كتب إبراهيم قاسم
قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عدلى منصور، برفض الدعوى رقم 14 لسنة 30 ق، والتى تطالب بعدم دستورية المادة (22) من القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية، فيما نصت عليه من أن "لا يقبل عند الإنكار ادعاء الزوج مراجعته مطلقته ما لم يعلنها بهذه المراجعة بورقة رسمية قبل انقضاء ستين يومًا".
واستندت المحكمة فى حكمها إلى أن الطلاق شُرع رحمة من الله بعباده، وجعل أمره بيد الرجل باعتباره أقدر على تحكيم العقل وتبصر العاقبة؛ وكان الطلاق من فرق النكاح التى ينحل الزواج الصحيح بها بلفظ مخصوص صريحًا كان أم كنائية؛ وكان غالبًا ما يقع إذا ما غاب وازع الدين والخلق، وصار بنيان الأسرة متهادمًا، وصرحها متداعيًا، ورباطها متآكلًا يكاد أن يندثر؛ وكان وقوع شقاق استفحل أمره بين الزوجين انحرافًا من أحدهما أو كليهما عن مقاصد الزواج، يقيم بينهما جفوة فى المعاملة لا يكون العدل والإحسان قوامها، بل يزكيها التناحر، فلا تكون حياتهما إلا سعيرًا يمتد أواره إلى الأسرة جميعها، فلا يؤول أمرها إلا هشيمًا، ولا يكون إلفها ووفاقها إلا حسيرًا؛ وكان خلافهما وإن صار عميقًا، ونزاعهما مستحكمًا، لا يحول دون جهد يبذل من جانبهما، ليقيما بينهما حدود الله تعالى، ولما كان أصل شرعة مراجعة المطلق مطلقته هو الآيات القرآنية .
وكان يتعين وجوبًا على المطلق طلاقًا رجعيًا إبقاء إقامة مطلقته فى بيت الزوجية حتى انتهاء العدة، وهو التزام يقع على المطلقة كذلك، أنزله الله تعالى منزلة حدوده التى يُعَدُّ من تجاوزها قد ظلم نفسه، وقد كشف الله جل وعلا، عن حكمته فى ذلك، وهى احتمال مراجعة المطلق نفسه وإعادة العلاقة الزوجية مرة أخرى، الأمر الذى يدل على أن الأصل هو أن تكون المراجعة فى مواجهة المطلقة وبعلمها، وصلًا لعرى الزوجية، ليتحقق التزامها بمقتضيات إعادة الزوجية، فيمتنع عليها الزواج بآخر بعد انقضاء عدتها.
ومن ثم يكون النص المطعون عليه غير مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية وطبيعة الثبوت والأدلة، كما لا يخالف أى نص آخر من احكام الدستور .