كتب إبراهيم سالم
أكد الدكتور مشعل بن فهم السلمى، رئيس البرلمان العربى، أن الحفاظ على سيادة دولنا العربية ووحدتها، درءا للمخاطر الحقيقية على الأمن القومى العربى، وما تمثله دولة إسرائيل من تهديد للأمن القومى العربى من خلال احتلالها البغيض للأراضى العربية فى فلسطين وسوريا وجنوب لبنان وممارساتها العنصرية البغيضة ضد الشعب الفلسطينى الصامد، كما أن النظام الإيرانى أصبح اليوم يمثل تهديدا للأمن القومى العربى من خلال استمرار احتلاله للجزر الإماراتية، وتدخله السافر فى الشؤون الداخلية للدول العربية عن طريق إثارة الصراعات والنزاعات الطائفية، وتكوين ميليشيات مسلحة تحل محل الدولة ومدها بالأسلحة لخلق الأزمات وادامة الصراعات فى المنطقة العربية، وإصدار المسئولين الإيرانيين تصريحات عدوانية ضد الدول العربية خاصة مملكة البحرين وجمهورية اليمن بل وصلت عدوانية النظام الإيرانى لاستغلال فريضة الحج لأغراض سياسية والتى هى شعيرة إيمانية تعبدية وذلك للإمعان فى هذا التدخل السافر ضد أمن واستقرار وسلامة المجتمعات والدول العربية. إن هذه الأخطار المحدقة بالدول والمجتمعات العربية تتطلب منا جميعا شعوبا وحكومات، أفرادا وجماعات، مؤسسات حكومية ومدنية، رؤية موحدة أساسها التضامن العربي، والمصير العربى المشترك، للتصدى لهذه الأخطار بإرادة عربية موحدة تضمن وحدة وسلامة المجتمعات والدول العربية وعدم السماح للدول الإقليمية أو الدول الفاعلة على الساحة الدولية من التدخل فى الشؤون الداخلية للدول العربية.
جاء ذلك خلال كلمة رئيس البرلمان العربى بالمؤتمر الثانى للبرلمان العربى ورؤساء البرلمانات والمجالس العربية، حيث أوضح أن انعقاد مؤتمر البرلمان العربى ورؤساء البرلمانات العربية السنوى، والذى يتشرف البرلمان العربى بتنظيمه والدعوة إليه، يأتى استنادا إلى الفقرة الثامنة من المادة الخامسة من النظام الأساسى للبرلمان العربى والتى تطلب من البرلمان العربى التعاون والتنسيق مع البرلمانات الوطنية فى الدول الأعضاء لتعزيز وترسيخ البعد الشعبى ودوره فى مسيرة العمل العربى المشترك، واجتماع أصحاب المعالى رؤساء المجالس والبرلمانات الوطنية فى الدول العربية مع البرلمان العربى اليوم فى هذا المؤتمر يعد أعلى درجات التعاون والتنسيق والتشاور لبلورة رؤية عربية موحدة، تمثل مواقف وتطلعات الشعوب العربية فى القضايا العربية الكبرى والاستراتيجية، وأود أن أعبر باسم البرلمان العربى عن عظيم الشكر والتقدير والامتنان لأصحاب المعالى رؤساء المجالس والبرلمانات العربية على التنسيق والتعاون مع البرلمان العربي، إدراكا للدور المتعاظم المنوط بمجالسنا التشريعية كفضاء يتيح لنا التعبير عما يتوق إليه المواطن العربي، الذى نطمح لتمثيله أحسن تمثيل، خاصة فى هذه الظروف الاستثنائية والتحديات الجسام التى تواجه أمتنا العربية، والشكر موصول لمعالى أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية ولجهوده المشكورة من أجل النهوض بالجامعة العربية وتفعيل دورها وأدائها على النحو الذى يدفع بها نحو استعادة دورها كسند وداعم للدول العربية فى جهودها لاستعادة أمنها ووحدتها وسلامة أراضيها.
وقال رئيس البرلمان العربى، إننا على ثقة تامة بإذن الله تعالى أن هذا المؤتمر سيشكل قوة دفع حقيقية للارتقاء بمسيرة العمل العربى المشترك إلى المستويات التى نبتغيها جميعا، ليشكل رافدا رئيسيا فى مسار تجديد مناهج العمل العربى المشترك، فى إطار منظومة جامعة الدول العربية، وأصبح من الضرورى تكريس دور ممثلى الأمة العربية وإسهامهم فى إضفاء البعد الشعبى على منظومة العمل العربى إدراكا للمسؤوليات والأدوار والمهام لبرلماناتنا ومجالسنا، ضمن سياق تطوير الآليات والهياكل لمنظومة العمل العربى المشترك، وترتيب البيت العربى من الداخل، وتعزيز التضامن العربي، فقوتنا فى وحدتنا وتكاتفنا، استنادا إلى وحدة المصير والهوية والمصالح المشتركة، وتطلعات شعبنا العربى الكبير، لتتبوأ أمتنا العربية المجيدة مكانها الطبيعى واللائق بين الأمم.
وشدد الدكتور مشعل السلمى ان توثيق الصلات بين الدول العربية وتنسيق سياساتها، أصبحت ضرورة ملحة فى ظل الأزمات، المزمنة منها والمستجدة، التى تعصف بعالمنا العربى، وذلك تحقيقا للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها، وهو ما من شأنه، أن يكسب أمتنا المناعة الضرورية التى تقينا من التدخلات الخارجية فى شؤوننا العربية بدعوى حل أزمات المنطقة، ومن المؤكد أن تحقيق مجمل هذه الأهداف لا يتأتى إلا باستعادة الدول العربية للمبادرة السياسية، وفى ضوء ذلك جاء التحالف العربى لاسترداد الشرعية فى اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية وعشر دول عربية، والذى أعطى رسالة لدول الجوار الإقليمى وللدول الفاعلة على الساحة الدولية، أن العالم العربى قادر على حماية الأمن القومى العربى ومساعدة أى دولة عربية تتعرض لعدوان يعرض كيان الدول وأمن شعبها للخطر، كذلك ينبغى فى هذا السياق العمل على تفعيل الآليات العربية لحل النزاعات واحتوائها عربياً، ومنها على وجه الخصوص تفعيل مجلس السلم والأمن العربى الذى نرى أن مهامه تستجيب تماما لمتطلبات المرحلة التى تمر بها أمتنا العربية، حيث أن مجلس السلم والأمن يفترض أن يضطلع بإعداد استراتيجيات الحفاظ على السلم والأمن العربى، واقتراح التدابير الجماعية المناسبة إزاء أى اعتداء على دولة عربية أو تهديد بالاعتداء عليها، وتعزيز القدرات العربية فى مجال العمل الوقائى، من خلال تطوير نظام الإنذار المبكر وبذل المساعى الدبلوماسية بما فيها الوساطة والمصالحة والتوفيق، لتنقية الأجواء وإزالة أسباب التوتر لمنع أى نزاعات مستقبلية وتعزيز التعاون فى مواجهة التهديدات والمخاطر العابرة للحدود، كالجريمة المنظمة والإرهاب ودعم الجهود لإحلال السلام وإعادة الإعمار فى فترة ما بعد النزاعات للحيلولة دون تجددها.
وأوضح رئيس البرلمان العربى إن موقفه ثابت إزاء محاربة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وفى كافة الدول العربية والعالم بلا استثناء، وإدانة الجرائم التى تمارسها التنظيمات والجماعات الإرهابية، خاصة تنظيم داعش الإرهابى، والمليشيات المسلحة، وما ترتكبه من جرائم وحشية ضد الأبرياء، مشيرا إلى أن هذا الخطر الذى بات يهدد أوطاننا جميعا، دون استثناء، وتكتوى بناره العديد من الدول والمجتمعات العربية يوميا، بفعل محاولات عدوانية من قوى الظلام البغيضة، للنيل من حقوق الشعب العربى فى حياة حرة كريمة ومستقرة، ولتعطيل مسيرته التنموية، الأمر الذى يستدعى منا تأكيد العزم مجددا على إجتثاث هذا الخطر بكل الوسائل المتفق عليها واجتثاث التطرف الفكرى والدينى من المجتمعات العربية.
وأشار رئيس البرلمان العربى، إلى ضرورة وضع تشريعات عربية تجرم محاولات النيل من سيادة الدول العربية لمواجهة القوانين الجائرة المنافية للأعراف والقوانين الدولية حول الحصانة السيادية للدول، ومنها ما يسمى بقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (المسمى جاستا)، الذى يعدُّ مخالفا لمبادئ القانون الدولي، خاصة مبدأ المساواة فى السيادة بين الدول، ومبدأ عدم جواز إخضاع الدولة لولاية محاكم دولة أخرى إلا برضاها، وأنَّ سنَّ هذا القانون سيلحق الضرر بالعلاقات الدوليَّةويقوِّض القانون الدولى ويهدد الأمن والسلم العالمي. وقد أعد البرلمان العربى رؤية للتعامل مع قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب كإطار عام للعمل والتنسيق بين البرلمان العربى والبرلمانات والمجالس التشريعية فى الدول العربية.
وفى إطار القضية الفلسطينية أكد رئيس البرلمان العربى، أنها ستبقى هى القضية المركزية والجوهرية لأمتنا العربية، وإن إقرار حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته الوطنية المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطنى وعاصمتها القدس، وإطلاق سراح جميع الأسرى من سجون الاحتلال، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، استنادا إلى القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ، والتمسك والالتزام بمبادرة السلام العربية، هو السبيل الوحيد لإحلال السلام الدائم والشامل فى الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنه لا يزال الدم العربى الغالى يُسفك ويراق كلَ يومٍ فى سوريا وليبيا والعراق واليمن والصومال، كما أن تفاقم أزمة اللاجئين والمهجرين وما يعانوه فى ظل ظروف صعبة، وفى الغالب غير إنسانية، خاصة الأطفال والنساء وذوى الاحتياجات الخاصة، الأمر الذى يؤكد أن تدويل قضايانا العربية لن يأتى بثماره، وأن تدخل دول إقليمية وفى مقدمتها النظام الإيرانى أوجد حالة من العبث بأمن واستقرار العالم العربي، وإن حل مشاكلنا يجب أن يكون بإيدى عربية، مؤكدين على أن الحل السياسى لكل هذه الأزمات المستحكمة يقوم على تغليب مصلحة الأوطان والشعوب وهو المخرج الوحيد من هذه المآسى التى نعيشها.
وقال إن مؤتمرنا هذا يكتسى أهمية قصوى بالنظر للظروف البالغة الحساسية التى تعيشها أمتنا العربية، التى تنتظر منا أن نقدم إسهاما نوعيا وجريئاً، يضيء مسيرة العمل العربى المشترك، بما نأمل أن يقره من إجراءات وتدابير ضرورية، لتعزيز وحدة الصف العربي، وما يتطلبه ذلك من تضافر لكافة الجهود الرسمية والبرلمانية، واستنفار لكل إمكانيات الأمة ومواردها للخروج برؤى وسياسات ومشاريع تعزز صمودها أمام التحديات وتحافظ على وحدتها وقوتها وتحقق تطلعاتها فى الأمن والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد .
وفى الختام تقدم رئيس البرلمان العربى بخالص الشكر والتقدير لجمهورية مصر العربية، حاضنة العمل العربى المشترك، رئيسا وحكومة وشعبا، على احتضانها لأعمال هذا المؤتمر ، مؤكدا دعمه لجمهورية مصر العربية فى حربها على الإرهاب وبما يحقق مصلحة الشعب المصرى الشقيق فى العيش بحرية وكرامة.