الحقائق والأرقام لا تكذب، فلا تصدق من يقول لك إن الحكومة رفعت الدعم عن أسعار البنزين والوقود، إذ إنه رغم قرار تحريك أسعار الوقود اليوم، إلا أن الحكومة ما زالت تدعم الوقود بمبالغ كبيرة، وفى هذا التقرير نستعرض معكم الأسعار الحقيقية للمحروقات من واقع التكلفة، مقارنة بالأسعار قبل وبعد الزيادة الأخيرة، ونسبة تغطية التكلفة فى كل وحدة من وحدات المحروقات المختلفة وقيمة الدعم المتبقية.
سعر بنزين 80 وتكلفته الحقيقية
تبلغ التكلفة الحقيقية للتر البنزين 80 ما قيمته 5.50 جنيه، وبعد تحريك الأسعار اليوم سجل اللتر 3.65 جنيه بدلاً من 2.35 جنيه قبل القرار، بنسبة فعلية قدرها 66% من التكلفة، ما يعنى أنه رغم تحريك سعر بنزين 80 اليوم فإن الحكومة ما زالت تدعمه بما قيمته 1.85 جنيه للتر.
سعر بنزين 92 بالنسبة لقيمة التكلفة
تبلغ التكلفة الحقيقية للتر البنزين 92 حوالى 7 جنيهات، وسجل السعر بعد قرا الحكومة اليوم 5 جنيهات للتر بدلا من 3.50 جنيه فى السابق، بزيادة 150 قرشا ونسبة تغطية 71% من التكلفة، ما يعنى أن الدعم المخصص لبنزين 92 بعد تحريك سعره قيمته جنيهان للتر.
سعر السولار وقيمة الدعم القائم عليه
تبلغ التكلفة الحقيقية للتر السولار 6.25 جنيه، وبلغ سعر السولار بعد الزيادة الأخيرة 3.65 جنيه للتر بدلا من 2.35 جنيه قبل القرار، بزيادة قدرها 130 قرشا ونسبة تغطية 58% من التكلفة الحقيقية، ما يعنى أن لتر السولار ما زال مدعوما حتى الآن بـ2.60 جنيه.
سعر البوتجاز وتكلفة الأسطوانة على الدولة
تبلغ التكلفة الحقيقية لأسطوانة البوتجاز "الأنبوبة" 115 جنيها، بينما يبلغ سعرها بعد قرار الحكومة اليوم بتحريك أسعار الوقود 30 جنيها بدلا من 15 قبل القرار، بنسبة تغطية 26.1% من التكلفة، ما يعنى أن الدعم القائم على أسطوانة البوتجاز حاليا 85 جنيها.
سعر المازوت وتكلفة الوحدة
تبلغ التكلفة الحقيقية للوحدة من المازوت 4 جنيهات، بينما يبلغ السعر بعد قرار تحريك أسعار الوقود 3.334 جنيه، بعدما كان 2.334 جنيه قبل القرار، بزيادة قدرها جنيه واحد للوحدة، ونسبة تغطية 83.4% من التكلفة الفعلية، ما يعنى أن الدولة تدعم وحدة المازوت حتى الآن بـ67 قرشا.
فاتورة الدعم ارتفعت فى العام المالى الجديد لـ110 مليارات جنيه
قرار تحريك أسعار الوقود يأتى فى إطار خطة الحكومة للإصلاح الاقتصادى وهيكلة المنظومة المالية للدولة، وتقليل الفجوة بين الإيرادات والمصروفات، ورغم خطوات الحكومة على طريق الإصلاح، فإن فاتورة دعم المواد البترولية فى الموازنة الجديدة وصلت إلى 110 مليارات جنيه، مقابل 35 مليار جنيه خلال العام المالى الجارى 2016/ 2017، ويأتى ذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط خلال العام المالى الماضى من 40 دولارا للبرميل إلى 52 دولارًا للبرميل، وارتفاع سعر الدولار من 8.88 جنيه إلى 18 جنيهًا.
إلى جانب ما تكشفه الأرقام وحجم الفاتورة التى تتحملها الدولة للدعم، فإن كثيرين من الخبراء والمختصين يرون أن خطوات ترشيد الدعم التى تتخذها الحكومة جيدة إيجابية، وربما تكون متأخرة نوعا ما.
فى هذا الإطار، وصف وزير البترول الأسبق المهندس أسامة كمال، الزيادة بأنها ضرورة لا بديل عنها، وأن القرار جاء فى إطار الإصلاحات الاقتصادية التى تتخذها الدولة للخروج من الأزمة الراهنة، وإعادة هيكلة البنية الاقتصادية للدولة ودفع الاقتصاد للتعافى ومواصلة النمو بوتيرة أكثر قوة وانتظاما، كما أنه يعد ضرورة لتفادى الزيادة فى عجز الموازنة العامة للدولة، قائلا: "ما يصحش الأغنياء ياخدوا دعم على البنزين والوقود فى الظروف الحالية للبلد".
وأشاد وزير البترول الأسبق، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، بقرارات الحكومة الخاصة بالحماية الاجتماعية للطبقات المتوسطة والفقيرة، قائلا: "ستكون خطوة جيدة لتخفيف أعباء وآثار تحريك أسعار الوقود على المواطن البسيط، خاصة أن القرار أحد خطوات الدولة العملية للخروج من أزمتها الاقتصادية، وكل تأخير فى حملات الإصلاح الاقتصادى يتسبب فى تفاقم الوضع، كما كان التأخير طوال السنوات الماضية سببا مباشرا فى وصولنا لهذه الحالة"، مشيرا إلى أن الخطأ التاريخى الذى وقعنا فيه على مر العصور، هو دعم السلعة بدلا من دعم المواطن المستحق، وهذا لا يحقق العدالة الاجتماعية المنشودة، وهو ما تسبب فى زيادة فاتورة دعم الطاقة بأرقام ضخمة ومزعجة، مع زيادة استهلاك مصر من الطاقة، من 52 مليون طن فى 2007، إلى 80 مليون طن فى 2017
خبير بترولى: تحريك أسعار الوقود يقلل عجز الموازنة العامة ويخفض الاستيراد
فى سياق متصل، قال الخبير البترولى المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن تحريك أسعار الوقود والمحروقات، ضمن خطة الحكومة للإصلاح الاقتصادى وترشيد الإنفاق، يرتبط بعدد من المؤشرات الاقتصادية المهمة للحفاظ على ثروة مصر البترولية من الاستهلاك الترفى نتيجة انخفاض الأسعار.
وأضاف "يوسف"، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، إن من بين المميزات المرتبطة بالقرار، يأتى على رأسها ترشيد استهلاك المنتجات البترولية والحد من استنزاف الموارد الدولارية المخصصة لاستيراد كميات كبيرة من المنتجات البترولية من الخارج، متابعا: "القرار يعمل أيضا على خفض عجز ميزان المدفوعات وتحسين الميزان التجارى بتخفيض الواردات الخارجية، إضافة إلى التماشى مع متطلبات صندوق النقد الدولى بخفض الدعم الحكومى على المنتجات البترولية، لما له من فوائد كبيرة على تحسين الوضع الاقتصادى للدولة".
وعن عوائد تحريك أسعار الوقود، قال الخبير البترولى مدحت يوسف، إن جانبا كبيرا من عائد تحريك أسعار الوقود وتخفيض فاتورة الدعم الباهظة، سيُوجّه لصالح زيادة الدعم للفئات المستحقة من خلال برنامج "تكافل وكرامة"، وزيادة الحصص التموينية لمحدودى الدخل، يساهم فى وصول الدعم لمستحقيه الحقيقيين بشكل فعلى، مشيرا إلى صعوبة رفع الدعم بشكل كامل عن بعض المنتجات البترولية، كالبوتاجاز، لتدنى أسعاره الحالية حتى بعد تحريكها لـ30 جنيها للأسطوانة، مقارنة بتكلفته الحقيقة المتراوحة بين 130 و140 جنيها للأسطوانة المنزلية، ما يجبر الحكومة على وضع خطة طويلة المدى لتعديل الفارق بين تكلفته وسعره فى السوق.
وأشار نائب رئيس هيئة البترول الأسبق فى تصريحه، إلى أن زيادة الأسعار ستعمل على الحد من الاستهلاك الترفى، واللجوء للبدائل الأخرى من الطاقة الأرخص سعرا والأقل تكلفة، مضيفا: "الحد من الاستهلاك وتخفيض الواردات أمر وطنى فى المقام الأول، لأنه يعنى اعتماد الدولة على مواردها دون حاجة للدين الداخلى والخارجى، وإمكانية سداد الدولة لالتزاماتها فى المستقبل".
كان مجلس الوزراء قد أقر تحريك أسعار الوقود، صباح اليوم الخميس، ووفق القائمة الجديدة للأسعار بعد تحريكها، أصبح سعر البنزين 3.65 جنيه للتر 80 بعدما كان 235 قرشا، و5 جنيهات للتر 92 بعدما كان 350 قرشا، كما تم تحريك سعر السولار من 235 قرشا إلى 3.65 جنيه للتر، والبوتاجاز من 15 إلى 30 جنيها للأسطوانة.