لم يكن من المتوقع على الإطلاق أى نتيجة من مجلس النواب حول برنامج الحكومة سوى إعلان قبول البرنامج، حتى على الرغم من الجلسات التى شهدتها الأيام الماضية للجان الفرعية كانت تقوم بدراسة المحاور السبعة لبرنامج الحكومة، فضلا عن استدعاءات الوزراء والمناقشات والخناقات.
فمنذ البداية أعلنت جميع الأحزاب الممثلة بالبرلمان دون استثناء قبولها للبرنامج، وبالتأكيد ائتلاف دعم مصر كان أول الموافقين، الكتلة الوحيدة التى أعلنت اتجاهها لرفض البرنامج هى مجموعة 25 – 30، أما تكتل الإرادة المصرية فمازال لم يحسم موقفه من البرنامج، لكن الأكيد على أى الأحوال أن جلسة الأحد القادم ستنتهى إلى إعلان البرلمان الموافقة على الحكومة، موافقة غير مشروطة لكنها مرفقة فقط بتوصيات على حد قول وكيل مجلس النواب السيد محمود الشريف.
3 أسباب تدفع البرلمان للموافقة على برنامج الحكومة
التوقعات بموافقة مجلس النواب بمنتهى السهولة واليسر على برنامج الحكومة لم تكن تحتاج إلى اجتهادات فى البحث عن لماذا سيوافق البرلمان؟، لأن الإجابات ببساطة تختصر فى أن التيار صاحب الأغلبية بالبرلمان وهو ائتلاف دعم مصر "المعروف موالاته للسلطة" سيوافق على البرنامج خلال طرح أمر تجديد الثقة فى الحكومة فى الجلسة العامة، هذا فضلا عن أن البرلمان يتجنب الدخول فى أى متاهات قانونية أو دستورية تنتج عن الرفض أو عدم تجديد الثقة والتى يمكن أن تؤدى فى النهاية لحل البرلمان، السبب الثالث وفقا لمنطق كثير من النواب، هو أن ظروف البلد لا تتحمل وأن الموافقة على الحكومة ضرورة وليست اختيارا، بالتالى يتم تمرير هذا البرنامج الذى لاقى انتقادات كثيرة من عدد من الخبراء والمتخصصين سواء على المستوى الاقتصادى أو الاجتماعى أو أى من المجالات الأخرى.
السيد محمود الشريف: وافقنا على البرنامج بناءً على تقارير اللجان الفرعية
السيد محمود الشريف وكيل مجلس النواب ورئيس اللجنة الخاصة لدراسة برنامج الحكومة قال لـ"برلمانى"، إن تقرير اللجنة الخاصة التى شكلت لدراسة بيان الحكومة والرد عليه انتهت فى توصياتها إلى قبول برنامج الحكومة مع كتابة كل الملاحظات التى وضعها النواب على مستوى اللجان الفرعية التى كانت تدرس المحاور السبعة للبرنامج.
وأضاف "الشريف"، أن الموافقة على برنامج الحكومة جاءت نتيجة لما انتهت إليه اللجان السبعة، مؤكدًا أن جميعها انتهت إلى قبول برنامج الحكومة مع وضع ملاحظات فى كل محور يتعين على الحكومة الأخذ بها.
أما عن من الذى سيكتب التقرير النهائى للجنة قال وكيل مجلس النواب، إن اللجنة أحالت التقارير السبعة إلى الأمانة العامة لمجلس النواب لتقوم بإعداد التقرير النهائى بناءً على ما جاء بالمحاور السبعة وبإشراف من رؤساء لجان المحاور السبعة.
وأشار إلى أن المجلس هو صاحب القرار النهائى، وجلسة الأحد المقبل ستتضمن عرض التقرير النهائى للجنة التى قامت بدراسة البرنامج متضمنًا جميع محاوره وستتم مناقشة التقرير الذى تضمن الموافقة على البرنامج مع توصيات بالتزام الحكومة بتنفيذ جميع الملاحظات التى أوصى بها أعضاء اللجان السبعة خلال الجلسة العامة.
لجنتا دراسة البرنامج الاقتصادى والإصلاح الإدارى أكثر اللجان التى شهدت مناقشات ساخنة
الأمن القومى المصرى، وترسيخ البنية الديمقراطية وتدعيمها، والبرنامج الاقتصادى للحكومة، والعدالة الاجتماعية وخدمات المواطنين، والتنمية القطاعية، والإصلاح الإدارى والنزاهة والشفافية، والصعيدان العربى والإفريقى.. تلك هى المحاور السبعة التى تضمنها برنامج الحكومة، والذى تم تشكيل لجنة فرعية لكل محور لدراسته على حدى ثم عرض الأمر فى النهاية على اللجنة التى يترأسها السيد محمود الشريف وكيل البرلمان.
وأغلبية هذه اللجان لم نشعر بوجودها على الإطلاق أو بمناقشتها للمحور الذى تعمل عليه، بينما كانت هناك لجنتان شهدت اجتماعاتهما مناقشات ساخنة خاصة فى ظل حضور الوزراء المختصين، هما لجنة البرنامج الاقتصادى، ولجنة الإصلاح الإدارى، اللجان الأخرى انتهت مبكرا من تقريرها بالموافقة على برنامج الحكومة.
وبالرغم من أن جميع اللجان انتهت فى توصياتها إلى رأى كما يقول وكيل مجلس النواب – بالقبول - ، إلا أن الوضع كان مختلفا عند اللجنة الاقتصادية.
ويقول الدكتور على المصيلحى رئيس اللجنة، إن التقرير قسم إلى أربعة أجزاء، مقدمة، ملاحظات عامة، ملاحظات تفصيلية، ثم توصيات، لكنه لم يتضمن فى النهاية رأى بالقبول أو الرفض، وأكد المصيلحى أنهم حتى الآن لم يتلقوا ردا من الوزراء (التخطيط والمالية) على الملاحظات التى أبدتها اللجنة، لكنه أشار إلى أن جلسات مناقشة برنامج الحكومة لابد للبرلمان أن يعطى رؤية حقيقة ويناقش كل الزوايا حتى نصل بالبرنامج إلى ما هو مطلوب تحقيقه.
اللجنة الاقتصادية لم تتلق ردا من الوزراء على ملاحظاتها رغم الوعد بإرساله خلال 24 ساعة
وهو نفس ما أكدته النائبة سولاف درويش عضو نفس اللجنة، من أنهم لم يكتبوا أى رأى بالموافقة أو الرفض لكن أوردوا فقط ملاحظاتهم، مشيرة إلى أن الوزراء كانوا متجاوبين مع جميع ملاحظاتهم التى سجلوها على البرنامج الاقتصادى للحكومة.
وهنا انتقد النائب مدحت الشريف عضو اللجنة أيضا عدم إرسال الوزراء ردا على ملاحظاتهم، خاصة أن وزير التخطيط تحديدا وعدتهم بالرد كتابة على الـ27 ملاحظة خلال 24 ساعة من تاريخ جلسة مناقشاتهم مع الوزراء، وهو ما لم يتم حتى الآن، ما يعتبره الشريف مؤشرا سلبيا على تجاوب الحكومة لملاحظات النواب.
إيهاب الطماوى: وافقنا على برنامج الحكومة بتوصيات ولست شروط ولم نتلق ردا على ملاحظاتنا
ويقول النائب إيهاب الطماوى عضو لجنة ترسيخ البنية الديمقراطية، إن اللجنة بالفعل انتهت فى تقريرها إلى قبول برنامج الحكومة مع وضع ملاحظة هامة وهى وضع بيان توقيتات التنفيذ، وجدول زمنى واضح للتنفيذ خلال مدة البرنامج، بمعنى أن برنامج الحكومة يغطى حتى 30 – 6 – 2018، لكن سجلنا ملاحظة أن تكون هناك أجندة زمنية واضحة بخصوص محور تأسيس البنية الديمقراطية.
وأضاف "الطماوى" هذا ليس شرطا وإنما توصية ونتمنى من الحكومة أن تستجيب فى إطار التعاون المشترك بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية من أجل مصلحة الوطن والمواطن.
وبسؤال "الطماوى" عن ما إذا كانت اللجنة قد تلقت أى رد من الحكومة حول ملاحظتهم بالجدول الزمنى، أكد أنه لم يحدث لكنه أشار إلى أن بعض الوزراء الذين حضروا للمناقشات فى محاور أخرى أرسلوا بالفعل جدولا زمنيا للبرنامج.
كيف يضمن البرلمان أن تلتزم الحكومة بتوصياته؟
إذا فكما ذكرنا فإنه ليس هناك أى احتمالات أخرى خلال جلسة الأحد المقبل سوى بقبول برنامج الحكومة، وهو ما أكد عليه السيد محمود الشريف وكيل المجلس من أن التقرير النهائى للجنة ككل والمتضمن الرأى فى المحاور السبعة انتهى إلى الموافقة على البرنامج، مع وضع ملاحظات وتوصيات النواب، لكن السؤال هنا كيف يضمن البرلمان أن تلتزم الحكومة بهذه التوصيات أو تلتفت إليها من الأساس؟ ربما تتجلى الإجابة على هذا السؤال فى موقف وزيرى التخطيط والمالية اللذين وعدا اللجنة الاقتصادية بالرد على كل ملاحظاتهم خلال 24 ساعة منذ جلسة السبت الماضى وهو ما لم يحدث حتى الآن.
الغريب أن عددا كبيرا من النواب ينظر إلى مجرد حضور الوزراء لاجتماعات اللجان هو أمر طيب واستجابة من الحكومة لهم، لكن الأمر فى الحقيقة بديهى جدا ومن صميم حق النواب وعملهم مطالبة الوزراء بالحضور لمناقشتهم فى أى من الأمور فما بالنا إذا كان الأمر يتعلق ببرنامج الحكومة.
موقف آخر غريب شهدته لجنة دراسة برنامج الحكومة والتى يترأسها السيد محمود الشريف وكيل البرلمان والتى انعقدت أمس الثلاثاء، وهى أنها لم تدع جميع الأعضاء إلى الحضور بل اكتفت بدعوة الخمسين عضو الذين صدر قرار باختيارهم فى حين الأعضاء الذين انضموا بناءً على دعوة رئيس المجلس لم توجه الدعوة لهم، وهو ما كان محل استهجان ورفض واستنكار من هؤلاء النواب، لكن السيد الشريف رد على هذا قائلا، إن الأمر لم يكن متعمدا وغير مقصود وأن ما اجتمعت بالأمس لجنة صياغة التقرير النهائى ولم يكن هناك إمكانية لتوجيه الدعوة للأعضاء الـ200، لكنه أكد الأخذ بجميع ملاحظات النواب.