استقالته إذا انقطع عن العمل لمدة ثلاثين يومًا غير متصلة فى السنة، وتعتبر خدمته منتهية فى هذه الحالة من اليوم التالى لاكتمال هذه المدة شريطة أن يتم إنذار المُنقطع كتابةً بعد انقطاعه بعشرة أيام، وهو ما يتسق مع نصوص وقوانين الوظيفة العامة المتتالية.
وتوافقًا مع مقتضيات العدالة وتحقيقًا للردع العام والخاص والعدالة الناجزة فقد أكدت المادة (77) مكررًا (1) على ضرورة إبلاغ النيابة فورًا عن أى جناية أو جنحة يرتكبها الأفراد، على أن يوضع الفرد تحت التحفظ فى جهة عمله لمدة لا تزيد على 24 ساعة لحين عرضه على النيابة.
ومع تكرار بعض الظواهر السلبية من بعض الأفراد، فقد أضيفت لهم من المحظورات التى شكلت فى الآونة الأخيرة خروجًا صارخًا وغير مألوفًا عن المجتمع الشرطى الذى كان الانضباط والالتزام عنوانًا لمسيرته البطولية والوطنية، وقد شملت المحظورات فى المادة (77) مكررًا (3) الاحتفاظ بالسلاح الأميرى كعهدة شخصية مع الالتزام بتسليمه وإيداعه بمخزن سلاح الجهة التى يتبعها عقب انتهاء كل خدمة يكلف بها الفرد، ويستثنى من ذلك الحالات التى يقدرها رئيس المصلحة أو من فى حكمه للضرورات والمبررات الأمنية بناءً على فحص مدير إدارة البحث الجنائى بالجهة أو من فى حكمه وذلك بعد استطلاع رأى الجهات الأمنية وهو ما يعنى إلغاء قرار وزير الداخلية رقم (1773) لسنة 2011 الذى كان يُعطى الحق للأفراد باستلام السلاح كعهدة شخصية، فى ضوء ما أظهرته المتابعة من إساءة بعضهم استعمال السلاح بصورة متكررة أدت إلى وفاة المواطنين أو إصابتهم بجروح خطيرة.
يحق لوزير الداخلية نقل أعضاء الشرطة لوظيفة مدنية لصالح العام
منح مشروع القانون فى المادة (102) مكررًا وزير الداخلية سلطة نقل أيًا من أعضاء هيئة الشرطة – عدا المعينين مهم بقرار من رئيس الجمهورية – إلى وظيفة مدنية إذا ثبت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام، وهذا النص يتماشى مع الطبيعة النظامية لهيئة الشرطة والتى تأبى استمرار عضو الشرطة الذى لا يتجانس مسلكه مع طبيعة العمل بالشرطة لما لذلك من تأثيرات سلبية وخيمة على التعامل مع المواطنين؛ كما أن هذا النص يمثل تواترًا لما يجرى العمل عليه فى قطاعات مهمة بالدولة كالمخابرات العامة والقضاء، وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات.
وقد استحدث المشروع عدة مواد جديدة تعاملت مع بعض الظواهر التى أفرزها الواقع العملى.
هذا وقد أجرى قسم التشريع مراجعته للمشروع المعروض وأبدى ملاحظاته لإرسالها لمجلس الوزراء لاستكمال إجراءات استصداره وعرضه على مجلس النواب، بحسبانه السلطة المختصة بالتشريع دستوريًا ليتخذ ما يراه محققًا للغاية من التعديلات المشار إليها.