لا أدرى هل هى عدالة السماء أم انتقامها؟ بتنفيذ حكم الإعدام سحلاً ورمياً بالرصاص على عبدالرحمن رؤوف، القاضى الذى أصدر حكم الإعدام على صدام حسين، فقد أُسدل الستار مؤخراً على الروايات المثيرة بشأن اختفائه، وآخرها بيان صادر عن داعش يزعم القبض عليه وقتله، وروايات أخرى عن إصابته بمرض عضال، أو هروبه إلى بريطانيا وتخفيه فى هيئة شخص جديد.
هذا القاضى الظالم البائس أعدمته جماعة تابعة لصدام حسين، منذ قرابة عامين، بعد أن نجحت فى العثور عليه، أثناء محاولته الهروب من بغداد، متخفيا فى أزياء نسائية وقِـيل ملابس راقصة، وأنهت صحيفة «ديلى ميل» حالة الصمت والغموض، بتأكيد خبر قتله، إثر فشله فى اللجوء إلى بريطانيا التى كان يحلم بالأمان فيها، بعد أن أجلسوه على منصة الانتقام من صدام، وتخلوا عنه وتركوه يعيش سنوات من الخوف، هائما على وجهه بحثا عن ملجأ، ومطلوبا من أكثرية الميليشيات المسلحة، والسؤال هنا: ألم يكن فى استطاعة أمريكا أو بريطانيا والغرب أو غيرها من الدول التى تعبث فى العراق، أن يخرجوه ويوفروا له مكانا آمنا، أم تركوه عمدا يشرب من نفس كأسه المرة؟
كان من الظلم أن يجلس عبدالرحمن رؤوف على منصة محاكمة صدام، وكان الجميع يعلم أن اختياره تمثيلية، لاستكمال فصول المحاكمة الهزلية، فهو كردى من «حلبجا» التى تعرضت للهجوم بالأسلحة الكيماوية على يد صدام حسين سنة 1988، وقُتل من عائلته خمسة أشخاص من بين خمسة أو عشرة آلاف راحوا ضحايا المذبحة البشعة، معظمهم من النساء والأطفال والعجائز، ماتوا فى الأوضاع التى كانوا عليها لحظة الهجوم، وتحولوا إلى ما يشبه تماثيل الشمع، نائمين أو مستيقظين أو يتناولون الطعام أو يجلسون أمام منازلهم.
لم كان منطقيا أن يكون من اكتوى بمذابح صدام هو القاضى الذى يحاكم صدام؟.. كان اختياره مقصودا ليضع نهايه لحياة صدام، ثم يضع اتباع صدام نهايه له، ويحمل الاثنان أسرارهما إلى القبر؟
الخلاصة: يمهل ولا يهمل، فكما أذاق صدام شعبه الذل والهوان والقتل، دارت عليه الدوائر، وقضى على نفسه وعائلته وشعبه وبلده، وفتح الأبواب على مصرايعها للجحيم العربى، والاحتلال الأجنبى والعبث بمقدرات الأوطان والشعوب.. إنها عدالة السماء التى تهبط كالصاعقة على رؤوس الطغاة والمتجبرين.