ماذا غيرت أمريكا فى "بدران"؟

150 يوما تقريبا مرت بعد آخر ظهور لمحمد بدران رئيس حزب مستقبل وطن ذو الـ25 عاما، فمنذ إعلانه انسحاب حزبه من ائتلاف دعم مصر فى 20 ديسمبر الماضى، وبدران لايظهر فى حديث تليفزيونى، ولا أماكن عامة، ولا يصرح للجرائد ولايعلق على أية أحداث مهما كان أهميتها.



150 يوما كانت كفيلة أن تُخرج بدران من مصائد الأزمة التى ألمت به عقب إعلان الانسحاب من دعم مصر، والتحليلات والشائعات التى أثيرت حول هذا القرار وكواليسه، فكان ابتعاد بدران – رئيس ثانى أكبر حزب فى مصر- عن الساحة والمشهد هو القرار الأصوب، سواء كان اختياريا أو اضطراريا.

والأمس عاد بدران للظهور لأول مرة، لكنها الآن من أمريكا، الدولة التى اختار بدران أن يسافر إليها ليكمل دراسته، ليطرح ظهوره تساؤلات كثيرة، عن التوقيت، والسبب، والطريقة، وعما غيرته الحياة بالولايات المتحدة الأمريكية فى الزعيم الصغير.

للاطلاع على النص الكامل لحوار بدران

الاختفاء وقت الأزمة والظهور عن الضرورة ولإعلان أمر مهم

كان اختفاء بدران طيلة الفترة السابقة قرارا سليما فى أغلب جوانبه، وكانت إيجابياته أكثر من سلبياته، حيث خرج رئيس الحزب من المشهد فى توقيت زادت فيه التساؤلات حول قرار الانسحاب من دعم مصر، وزاد فيه الهجوم عليه واتهام الحزب بأنه صناعة الدولة وأن الأجهزة تدعم بدران ومجموعته، لدرجة وصلت لأن البعض توقع أن نهاية بدران قد اقتربت وأن قرار الانسحاب الخاطئ، الذى تراجع عنه الحزب بعد 24 ساعة قد يكون آخر قرارت بدران، فكان خروجه المؤقت من المشهد قرارا صائبا فى هذا التوقيت.

كما أن ظهور بدران فى الوقت الحالى لأمر ضرورى وهو الإعلان عن بدء تنفيذ إنشاء منظمة مستقبل وطن الدولية للشباب، وهو مايؤكد أن الشاب تعلم البعد عن الإعلام فى الوقت المناسب والظهور فى الوقت الذى يكون ظهوره فيه ذا قيمة وتأثير، على طريقة نظرية "ندرة الظهور تكثف الحضور".

ترتيب اللقاء على طريقة الزعماء والقيادات السياسية

ولم يكن ظهور بدارن أمس مجرد ظهور عشوائي، بل بدا عليه الترتيب المسبق، من حيث المُحاور والموضوعات، والأسئلة، والإجابات، فلم يغامر بدران بالظهور فى إحدى القنوان الأمريكية، رغم أنه كان يستطيع أن يرتب لذلك بسهولة، وكان يستطيع أن يجرى حوارا صحفيا، لكن رئيس الحزب الشاب، تعلم أن اللقاءات التليفزيونية التقليدية غير محمودة العواقب، خاصة فى أمريكا، فمن يدرى ماذا سيسأله المذيع على الهواء، وبأى شىء سيهاجمه، كما أنه لم يثق فى حوار صحفى قد يتم تلوين عناوينه وتصريحاته فيها، فقرر أن يظهر من خلال لقاء مسجل، يبدو أنه تحمل تكاليف تصويره وإنتاجه، ليضمن لنفسه التزام المحاور بالأسئلة، ويضمن أن الحديث سيصل من فمه إلى المصريين مباشرة دون تعديل أو إضافة، وهو مايشبه طريقة الرؤساء فى إجراء حواراتهم ولقاءاتهم التليفزيونية.

التزام التدقيق وترتيب محاور الحديث وإخفاء الانفعالات

ظهر بدران خلال اللقاء ملتزما فى حديثه حتى تجاه جماعة الإخوان، ولم يورط نفسه فى اتهامات لأى طرف أو فصيل، وكان مباشرا ومحددا فى رسالته التى يريد أن يوصلها، وسار فى حديثه فى محاور وأسئلة محددة لم يخرج عنها المحاور ولم يخرج عنها هو فى الإجابات.

كما التزم بدران طوال الحوار بألا يظهر على وجهه أية انفعالات، فكان دائما هادئ الوجه، والصوت، حتى أثناء حديثه عن المرشح فى انتخابات الرئاسة الأمريكية "دونالد ترامب".

"بدران" يفضل الدبلوماسية فى الردود واختيار مناطق الهجوم

ومن حيث موضوع الكلام، جاءت ردود بدران فى أغلب الأمور دبلوماسية، لاتحمل إجابات مختلفة عما تعودنا سماعه، ولم يفاجئ بدران أحدا بالهجوم على أشخاص أو تيارات فى مصر، بل فضل التركيز على رسالته، التى يريد إيصالها، ليصل أعلى جملة فى الحوار هو إعلانه عن منظمة مستقبل وطن الدولية للشباب.

ولم يتطرق بدران بالهجوم لأحد إلا ترامب، وفضل ألا يهاجم أى تيار فى مصر، بل أكد أنه لايريد أصلا أن يتحدث عن الشأن الداخلى فى مصر وهو خارج مصر، لكنه فقط أكد على دعمه للدولة المصرية وللرئيس عبد الفتاح السيسى، ورفض مايقال عن أن مصر تحت حكم عسكرى.

تعلم الندية ووضع "رجل على رجل" مثل المحاور

وهذه الملاحظة كانت أغرب مايمكن أن تراه فى هذا الحوار، حيث ظل بدران ومحاوره طيلة وقت اللقاء واضعى قدما على الأخرى، فى مشهد غريب، ورغم أن بدران لم يعتد هذه الجلسة فى أى لقاء تليفزيونى سابق، إلا أنه فعل ذلك طول وقت هذا اللقاء، وذلك كما ظهر كان ردا على الطريقة التى جلس بها محاوره – قد يكون دون قصد- إلا أن ذلك جعل بدران مجبرا على الجلوس بنفس الطريقة.

شاهد بدران "رجل على رجل" أمام مستشار البيت الأبيض