فى ظل حالة من الجدل الشديد بعد صدور حكم القضاء الإدارى ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، الخاصة بجزيرتى تيران وصنافير، واستمرار تبعية الجزيرتين للسيادة المصرية، ورفض دفع هيئة قضايا الدولة بعدم الاختصاص استنادًا للمادة رقم 151 من الدستور، فَجَّرَ صابر عمار، عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى بمجلس النواب، العديد من المفاجآت القانونية لـ"برلمانى".
وقال صابر عمار، إن حكم القضاء الإدارى بمجلس الدولة، الخاص ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية الخاصة بجزيرتى تيران وصنافير، واستمرار تبعية الجزيرتين للسيادة المصرية، لا يعنى وقف تنفيذ قرار مجلس الوزراء بالتوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية فى البحر الأحمر.
إلغاء حكم البطلان الأقرب بعد طعن الحكومة
وأضاف عمار، فى تصريحاتٍ لـ"برلمانى": "حكم اليوم صادر عن محكمة أول درجة، وسيُطْعَن عليه من قِبَل الحكومة أمام المحكمة الإدارية العليا، ومن وجهة نظرى القانونية فإنه من المرجح إلغاء حكم بطلان التوقيع على الاتفاقية".
وعن تأثير الحكم على التزام مصر بتعهداتها واتفاقياتها الدولية، أكد عمار، أن الحكم لا يمس موقف مصر الدولى، خاصة وأن الاتفاقيات الدولية تلزم مصر بعرض الأمر على مجلس النواب، ومن ثم هو صاحب قرار تأكيد أو رفض توقيع الاتفاقية، وهو الأمر الذى لم يحدث حتى الآن، وفى حال رفض البرلمان للاتفاقية، سيكون الأمر مختلف عن الوضع الآن الخاص بحكم القضاء الإدارى، إذ لا يعتد بالأحكام القضائية فى مثل هذه القضايا فى ظل وجود برلمان منتخب ممثلًا عن الشعب.
هل الحكم مخالف للدستور؟
وفيما يتعلق بمدى دستورية حكم القضاء الإدارى ببطلان توقيع الإتفاقية، قال عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، إنه لا يوجد حكم دستورى وحكم غير دستورى بل يوجد قانون أو قرار غير دستورى فقط، فالأحكام القضائية تستند للقوانين والقرارات، والمحكمة استندت لمادة دستورية للاستدلال، وفُسِّرَ الاستدلال بشكل غير واقعى حول سيادة مصر على الجزيرتين، وكان لابد من التفرقة فى أمور مهمة، وهى الملكية، والسيادة، والحيازة.
وأشار عمار، إلى أن الملكية هى تملك دولة ما لقطعة أرض وهو ما يبتعد عن حكم المحكمة اليوم، أما الحيازة فهى أشبه بنظام وضع اليد وهو ما لم تفعله مصر وفقًا للوثائق التاريخية، لكن حكم المحكمة والوثائق التاريخية اعترفوا أن السيادة كانت لمصر على الجزيرتين أى هى المتحكمة فى أمرهما وليست المالكة لهما، وحكم القضاء الإدارى اليوم، خروج عن اختصاص المحكمة، لأن الاتفاقية تقع ضمن أعمال السيادة.
صلاحيات البرلمان فى اتفاقية الجزيرتين
وأوضح عمار، أنه يحق للبرلمان دائما التدخل ليس لمناقشة الحكم الإدارى، بل لممارسة صلاحياته الرقابية فى التصديق أو رفض التصديق على الاتفاقية، ولحين إجراء هذا يكون الوضع كما هو عليه الآن، وأن الاتفاقية لم تدخل فى حيز التنفيذ كما يظن البعض، لعدم تصديق البرلمان عليها لأنها لم تُعْرَض عليه حتى الآن لازدحام الأجندة التشريعية، متوقعًا أن ترسل الحكومة الحكم النهائى من محكمة القضاء الإدارى إلى مجلس النواب.
ترسيم الحدود البحرية مع قبرص
وعن تشابه حالتى ترسيم الحدود بين مصر وقبرص فى البحر المتوسط، ومصر والسعودية فى البحر الأحمر، استبعد الخبير القانونى صابر عمار، وجود أوجه تشابه، قائلاً: "موضوع الجزيرتين ليس له علاقة بترسيم الحدود مع قبرص، فكلا حالة تختلف تمامًا عن الأخرى". كما أكد عدم وجود مدة زمنية منصوص عليها فى القانون لنظر المحكمة الإدارية العليا الطعن المقدم على حكم محكمة القضاء الإدارى اليوم.
تشكيل لجنة من خبراء التاريخ والجغرافيا
وقال عمار: "يجب تشكيل لجنة تقصى حقائق من أساتذة الجغرافيا والتاريخ لمخاطبة المحكمة والشعب المصرى، لأن هناك أساتذة تاريخ متوفين، شهدوا أن الجزيرتين مملوكتين للسعودية، وكذلك أعلنت الحكومة أن خبراء الجغرافيا أكدوا لها قبل توقيع الاتفاقية أنهما ملكية خاصة بالسعودية، لذا يجب الاستعانة بأهل العلم والخبرة الجغرافية والتاريخية للفصل فى الاشتباك القائم".