التقى الدكتور على جمعة، مفتى مصر السابق، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة العصر، ومؤسس حملة "أخلاقنا"، بجمهور معرض مكتبة الإسكندرية الدولى للكتاب فى لقاء مفتوح حول الحملة، التى تستهدف الشباب من كل الأعمار، وتهدف إلى إحياء القيم فى المجتمع المصرى ورد الاعتبار للأخلاق.
وقال الدكتور على جمعة، إن 95% من آيات القرآن تتطرق إلى الأخلاق، وتدعو إلى رقة القلب والتسامح والمبادرة والرحمة، و5% يرتبط بالشريعة والأحكام الفقهية، حيث إن من ألف فى أدلة الأحكام قد استند إلى 300 آية قرآنية من أصل 6236 آية.
وأضاف أن المصدر الثانى هو السنة المشرفة، فنجد أنه يوجد 60 ألف متن مع أسانيد كثيرة، ألفان منها فقط يتطرق إلى أدلة الأحكام، أى 3%، بينما يتناول 97% منها الأخلاق المرتبطة بالعقيدة.
وأوضح أن هذا المدخل يؤدى لفهم دقيق لقول الله تعالى: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ"، والذى يعنى بناء منهج وبرنامج يومى للمسلم، وأن هذا هو مراد الله من خلقه، أن يكون حسن الخلق.
وأضاف أن قوله تعالى "بسم الله الرحمن الرحيم" يؤكد على صفة الجمال، فإن أسماء الله الحسنى كلها تعبر عن الجمال والجلال والكمال، وصفات الجمال هى التى يجب أن يتخلق بها المؤمن.
وأضاف: "إياك أن تكون منتقما أو جبارا، فهذا من شأن رب العالمين ليوازن به الكون، ويدبر الأمر عن علم وعن حكمة".
وعن حملة "أخلاقنا"، قال الدكتور على جمعة: إنها تستند إلى الأخلاق النشطة، التى وضعتها الأمم المتحدة، وهم 11 خُلُقا، وتلك الأخلاق يشترك فيها البشر وليس أهل الأديان أو الأعلام فقط، بل هى الأخلاق التى تتفق عليها البشرية كلها ولا يرفضها أحد.. وأضاف أن هذا الاختيار جاء من أهمية البحث عن المشترك لتحقيق المصلحة ونفع البلاد والعباد.
وأكد أن الإسلام يعتمد على هذه القيم، ويحث عليها، ومن هنا قام الدكتور على جمعة بتحويل هذه القيم لمناهج للتعليم، وتم تطبيقها فى المراحل الإعدادية والثانوية فى دولة الكويت، ثم تناولها فى برنامج دينى عُرض فى شهر رمضان.
وأشار إلى أنه من هنا جاءت فكرة تحويل هذه المبادرة إلى برنامج قومى يشمل كل الساكنين فى مصر، مسلمين ومسيحيين، بنسق مفتوح يشمل البشرية كلها.. وأكد أن الحملة تقوم على 10 قيم أساسية، منها الحب والرحمة والتسامح والتكافل والاحترام.
وشدد على أننا نحتاج إلى هذه الحملة فى حياتنا فى الوقت الحالى، لتحويل تلك المعانى والقيم إلى مبادرات ملموسة، وأنه يجب علينا أن نراجع أنفسنا لنرى إلى أى مدى ابتعدنا عن القيم والأخلاق، التى اتبعها من سبقونا، وأين نحن من هؤلاء الذين سعوا لهداية الناس وأخذوا بيد الخلق إلى الله، وأطاعوا الله وفهموا عنه فهمًا صحيحًا.
وقال: إنه لو كنا استطعنا فهم الأخلاق التى حثنا عليها الدين فهمًا صحيحًا لما كنا فى حاجة لمواجهة الإرهاب أو محاربة ثقافة التدمير ومقاومة الفساد، الذى استشرى فى المجتمع.. وأكد أننا لا نفهم "فقه حب الحياة"، فالدين أمرنا أن نحب الحياة، ولكن النموذج الشائع الآن هو أن الدين يكره الحياة، مبينًا أن هذا التفكير هو بداية التفجير والتدمير، وأن "فقه الكراهية" يدعو إلى كره النفس والحياة والآخرين وصولًا إلى الانتحار بسبب الكراهية.
وأكد أن الشخص الذى يقوم بتفجير نفسه لو عرف فقه حب الحياة لأحب الله ورسوله وأحب الحياة، فالحب هو أول درجات الوصول إلى الله.
وشدد فى الختام على أهمية العودة للنصوص، التى تدعو للحب والاحترام والرحمة والصدق والتكافل، وأن نربط الأخلاق الحميدة بالعقيدة.
وقام فضيلته فى نهاية اللقاء بتكريم أعضاء حملة "أخلاقنا" بالإسكندرية وعدد من مسئولى قصور الثقافة بالإسكندرية.
من جانبه أعرب الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية، عن سعادته لقيام الدكتور على جمعة بإطلاق جزء من حملة "أخلاقنا" فى الإسكندرية من مكتبة الإسكندرية، مبينًا أنه يعتبر الدكتور على جمعة أستاذه فى الكثير من شئون العلم والمعرفة وكل ما يخص الدين.
وأضاف "سراج الدين" أن المصريين فى أمس الحاجة لهذه الحملة، فمع زيادة الحديث عن "الحقوق" والدعوة إلى حقوق الإنسان والمواطنة تناسى العديد من الناس "الواجبات" تجاه الأسرة والجار والمجتمع، وقد حان الوقت لاستعادة هذه الأخلاق، التى تأتى من صلب الممارسة الإسلامية.
وقال الشيخ أبو المعارف أحمد، منسق الحملة بالإسكندرية، إن الحملة قد بدأت بعض أنشطتها الشهر الماضى، ولاقت ترحيبًا كبيرًا من الشارع والمدارس والجامعات، فهى تسعى لنشر رسالة الأخلاق للإنسانية كلها.
وأكد أن الناس قد تفاعلوا بشكل كبير مع الحملة، من خلال السلسلة البشرية التى أقيمت أمام مكتبة الإسكندرية وعدد كبير من الفعاليات التى أقيمت للتعريف بالحملة.
وتحدث الدكتور خالد عزب عن أهمية حملة "أخلاقنا" فى توسيع دائرة الخير فى البلاد، وتسليط الضوء على الجوانب الإيجابية فى أخلاق المصريين، مؤكدًا أن "العطاء" هو ما تتسم به جميع المبادرات، التى أطلقها الدكتور على جمعة، كمكتبته فى ميت عقبة التى أتاحها للباحثين لينهلوا منها ما يشاؤون، ومؤسسة مصر الخير التى قامت بنشر الخير وإحياء المكارم التى كادت أن تزول فى زماننا.
