فى توقيت مهم من عمر الحياة السياسة المصرية، وداخل أحد أهم البرلمانات المصرية، نشأ ائتلاف "دعم مصر"، الذى ظهر إلى النور منذ عدة شهور قليلة، كتجمع لعدد من الشخصيات العامة والسياسة تحت عنوان "قائمة فى حب مصر"، التى تم تشكيلها كتكتل انتخابى محدود، لا يزيد عدد أعضائه عن عدد مرشحيه فى الانتخابات، إلا أن هذا الائتلاف وفى غضون عدة أشهر تحول إلى أحد أهم الكيانات السياسية على الساحة المصرية، حيث أصبح الكيان السياسى الأكثر قوة وتأثيرا وتنظيما بين كل القوى داخل البرلمان وخارجه.
وقد استطاع الائتلاف وقياداته أنه يصنعوا هذا النجاح عبر عدة مراحل تأسيسية، وبالعبور من مأزق متعددة، ومن خلال عدة عوامل سعى الائتلاف إلى ترسيخها عبر الشهور الماضية.
1- عكس طبيعة الكيانات السياسية.. "غياب الشللية"
رغم أنه ليس عيبا –فى عرف السياسة- أن يكون هناك "شلة" تفضل العمل مع بعضها، وبينها تقاربا أو تفاهما مختلفا عن "شلة أخرى" داخل نفس الكيان السياسى، سواءا على أساس المصلحة الواحدة، أو العدو السياسى الواحد، إلا أن ائتلاف دعم مصر، استطاع منذ نشأته أن يحافظ على تجانس وحدته، ورغم قوة وشراسة ماتعرض له من انتقادات إلا أنه ظل متماسكا من داخل غير متحزبا، ولم ينشأ داخله "شلل" تتصارع أو تتحزب.
2- عدم وجود صراعات وبحث على المناصب
الأمر الثانى الذى ساهم فى ترسيخ قواعد الائتلاف وعبوره من كثير من المأزق والاختبارات، أن أعضائه لم يظهروا فى كل الاختبارات الماضية صراعا أو بحثا عن المناصب، بل أن الائتلاف خاض أهم معاركة وهى معركة انتخابات اللجان النوعية بالبرلمان دون أن يتحدث أحد اعضائه بما يسىء لمن دعمهم الائتلاف أو اختارهم لتمثيله فى مناصب البرلمان.
3- الإدارة الناجحة لملف انتخابات اللجان ومنح مقاعد لنواب من خارج الائتلاف
كانت خطوة ترك الائتلاف لعدد من مقاعد رئاسة اللجان لنواب من خارجه، بها الكثير من الحكمة والذكاء، حيث رفعت من رصيد الائتلاف لدى القوى الأخرى فى البرلمان، ورغم أن الائتلاف بحكم عدد نوابه وأغلبيته كان قادرا على حسم كل المقاعد، إلا أن ترك مقاعد لعدد من نواب الوفد والمصريين الأحرار بل ولتكتل 25/30، ودعمهم فى هذه المناصب، مما ساهم على استقرار التعاون بينهم فى المجلس، وإزالة المشاحنات والانطباعات السلبية خلال الأداء البرلمانى.
4- صياغة مشروع فكرى متجانس ومنهج عمل واضح
كان من أكثر العوامل التى ساهمت فى تثبيت قوة الائتلاف هو وضح أهدافه التى نشأ على أساسها منذ البداية كتكتل انتخابى يسعى لتعزيز البرلمان بكفاءات وخبرات هامة فى مجالات مختلفة، ثم تحول سريعا داخل البرلمان إلى ائتلاف يضم هذه الكفاءات ويجمع حوله النواب فى إطار فكرى واضح وصريح فى نيته لدعم استقرار الدولة وتماسكها من خلال دعم استقرار وتماسك البرلمان، وهو ما جعل حصوله على نصاب الأغلبية وانضمام النواب إليه ليس أمرا يحتاج إلى كثير من التفكير، لوضوح الهدف والغاية.
5- رسم مشروع سياسى وتشريعى يضمن التوافق
وفى سياق عمل الائتلاف داخل البرلمان، ومن خلال الملفات والموضوعات التى ناقشها المجلس خلال الفترة الماضية، استطاع الائتلاف أن يخلف من مواقفه وأرائه تجاه تلك القضايا المختلفة، مشروع سياسى واضح وأجندة ومواقف تشريعية محددة، انطلقت قياداته وممثليه فى اللجان النوعية فى تبنيها وتشريعها، واتخاذ مواقف واضحة فيها تتوافق مع السياق العام لمنهج الائتلاف السياسى.
6- تغليب قضايا الوطن على القضايا الشخصية
ورغم ان أغلب نواب الائتلاف ليسوا حزبيين، وبالتالى فكل منهم لديه مشروعه الخاص، ومصالح دائرته المنفردة، إلا أن الائتلاف استطاع أن يجمع كل هذه المصالح والأهداف تحت سقف المصلحة العامة للوطن، وتمكن من أن يجعل قضايا الوطن وأولياته هى المتصدرة للمشهد، وأن تتراجع أمامها المصالح والرغبات الشخصية.
7- دعم استقرار البرلمان فى ظل التحديات التى تواجهه
ورغم توقع الكثيرون أن يواجه البرلمان المصرى صعوبات كبرى فى عامه الأول، وصلت إلى حد توقع الكثيرين عدم قدرته على إكمال مهمته، والعبور من كل تلك الأزمات، التى بدأت مع أول أيام البرلمان فى يناير الماضى، إلا أن وجود ائتلاف دعم مصر، زاد من قدرة البرلمان على تخطى هذه الصعاب، التى نذكر منها على سبيل المثال، إقرار 340 قانونا فى 10 أيام، إنجاز اللائحة الداخلية، تشكيل الحكومة، وإن كل هذه الملفات طبيعية لأى برلمان، إلا أن ما جلعها تحد أمام برلمان ثورة 30 يونيو، وهو عدم وحدة تكوينه، وتعدد أحزابه وكياناته السياسة، وارتفاع نسبة المستقلين فيه عن الحزبيين، مما جعل الكثيرين يتوقعون أن يعانى البرلمان من سيولة وعدم قدرة على تكوين موقف واحد وجبهة قادرة على العبور من هذه الأزمات، وهو مانجح ائتلاف دعم مصر فى تنفيذه بكفاءة تتزايد بعبور اختبار تلو الآخر.
8- فتح قنوات اتصال مفتوحة مع الشخصيات العامة والسياسيين
وكان أيضا من أبرز سمات الائتلاف أنه لم يكن منذ نشأته منغلقا على نفسه وعلى كوادره، بل ظل ساعيا طول الوقت أن يفتح قنوات حوار واتصال مع أغلب الشخصيات العامة والسياسة، حتى التى لم تكن يوما عضوا فى الائتلاف، وهو يحاول من خلال ذلك أن ينقل حالة الوعى الموجودة داخل الائتلاف بقضايا الوطن وأولوياته إلى باقى الكيانات السياسة، حيث يسهل عليه ذلك تنفيذ مشروعه داخل البرلمان، ومن ناحية أخرى يضمن له خطوط التواصل مع كل القوى حتى وإن كانت مختلفة مع أفكاره.
9- دعم الدولة المصرية فى قضاياها الخارجية
وتأكيدا على دور الائتلاف وأهدافه، لم يتوقف دعمه لاستقرار الدولة على الداخل، بل انطلق إلى تبنى الدفاع عن مصر فى قضايا وأزمات دولية، وحمل على عاتقه مهام تمثيل البرلمان والدولة المصرية فى عدة أزمات، منها على سبيل المثال، أزمة مقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجينى، والتى ترأس لها الائتلاف وفدا برلمانيا إلى البرلمان الأوروبى، كما خاض الائتلاف معركة الدفاع عن مصر فى قضية سقوط الطائرة المصرية فى شرم الشيخ، وعودة مصر إلى البرلمان الإفريقي، والاتحاد البرلمانى الدولى، ورغم أن هذه الملفات كان البرلمان هو من يتبناها، إلى أن –بحكم الأغلبية- كانت قيادات الائتلاف وأعضاؤه هم اللاعبين الأساسيين فى هذه المهام التى تصدى لها البرلمان المصرى.
10- تبنى قضايا المواطن المصرى البسيط
وفى مرحلة مهمة من عمر الائتلاف وسنته الأولى فى البرلمان لم يغب عن أعضائه إلى جانب هموم الوطن وقضاياه الكبرى، أن ينطلق الائتلاف بقواعد نوابه من قضايا المواطن البسيط، فى الصعيد والدلتا ومحافظات الحدود، فكان لنواب الائتلاف فى تلك الدوائر الأغلبية فى تبنى حل مشاكل المواطن اليومية، ونقل صوته وشكواه إلى داخل المجلس سواءا فى الجلسات العامة أو فى جلسات اللجان النوعية وفى حضور الوزراء والمسئولين التنفيذيين.