اشتعلتْ معركة جديدة من نوعها بين القاهرة وتل أبيب، حول نسب "النقاب" إلى ديانة البلدين الإسلامية واليهودية، وعَقَّبَتْ صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية على تصريحات نائبة البرلمان آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية فى جامعة الأزهر، مؤخرًا حول "أن النقاب ليس إسلاميًا، وأنه جاء من المجتمعات اليهودية التى عاشت فى شبه الجزيرة العربية"، معتبرة حديثها "غير صحيح وأنه لا يوجد إثباتٌ تاريخىٌ أو ثقافىٌ بأن للنقاب جذورًا يهودية".
وزعمت الصحيفة العبرية أن مصرَ فى طريقها لمنع النساء من ارتداء النقاب فى الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية، لافتة إلى أن تقاريرَ غربيةً أشارت إلى أن القاهرة فرضت عدة قيود على ارتداء النقاب، كان آخرها فى شهر فبراير الماضى، عندما حظرتْ جامعة القاهرة على الممرضات والطبيبات وضع النقاب فى كليات الطب والمستشفيات التعليمية.
الصحيفة العبرية: لا يوجد إثباتٌ تاريخىٌ أن النقاب له جذور يهودية
وادَّعَتْ الصحيفة العبرية أن النقاب، وهو غطاء الرأس الأكثر تشددًا من الحجاب، لا علاقة له بالمجتمعات اليهودية، ولا يوجد إثباتٌ تاريخىٌ بأن له جذورًا يهودية، وأنه لم ينتقل إلى المجتمعات الإسلامية والعربية من اليهود، كما قالت عضو البرلمان المصرى د. آمنة نصير.
أستاذ دراسات إسرائيلية: مذكور فى العهد القديم أكثر من مرة
ومن جانبه رَدَّ الدكتور محمد أبو غدير، رئيس قسم الدراسات الإسرائيلية السابق بجامعة الأزهر، على تصريحات الصحيفة الإسرائيلية، موضحًا أن النقاب مذكور فى العهد القديم أكثر من مرة، وأنه نشأ فى منطقة شبه الجزيرة العربية كعادة اجتماعية وليس على أساس دينى، وتبنته القبائل اليهودية الرحالة، التى كانت تدفع نساءها لارتدائه حرصًا على حمايتهن من الاعتداء عليهن أثناء التنقل والترحال.
وقال "أبو غدير": "لا يمكن لليهود إنكار هذه الحقيقة، فالنقاب موجود بالعهد القديم فى نص البعث (الترجمة العربية)، والمرأة الإسرائيلية كانت تلبسه فى الجزيرة العربية، خاصة بمناطق اليمن، حيث كانوا مجموعة من الرعاة الذين يخافون على نسائهم، ويرغبون فى حمايتهن من الأغراب".
وكشف الأستاذ بجامعة الأزهر أن بعض القبائل اليهودية المتشددة لا تزال نساؤها ترتدى النقاب حتى الآن داخل إسرائيل، فهناك جماعة طالبان الإسرائيلية التى رحلت من كندا إلى إسرائيل لا تزال نساؤها يرتدين غطاء الوجه حتى الآن، معتبرا إنكارهم ليس له أى سبب واضح.
واختتم "أبو غدير" حديثه قائلا: "كلام الدكتورة آمنة نصير صحيح 100% فهى مختصة بدراسة مقارنة الأديان، وتعلم الكثير عن الديانات الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام وليس الإسلام فقط، فالنقاب ليس فرضًا إسلاميًا، وغير مذكور على أسس الدين الخمس، وهو عادة يهودية اجتماعية قديمة".
خبير دراسات عربية إسرائيلية: الحجابَ مفروضٌ فى القرآن أما النقاب فليس هناك أى نص دينى يلزم بوجوبه
وشدَّد الدكتور محمد عبد الأحد، خبير الدراسات العربية الإسرائيلية، على أن هناك إثباتًا واضحًا للنقاب فى العهد القديم، وكان يسمى "بُرقع"، وورد فى سفر "دانيال" نصًا من الآية 30 إلى 36 كالتالى: "قالا أمام الشعب أرسلوا إلى سوسنة ابنة حلقيا التى هى امرأة يوياقيم فأرسلوا.. فأتت هى ووالداها وبنوها وجميع ذوى قرابتها.. وكانت سوسنة ترفة جدًا وجميلة المنظر.. فأمر هذان الفاجران أن يكشف وجهها وكانت مبرقعة ليشبعا من جمالها.. وكان أهلها وجميع الذين يعرفونها يبكون.. فقام الشيخان فى وسط الشعب ووضعا أيديهما على رأسها.. فرفعت طرفها إلى السماء وهى باكية لأن قلبها كان متوكلا على الرب".
وأوضح "عبد الأحد" أن مطالبة "نصير" بمنع ارتداء النقاب فى الأماكن العامة الهدف الرئيسى منه هو الحرص على عدم تشويه صورة الإسلام، من خلال ارتكاب جرائم تحت غطائه، مؤكدًا أن الحجابَ مفروضٌ فى القرآن، أما النقاب فليس هناك أى نص دينى يلزم بوجوبه، وارتداء المسلمات له اختيار وتفضل منهمن، وإذا قضت المصلحة العامة بعدم ارتدائه، فلابد من خلعه، حرصًا على سلامة المجتمع، ومنعًا لارتكاب المزيد من الحوادث تحت غطاء الإسلام، الأمر الذى أيده الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، وأستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة مصر الحديثة، مشيرًا إلى أن ارتداء النقاب يأتى من قبيل الحرية الشخصية، والعادات المباحة، حيث لا تؤمر به المرأة ولا تنهى عنه شأن الحرية فى الملبس، أمَّا فى أوقات ضرورة كشف الوجه فيجب على المرأة الانصياع لذلك، ونزع النقاب.
نائب رئيس "النور" مخاطبًا آمنة نصير: الكنيست الإسرائيلى لم يطلب إلغاء نقاب اليهوديات
من جانبه، هاجم الدكتور طلعت مرزوق، نائب رئيس حزب النور السلفى للشؤون القانونية، الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب عن ائتلاف دعم مصر وأستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، بسبب مطالبتها بمنع النقاب، قائلاً: "أعضاء الكنيست الإسرائيلى لم يطالبوا بإلغاء نقاب اليهوديات".
وأضاف "مرزوق" – فى تدوينة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل االجتماعى "فيس بوك" - أن نواب الكنيست الإسرائيلى لم يطلبوا منع نقاب اليهوديات أو غيرهن بحجة الظروف الأمنية، كما ذكرت آمنة نصير، متسائلاً: "ألا يسبب التبرج مشكلات أمنية؟ ومنها زيادة التحرش وخلافه، وألا توجد وسائل غير المنع تحقق الأمن المفقود؟ وزِىّ النساء الموافق للموضة والمخالف للشريعة عادة مين؟".
كانت الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب عن ائتلاف دعم مصر وأستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، قد أكدت فى تصريحات مسبقة أنها تنتظر قانون منع النقاب منذ 25 عامًا، وأن النقاب من شريعة اليهود وليس من الشريعة الإسلامية، ويتسبب فى أزمات عديدة تتعلق بالأمن فى مصر.