فى يوم 14 يوليو الماضى، كتبت فى زاويتى اليومية «ذات يوم» عن قصة الشهيد المصرى صلاح الدين مصطفى الملحق العسكرى فى سفارتنا بالأردن، الذى اغتالته إسرائيل بواسطة طرد بريدى ناسف أرسلته إليه فى السفارة، وفور فتحه يوم 14 يوليو 1956 انفجر فيه وتم نقله إلى المستشفى، ولما تلقى جمال عبدالناصر الخبر أرسل اللواء طبيب مظهر عاشور كبير أطباء الجيش بطائرة حربية فى محاولة مستميتة لعلاجه، كما أرسل والدته لتكون بجوار ولدها، وما إن رآها وهو على فراشه فى المستشفى حتى حاول النزول ليعرف كيف يقبل يدها، وعندما تسمرت عيناها على جسده الممزق، قال لها: «هل ترضيك رقدتى هذه؟، بودى لو أكلتهم بأسنانى»، ولم يكن بحاجة لأن يشرح من يريد أن يأكلهم بأسنانه.
استشهد البطل بعدها بأيام أمام والدته وأطفاله الثلاثة وزوجته، وفى خطاب جمال عبدالناصر الذى أعلن فيه تأميم قناة السويس يوم 26 يوليو 1956، تحدث عنه طويلا فى خطابه.
المهم أننى فى رحلة الكتابة عن هذا الشهيد العظيم، لم أجد معلومات متاحة يمكن الحصول عليها بيسر خاصة من المواقع الإلكترونية، لمعرفة تاريخه الوطنى وأسباب إقدام إسرائيل على التخلص منه فى الأردن.
وفى حدود نطاق ما بحثت لم أجد كتبا عن القضية، وكانت المادة المتوفرة فى الصحف الصادرة وقتئذ فقط، ورغم مرور 60 عاما على هذا الحدث، ورغم تغير الظروف السياسية التى لم تعد فيها إسرائيل دولة احتلال لفلسطين من وجهة النظر الرسمية للعديد من الدول العربية، ورغم تراجع الاحتفاء بسير الشهداء العظام الذين راحت أرواحهم دفاعا عن فلسطين، رغم كل ذلك إلا أننى تلقيت اتصالات عديدة تشيد بالكتابة عن الشهيد صلاح الدين مصطفى.
كان أكثر الاتصالات التى تأثرت بها من المهندس نبيل ابن الشهيد، أسعدنى كثيرا وهو يقدم نفسه لى فى التليفون: «أنا نبيل صلاح الدين مصطفى ابن الشهيد الذى تذكرته بعد 60 عاما من استشهاده، أنا فى السبعين من عمرى».
تحدثنا طويلا واتفقنا على لقاء، وفى اللقاء قدم لى كتيبا صغيرا يشرح القصة كلها.
وغدا نستكمل.