بعيدًا عن جو "نظرية المؤامرة"، التى تشغل بال وعقول الكثير من الخبراء والمحللين المصريين، والتى أكلت أدمغة البعض من المواطنين، هناك حقيقة غائبة عن الكثير يجب الانتباه إليها بشكل كبير ودقيق، وهى أن شركة "إيرباص" الأوروبية هى المستفيد الأول والأخير من ترويج شائعات سقوط الطائرة الروسية بـ"قنبلة" وليس لعطل فنى.
كتب زميلى "يوسف أيوب" فى مقال رائع له حقائق مهمة حول سقوط الطائرة الروسية بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ، وصفها بأنها كشفت عدة أمور تخص مصر وعلاقاتها الخارجية، خاصة مع الدول التى تقول دومًا إنها صديقة لمصر ولشعبها، منها بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة وغيرها.
وأوضح زميلى يوسف خلال مقاله، أن المعلومات المؤكدة حتى الآن، أن نتائج التحقيقات التى تجريها اللجنة الخماسية المعنية بالتحقيق فى حادث سقوط الطائرة الروسية لم تتوصل لأى دلائل عن وجود متفجرات أو عبوات ناسفة داخل جسم الطائرة الروسية، مما يؤكد بالدليل الواضح أن سقوط الطائرة لم يكن عملًا تخريبيًا، على عكس ما تردده بعض أجهزة المخابرات الدولية وعلى رأسها الأمريكية والبريطانية التى لم تتوان عن بث تقارير إخبارية بها روايات مختلفة تحاول تثبيت فكرة واحدة، وهى وجود عمل إرهابى يقف خلف سقوط الطائرة.
وأنا أضيف لك يا يوسف بعض الحقائق الإضافية على هامش هذا الحادث الأليم أيضًا، وهى أن شركة "إيرباص" الفرنسية – الألمانية، التى يقع مقرها الرئيسى فى "تولوز" بفرنسا، يعمل بها حوالى 57 ألف موظف بين مهندس وفنى وإدارى فى 16 موقعًا فى 4 دول بالاتحاد الأوروبى هى: ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة البريطانية وإسبانيا، والنسبة الأكبر من هذه العمالة هم بريطانيين، كما أن لدى الشركة المصنعة للطائرة الروسية المنكوبة فوق رمال سيناء الطاهرة فروع فى كل من الولايات المتحدة، واليابان والصين، وكون أن يتضح السبب الحقيقى وراء سقوط الطائرة هو "عطل فنى" فمعناه خسارة فادحة للشركة وسمعتها قد يؤدى فى نهاية المطاف لتسريح آلاف العمال البريطانيين وغيرهم، بالإضافة لخسارة سمعتها التى تدعى بأنها رقم واحد عالميًا فى إنتاج وتسويق الطائرات التجارية لصالح منافستها الأكبر "البوينج" الأمريكية.
حقيقة أخرى حول الضجة العالمية والادعاءات الكاذبة والشائعات التى روجتها الصحف البريطانية والأمريكية مدعومة بأكاذيب أجهزة استخبارات تلك الدول قبل انتهاء اللجنة الخماسية المعنية بالتحقيق حول الحادث، أنه فى حالة اتضاح أن الطائرة سقطت بفعل عيب فى تصنيعها وصيانتها، ستدفع تلك الشركة العالمية مليارات الدولارات "تعويضات" لأسر الضحايا الروس لتخسر المزيد من الأموال لتضاف لخسارتها، التى تكبدتها العام الماضى، والتى تدفع ملايين الدولارات لوسائل إعلام أجنبية كبيرة لتلميع صورتها.
صديقى يوسف، شركة "إيرباص" الأوروبية لديها لوبى مصالح فى كافة أنحاء القارة العجوز، وهناك حرب اقتصادية ومصالح تجارية عملاقة تجرى خلف الكواليس على حساب سمعة واقتصاد مصر، حتى ينجو أصحاب المصالح الأوربيين بأنفسهم ويبيضوا سمعتهم السيئة، فسوء التصنيع الذى اتضح فى هيكل الطائرة وتاريخها فى الطيران يشهد على ذلك دليل إدانة واضح لتلك الشركات العالمية التى تدعى الجودة، ولنا فى فضيحة سيارات "فولكس" الألمانية عبرة!!
وبالتالى تثبيت فكرة العمل الإرهابى من جانب الولايات المتحدة ودول أوروبية مختلفة وعلى رأسها بريطانيا، يا يوسف ليست لأسباب سياسية فحسب كما ذكرت برغبة هذه الدول فى تصعيد قضية الطائرة لإحراج الرئيس الروسى فيلاديمر بوتين أمام شعبه لموقفه الداعم لمصر وردًا على العمليات الروسية فى سوريا ضد تنظيم "داعش"، الذى صنعته مخابرات الغرب، ولكن لأسباب اقتصادية أكبر وأضخم مما نتخيل.
الغرب لن يستفيد من ضرب السياحة والاقتصاد المصرى وتركيع البلد اقتصاديًا، ولكنه سيخسر إذا تلوثت سمعة شركاته الضخمة وخسرت مليارات الدولارات وتوقفت تلك الشركات عن دفع أجور موظفيها وسرحت العمالة، فمصلحة الغرب هنا هى أن تظل "السبوبة" مستمرة، لأنه فى حال ثبت سقوط الطائرة بفعل فنى، سيخسرون الغالى والنفيس .