«مدينة النور بلا كاميرات.. والموجود لتنظيم المرور»! كنا نظن أن مصر هى الدولة الوحيدة التى تحدث فيها جرائم إرهابية كبرى وتفشل كاميراتها فى الكشف عن مرتكبيها، ولكن وجدنا دولا فى حجم فرنسا تعجز كاميراتها المنتشرة فى شوارعها عن تحديد هوية مرتكب العمليات الإرهابية التى وقعت فى باريس فجر السبت الماضى، والسبب، كما ذكر التحقيق العلمى الذى كتبته الزميلة زينب عبدالمنعم وحمل عنوان «مفاجأة.. باريس مدينة بلا كاميرات مراقبة وكاميرات المدينة تستخدم لتنظيم المرور»، حيث كشف التحقيق أن موقعا أمريكيا يدعى defenseone أكد أن العاصمة الفرنسية باريس لا تحتوى على الكم الكافى من كاميرات المراقبة الذى يمكن الشرطة من معرفة تفاصيل الحادث والتعرف على وجوه الإرهابيين المنفذين للهجوم، والقبض عليهم على الفور والاقتصاص لمئات الضحايا الذين خطف الفكر المتطرف أرواحهم، وعند مقارنة «باريس» بالعاصمة البريطانية لندن من حيث عدد الكاميرات بهما نجد أن الأخيرة محصنة تمامًا على عكس العاصمة الفرنسية التى تتحصن بعدد ضئيل جدًّا من الكاميرات، ولا تقتصر مشكلة «باريس» على العدد القليل من الكاميرات فحسب، ولكن المشكلة هى أن الهدف من الكاميرات المتوافرة فى شوارعها هو تنظيم المرور وتجنب الزحام، وفقًا لخطة الحكومة الفرنسية التى تم التصويت عليها عام 2007، مع المحافظة على المساحات المخصصة لمناطق التسوق آمنة، وفى المرتبة الثانية يأتى دورها فى مساعدة رجال الشرطة فى القبض على المجرمين والمخالفين والحد من معدلات الجريمة. وأشار التقرير إلى أن المدينة فى حاجة إلى تثبيت المزيد من كاميرات المراقبة التى يمكنها تسجيل مقاطع الفيديو، وإعادة هيكلة المدينة بأكملها وتحديث نظامها، لهذا فإننا ننتظر عباره «الفاعل مجهول» وهى العبارة الشهيرة فى أغلب التحقيقات المصرية. والحقيقة أننى لم أكن أتخيل أن تتكرر عبارة «الفاعل مجهول» فى تحقيقات السلطات القضائية فى باريس التى شهدت شوارعها العديد من العمليات الإرهابية فى السنوات السابقة، ولم تستطع حتى اليوم تحديد من هم الجناة فى أغلب الجرائم باستثناء بعضها الذى عرف فيه الجانى بالصدفة، أما الاعتماد على الكاميرات الموجوده فى الشوارع فقد أصبح شبه مستحيل، ولذا لم يكن مستغربًا ألا يرتدى منفذو جريمة باريس أى أقنعة، لأنهم على علم كامل بأن كاميرات شوارع باريس لن تنجح فى اصطيادهم، ويكفى أن تعرف أن مدينة مثل دبى أكثر اهتمامًا من باريس فى نشر نظام كاميرات متقدم، ولهذا فإن أى جريمة تحدث فى دبى يتم القبض على الجناة، وجملة «الفاعل مجهول» تختفى غالبًا من الجرائم الكبرى التى تقع فى دبى، لقد تعجبت كثيرا من سخرية بعض الصحف الغربية من فشل أجهزتنا الأمنية فى الوصول للجناة فى بعض القضايا، ولكنها لا تستطيع أن تنتقد الفشل الذريع لفرنسا التى دائمًا ما تفشل فى تحديد مرتكبى الجرائم الكبرى وخاصة الإرهابية، وفشل نظام كاميرات المراقبة فى شوارعها وفى المؤسسات العامة التى لا تنجح فى الغالب فى تحديد الجناة، لذا فإن الكثيرين يراهنون على فشل باريس فى التعرف على مرتكبى العمليات الإرهابية الأخيره وأن طريقها للتعرف عليهم لن يكون من خلال كاميرات المراقبة ولكن سيكون من خلال جثث الإرهابيين الذين قتلوا فى مكان الحادث، ويرجح أن يكون مرتكبو هذه الجريمة من داعشى سوريا، خاصة بعد أن أعلن هذا التنظيم الإرهابى مسؤوليته عن الحادث. أخيرًا علينا ألا نذبح مصر فى كل جريمة إرهابية ترتكب على أراضيها وألا نتهمها بأنها غير قادة على تأمين الشارع، فهذه دولة مثل فرنسا فشلت فشلا ذريعا فى حماية عاصمتها ليس فقط بسبب تخلف نظام مراقبة الشوارع، بل لأن مجرمى داعش من الإرهابيين استخدموا وسائل حديثة لتنفيذ جريمتهم ضد الشعب الفرنسى الذى كان من الممكن أن يتلاشى ذلك لو أنصت لصوت العقل الذى خرج من القاهرة لتحذيره هو ودول العالم بأن الإرهاب لا وطن ولا دين له.