الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 08:57 م

النائب أحمد على يكتب عن والدته فى عيد الأم.. المرأة التى صنعتنى

النائب أحمد على يكتب عن والدته فى عيد الأم.. المرأة التى صنعتنى النائب أحمد على
الثلاثاء، 21 مارس 2017 08:39 م
بالنسبة ليا أبويا الله يرحمه كان ضيف شرف حياتي، بمجرد مجيئى للدنيا كان هو بيفارق الحياة، وانا لم أكمل عامى الثالث من العمر، وبالتالي أمي كانت بالنسبة ليا هي الأب والأم والخال والعم، خاصة بعد تمردها وإصرارها على عدم العودة للجنوب مرة أخرى "محافظة قنا"، على الرغم من وفاة زوجها وابن عمها في نفس الوقت، ولكن كانت تقول: الأرض دي والبيت ده "علي" دفع تمنه غربة غالية في العراق، وفي الآخر نسيبه ونمشي! علي عاش بره كتير علشان نعيش احنا هنا فى المرج".

وعلى الرغم من أن جدي والد أمي الحاج "ابو الدهب" كان مرتاح ماليا شويتين، ويمتلك أراضي بقنا، وتاجر شاطر، ويمتلك بيتا ومندرة ضيافة بجنينة أو حديقة أشبه بالفيلا، وفي ذلك التوقيت إخواتها "خوالي" أيضا أوضاعهم المالية أكثر من جيدة، ومنهم من يعمل بالخارج، وايضاً العم وأولاد العم، ولكنها تحدت كلا هؤلاء جميعا ورفضت العودة مرة أخرى للصعيد بقنا، ورفضت العيش مره أخرى في بيت جدي أبو الدهب، ورفضت الراحة التي سوف تتوفر لها من دعم جدي لها وحب جدي لأحفاده، لأن وصية أبويا لأمي كانت أن نعيش في مصر، وكان ذلك هو الأساس الذى تمسكت به لتتخذ قرارها.

الحقيقةً أمي علمتني أهم حاجة في حياتي، وهي إنى أجيب الجنيه بالحلال، وأنا لم أكمل التسع سنوات من العمر، والحقيقة دي مش حاجة سهلة خالص وبيفشل فيها رجاله كتير، وكانت دايما بتقولي "ياولدي الراجل هو اللي يعرف يجيب رغيف العيش بالحلال ".
اشتغلت حاجات كتيرة جدا، بداية من أجازة الصف الخامس الابتدائي في ورش نجارة بالمرج، واسترجي، ونجار مسلح، وبائع خضار وفاكهة في سوق شارع المجاهد بالمرج، وعامل في مخازن ملابس، ونقاش، وعامل بناء ومحارة، وشيلت طوب ورملة وأسمنت وكافة الشغل في المعمار زي مابيقولوا، وذلك منذ أنهيت الشهادة الابتدائية حتي التخرج من الجامعة.
الحقيقة قبول أمي للشغل ده لم يكن من باب القسوة عليا أبدا، ده من باب حكمتها العفوية، وهي "خلي عضمك ينشف وتشوف الدنيا وتتعلم من التجارب دي لأنك عايش في مكان صعب لازم تكون قده وتتعود علي تعبه من دلوقتي علشان متتعبش بكرة".
الحقيقة طول الوقت كان نفسي أحقق أى إنجاز في حياتي، مش لمجرد طموحي فقط ولكن علشان أفرحها هي، علشان أمي ينطبق عليها بالضبط الست اللي عدي شبابها وتعبت صحتها علشان تطلع رجالة محترمين، لما ربنا كرمني في الجامعة وكنت التاني علي دفعتي، كانت فرحتي إني أشوفها فرحانة، ولما وفقت بعضوية مجلس النواب عن المكان الذي أصرت أن أستمر فى العيش فيه منذ أن ولدت ببيت الحاج علي بالأندلس، كانت فرحتي الأكبر هي فرحتها وتشريفها ونفس الامر بالنسبة لإخوتي.
والحقيقة العلاقة بيني وبين أمي كانت الأقوي ما بين إخوتي، بحكم أنني الأصغر سنا، وأبويا مات وأنا لم أكمل عامي الثالث، فكانت طول الوقت عاوزة تعوض حنان الأب الذي لم أره كثيرا مثل باقي إخوتي، فكنت دايما معها بمحلنا المتواضع بالبيت الخاص بِنَا بالأندلس، بالعلافة أو تجارة الحبوب والمنظفات والتجارة بالخضار والفاكهة في شارع المجاهد بالسوق، والحقيقة دي كانت المدرسة الواقعية بالنسبة ليا وبالتالي انا بعتبر امي المدرسة الحقيقية اللي بتعلم منها بدءا من حكاويها عن "علي" ابويا الله يرحمه وقد ايه كان جدع وكريم وبيحب الناس والخير ليهم وجدي "ابو الدهب " الفتوة الجدع وعلمتني كيفية التعامل مع الناس من خلال العمل بالتجارة منذ الطفولة حتي التخرج من الجامعةً.
في تقديري الام هي الحياة وخاصة لو زي امي، ست بميت الف راجل، يارب ديم عليها الصحة والحكمة واحفظها ليا ولأولادها وأحفادها.






print