أكد رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى، أن مصر تحتاج إلى غرفة تشريعية ثانية، على أن تختلف الشروط اللازم توافرها فى أعضائها عن تلك الشروط الخاصة حاليًا بأعضاء مجلس النواب، وقال موسى فى حوار لـ«برلمانى»، إن الدستور منح البرلمان سلطات واسعة، وذلك على عكس مما يقوله البعض من نوابه، واصفًا الحديث عن إلزام الدستور للبرلمان بعمل مصالحة مع جماعة الإخوان، بأنه «تفسير معوج» لبعض نصوصه.
ورأى موسى، أن مصر تحتاج فى الوقت الحالى إلى الاستقرار ورؤية اقتصادية إصلاحية وشاملة، وليس إلى ثورة جديدة، مشيرًا فى الوقت نفسه، إلى أن هناك أخطاء داخلية، وأخرى مهنية تحتاج إلى مواجهتها، مشددًا على ضرورة أن تتعامل الحكومة بحسم فى مواجهة أى خروج عن القانون، كما جرى فى واقعة السيدة القبطية بالمنيا.. وإلى نص الحوار:
بداية كيف ترى الدعوات الخاصة بتعديل الدستور وبعضها انطلق من البرلمان، بدعوى أن الدستور ظلم المجلس النيابى، وقيده خلال أول دور انعقاد، وأنه لا يناسب احتياجات المواطن المصرى حاليًا، وهو ما جاء على لسان أسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان مؤخرًا، وبالتوازى مع إشهاركم للمؤسسة المصرية لحماية الدستور؟
- هذه وجهة نظر، وبالتأكيد هناك حرية كاملة للجميع فى إبداء الرأى، ووجهة نظر الأخ أسامة هيكل أحترمها، لكن لا أتفق معه، الدستور أعطى البرلمان سلطات واسعة، باعتباره برلمانًا منتخبًا معبرًا عن الناس، وقوته تأتى من انتخاب أعضائه وصفتهم التمثيلية، وكذلك التفويض الذى أعطاه الشعب له بتلك الأغلبية الكبيرة، ولذلك لا أرى أن هناك قيودًا وضعها الدستور على البرلمان، وفى النهاية لا حرية بدون حدود، والحدود هى التى وضعها الدستور على كل سلطات الدولة.
لكن عدد آخر من النواب تحدثوا عن أن الدستور تضمن ألغامًا وضعت البرلمان فى مأزق، وطرحوا تساؤلًا مهمًا بشأن عدم فهم المادة 241 من الدستور والمتعلقة بقانون العدالة الانتقالية، واعتبروا أنها ألزمت البرلمان بعمل مصالحة مع الإخوان، ما ردك؟
- هذه تفسيرات معوجة، لأن الدستور لا يتحدث عن اتجاه أو حزب أو جماعة، وإنما الدستور موجه للشعب كله.
يفرض الدستور على الدولة تخصيص 10% من الناتج القومى لقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمى، وهذا ما لم يتحقق فى الموازنة العامة حتى الآن، هل مخالفة الدستور فى ذلك الإطار تؤدى إلى عدم دستورية الموازنة؟
- نحن لا نبحث عن الخراب، وليس دورنا أن ندمر الدولة، نحن نريد أن تنجح الدولة، وأن نعالج الخلل الذى حدث بها، وتنفيذ هذه الخطط أو تحقيق احترام الدستور ونصوصه منوط بالبرلمان، وهذا السؤال يوجه لأعضائه، وعلى الحكومة أن تُطلع البرلمان على خطتها فيما يتعلق بتنفيذ النصوص الخاصة بميزانية التعليم والرعاية الصحية والبحث العلمى، والبرلمان يعلم هذا الكلام، ومفترض أن يتحدث فى هذا الإطار، حفاظًا على الدستور، إلى جانب أن الموازنة معروضة على البرلمان الآن، ليناقشها ويستطيع طلب تنفيذ تلك النصوص، أو اقتراح ما يراه من إضافات.
وكيف تقيم أداء البرلمان حتى الآن؟
- أرى أن أداء الأعضاء يتحسن، واكتساب الخبرة مهم عن طريق الممارسة.
وكيف رأيت واقعة تحذير رئيس البرلمان للنواب بعدم الحديث عن السياسة النقدية أمام الإعلام والإحالة للجنة القيم لمن يخالف؟
- أنا رأيت رد الفعل فى الإعلام ولدى الناس، ولا يحتاج الأمر منى لتعليق، يكفى رد فعل الناس اللى أنا تابعته وسمعته.
وبماذا تنصح الدكتور على عبدالعال فى سياق إدارة جلسات البرلمان؟
- مش من وظيفتى أنى أنصح على عبدالعال أن يفعل أو لا يفعل.
هل مازلت ترى أننا نحتاج غرفة تشريعية ثانية؟
- طبعًا مفيش كلام، نحتاج لمجلس شيوخ، وتكون لعضويته شروطًا غير تلك المطلوبة فى أعضاء مجلس النواب، وإذا كان الحد الأدنى لعمر أعضاء مجلس النواب 25 سنة، فيكون الحد الأدنى لأعمار أعضاء مجلس الشيوخ بين 35 و40 سنة، وإذا كان الإطار التعليمى لدى أعضاء مجلس النواب مرنًا، فيجب أن يكون الإطار التعليمى لمجلس الشيوخ غير مرن، ويتطلب الحصول على شهادات عليا، وأن تكون هناك تخصصات فى جميع المجالات، وهناك نسبة للتعيين بشروط واضحة، لاستكمال الاحتياجات فى مسائل تتعلق بالحياة المصرية، وعدد كبير من الملفات.
فى ضوء ذلك.. كيف ترى هذا العدد الضخم من النواب بالبرلمان؟
- لا أرى أن يضم مجلس النواب 600 نائب ليس لهم مكان يكفيهم، ويجب أن يكون عدد أعضاء البرلمان أكبر من قدرة المساحة البرلمانية على استيعابهم، وعدد المقاعد نفسها لا يكفيهم، وبعض الناس قالوا وقتها إنهم ممكن يتزنقوا.. المسألة مش سينما، والفكرة إن عضو مجلس النواب يجب أن يقعد، وهو قدامه مراجعة وقاموس وأوراق وأقلام ومناخ معين، حتى تكون المناقشة جيدة، صحيح المناقشات تتم داخل اللجان النوعية، لكن هذا لا ينفى الحق والواجب والمسؤولية للمناقشة فى الجلسة العامة، وهذا الجزء يحتاج لتعديل، لكن ليس الآن، لأن تعديل الدستور فى هذا الوضع الملتبس كلام لا معنى له، وربما بعض من يقولونه مش فاهمين، يعنى إيه تعديل دستور، الأمور يجب أن تهدأ، وأرى أن الفصل التشريعى الأول للبرلمان غير مناسب، تعديل الدستور، ده للنقاش بين النواب، والنقاشات المتبادلة بين البرلمان والحكومة، وربما تظهر أمور خلال الممارسة تقتضى التعديل، ومحدش ضد التعديل الرصين للدستور، والدستور نفسه نص على كيفية تعديله، إما أن يكون التعديل عن طريق المزايدة والصياح، فهذه مسألة غير مقبولة.
هل تعتقد أن البرلمان سيستطيع إنجاز القوانين التى ألزمه بها الدستور خلال أول دور انعقاد؟
- حتى الآن لم يحدث هذا، لكن أرجو أن يحدث على وجه السرعة الممكنة.
يرى البعض أن حادث الطائرة الأخير جزء من «مؤامرة على مصر».. كيف تقرأ مثل هذه الأحداث؟
- أنا مش مقتنع بجملة «مؤامرة على البلد» كليًا، صحيح هناك مؤامرات، إنما هناك أخطاء داخلية، وأخطاء مهنية، وهناك أسباب كثيرة توصلنا إلى ما نحن فيه، وحادث الطائرة صادم ومحزن بالتأكيد، وهو يأتى ضمن أمور كثيرة تتعرض لها مصر هذه الفترة، ونرجو أن تنتهى، أما التعليق على ما حدث، فهناك من افترض أنه عمل إرهابى، وهناك من قال إنه خطأ فنى، والتفسيرات كثيرة ولا أريد أن أدخل فى هذا الجدل، ولا يصح أن يدخل فى تلك الأمور من لا يقرأ أو يفهم جيدًا، وأرجو أن نعرف السبب الحقيقى، حتى نعالج الأمور بطريقة صحيحة.
تقول إن هناك أمورًا كثيرة أوصلتنا لما نحن فيه.. هل تعنى أوصلتنا لحالة الخلل التى نعيشها الآن؟
- نعم الخلل موجود، ومن أجل ذلك قامت ثورتان.
وهل من الممكن أن تقوم ثورة جديدة؟
- لأ، لسنا فى حاجة إلى ثورة الآن، أبدًا أبدًا، نحن فى حاجة إلى استقرار ورؤية اقتصادية ورؤية إصلاحية شاملة، مثل رؤية 2030، إحنا مش كل سنتين نقوم بثورة، ده كلام ما يمشيش، الآن، دور الاستقرار، وتحقيق الإصلاح سويًا وبالضرورة.
هل تعتقد أن الجهاز التنفيذى للدولة يسير فى طريق الإصلاح والاستقرار بالشكل السليم؟
- مؤكد أن موضوع الإصلاح والاستقرار فى ذهنهم، هذا لا يحتاج لكلام، لكن الفكرة فى آلية تحقيق ذلك وسرعته، والشعب يتابع ذلك ومهتم به، ونرجو أن تُوفق الحكومة فى الوصول لتحقيق الإصلاح والاستقرار.
ينشغل الرأى العام المصرى حاليًا بواقعة السيدة القبطية فى المنيا.. هل ترى أنه من الواجب أن يلتقى رئيس الدولة بتلك السيدة؟
- الموضوع أعمق وأكبر من مجرد لقاء، وما حدث فى أبو قرقاص جريمة، وفيها خرق للدستور والقانون والقيم المصرية، ومبادئ كل الأديان، ويجب على الحكومة أن تتصرف بحسم كبير فى هذا الموضوع، ويجب أن ندرك أنه آن الأوان ليكون موقف الدولة والحكم شديد القسوة فى إطار القانون، لمنع مثل هذه الجرائم التى تقوم على التطرف، وهو ما يمس بقماشة المجتمع المصرى، ويهدد استقراره وأمنه وسلامته.
وكيف رأيت قرار تغريم متظاهرى «جمعة الأرض» 100 ألف جنيه؟
- هيجيبوا المبلغ ده إزاى؟ 100 ألف جنيه، الحقيقة شايفهم كتير كمواطن مصرى، لكن أنا لا أعلق على أحكام القضاء.
هناك من يتهم الدولة المصرية بأنها تفكر بعقلية بوليسية.. كيف ترى ذلك؟
- لأ ده كلام مش مضبوط على إطلاقه.
وما هو تقييمك لأداء الإعلام المصرى؟
- بتفرج عليه بشكل قليل، والإعلام يحتاج لمراجعة كبيرة، تناسب التغير الحادث فى الخريطة الإعلامية، والعمل على ضمان ألا يدفع تغيرها، إلى أن يزيد الطين بلة.
لو انتقلنا إلى الشأن الخارجى.. كيف ترى التخوفات بعد أن أصبح دونالد ترامب المرشح الجمهورى الرسمى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
- هو إحنا يعنى كنا حلينا مشاكلنا مع الإدارات السابقة، علشان نخاف من الإدارة القادمة.. دعنا ننتظر ونرى!.
من الموضوعات المهمة أيضًا ملف "سد النهضة" هناك مماطلات شديدة فى المفاوضات كيف ترى الحل النهائى لتلك الأزمة؟
- موضوع سد النهضة أصبح يتطلب خطوة مختلفة، ويجب أن نطرح الأمر على إفريقيا، وأن نطالب بتشكيل لجنة من حكماء إفريقيا للتدخل فى هذا الموضوع فورًا، وأن تنطلق لجنة الحكماء من ضرورة إبقاء التعاون بين دولتين إفريقتين مهمتين، وبالتالى لا يصح أن يتأذى أحد مما سيتخذه الآخر.
وكيف ترى أزمة مقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجينى؟
- نحن نأسف لتتابع تلك الأزمات معنا، وربما مع كل المأساة التى مثلتها أزمة ريجينى والطيارة وغيره، إنما ضرورى أن تستفيد مؤسسات الدولة من التجارب، بحيث تتعامل مع تلك الأمور بطريقة أفضل على الدوام، أرجو دراسة الفعل ورد الفعل وتصرف المؤسسات الدولية، بطريقة تجعلنا أقدر على مواجهة تلك الأمور، وأن يكون التعامل معها وتفهم دواعيها بشكل أفضل، وأرى أن تعدد الأزمات أمر يدعو إلى الانزعاج، لكن لا يجب أن يدعو إطلاقًا إلى الاضطراب. أخيرًا..
هل من الممكن أن يترشح عمرو موسى لرئاسة الجمهورية مرة أخرى؟
- لأ، مش هيحصل.