ظن البعض أننى أردت بمقال أمس أن أهاجم نادى الزمالك، بعدما انتشر «السحر» فى أحاديث محبى النادى والقائمين عليه، ففى كل بلاد العالم تتحول كرة القدم إلى علم وإحصائيات ومنطق وقياسات، وهو أمر انعكس إيجابيا على مستوى اللاعبين والمدربين وحتى الجمهور، لكن للأسف أصبحت كرة القدم- مثلها مثل أى شىء فى مصر- فى حال يرثى لها، حيث انحدر مستوى اللاعبين، وتضاءلت فرص التقدم فى اللعبة، وبدلا من أن يبحث المدربون عن أحدث أساليب التدريب فى العالم ليتعلموا منها، غرق المدربون والإداريون فى حسابات الفلك، واجتهدوا فى كتابة «الأحجبة» وتسابقوا إلى الاستحواذ على المشعوذين، وهى رسالة يبعث بها من يعدهم الناس «قدوة» تقول، إنه ليس للاجتهاد نصيب، وإن النصر ليس نتاجا لما تقدم أيادينا وليس أيضا من عند الله الذى لا يضيع أجر من أحسن عملا، وإنما من عند السحرة والمشعوذين، وهو أمر فى غاية الخطورة.
لا يمتلك الإنسان أغلى من العقل، ومع هذا يروج الكثيرون الآن إلى إلغائه ووضعه فى ثلاجة الاستبعاد، فما حاجتنا إلى التعقل والتدبر وكل شىء فى يد السحرة؟! وما حاجتنا إلى الاجتهاد فى العمل الفعلى ما دام الأمر كله معلقاً بيد «عمل سفلى» يدفع فيه الراغب أغلى ما يملك ليظفر بما لا يستحق، ليضيع على الاقتصاد الوطنى ملايين الجنيهات، ويخسر رأس المال الوطنى ملايين العقول، فنصبح على ما نحن عليه وربما أسوأ. إذا كنا فى دولة حقيقية فإنى أتوقع أن تسن الدولة قانونا لمحاربة من يجاهرون بالكلام عن السحر والشعوذة، وسجن كل من يدعى أنه حقق نصرا بالسحر، أو أوقف هزيمة بالسحر حتى لو كان هذا السحر فى مجال الرياضية، فالسحر هو السحر، وما ينطبق على كرة القدم من الممكن أن ينطبق على رسائل الدكتوراه والماجستير، وشيوع ذكر السحر بين الناس يؤدى فى النهاية إلى الاعتقاد فى جدواه حتى بين من ينكرونه ولا يعتمدون عليه، فلا سبيل أمامنا إلا بإعمال العقل وتنمية القدرات الذهنية والبدنية والنفسية والشخصية، أما الاستسلام إلى السحر وأفاعيله فهو أمر جدير بأن يحولنا من أمة متخلفة إلى حفنة مجاذيب.