ما يجرى اليوم فى البرازيل من إطاحة الرئيسة ديلما روسيف، يثير قلق الاقتصاديين والسياسيين والأغنياء والفقراء فى البرازيل، ممن عاصروا الانتقال من الإفلاس للتقدم. يقارنون بين تجربة لولا دى سيلفا، وخليفته ديلما التى تنتمى لنفس حزبه، وبنت على نجاحاته 6 سنوات، ثم واجهت انتكاسة تهدد مستقبل البلد الأكثر إثارة للإعجاب فى عالم اليوم.
تجربة لولا دى سيلفا تم تصنيعها محليا بعيدا عن النيوليبرالية المتوحشة التى تقوم على الربح من دون مراعاة للمجتمع، واليسارية المتطرفة التى تقوم على مصادرات وتأميمات.
أعلن التزامه ببرنامج تقشف اقتصادى، وتوجه مباشرة إلى الشعب ليطلب دعمه، كان يرى أن حماية حقوق المستثمرين المحليين والأجانب ترفع النمو وتنعش الأسواق وتزيد فرص العمل، متوازية مع برامج إعانة اجتماعية ورفع متدرج للأجور، وخفض لفوائد قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
خارجيا التزم لولا سياسة خارجية براجماتية، وارتبط بخصوم مختلفين، علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة وفنزويلا وإيران، ارتبط بصداقات مع هوجو شافيز وجورج دبليو بوش، وباراك أوباما وأحمدى نجاد. ومع العالم العربى، يعتبر لولا «مهندس قمة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية» فى برازيليا 2005، وله العديد من المواقف فى دعم القضية الفلسطينية، وضد العدوان الإسرائيلى.
كل هذا فى مناخ ديمقراطى تعددى، واجه انتقادات كبيرة بسبب فضائح الفساد المتكررة المتهم فيها وزراء وشخصيات من حزبه، بل إنه تم القبض عليه فى مارس الماضى والتحقيق معه، سياسيا قدم برنامجه السياسى للجمهور، واستقطب الفئات المتوسطة والفقيرة، وقطاع من الأثرياء.
ولد لولا فى منطقة فقيرة، لم يكمل دراسته الابتدائية وعمل ماسحا للأحذية وخراطا، وميكانيكيا، وعاملا فى التعدين والسيارات وانخرط فى العمل النقابى، أسس حزب العمال اليسارى 1980 مع عدد من المثقفين والسياسيين. وحصل على مقعد فى الكونجرس وانضم لحملة تطالب بتصويت مباشر فى انتخابات الرئاسة، بعد أن كانت عبر الكونجرس فقط، وجرت أول انتخابات عام 1989 وترشح لولا، وخسر وكرر الترشح والخسارة لثلاث مرات حتى انتخب رئيسا 2002، مرتين حتى 2011.
لولا نموذج للسياسى الذى لا يفقد حماسه، وكان دائما يصف نفسه بأنه «مفاوض» وليس أيديولوجيا حرص على عدم انتهاج سياسات تصادمية مثلما حدث فى فنزويلا، وربما بسبب الفرق بين لولا وديلما وقعت تصادمات ادت للأزمة الراهنة بالبرازيل.