الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 09:13 ص
عبد الفتاح عبد المنعم

عبد الفتاح عبد المنعم

إنقاذ نظام السيسى

11/26/2015 1:16:59 PM
الصدفة وحدها هى التى قادتنى إلى معرفة الأرقام الحقيقية للعقول المصرية المهاجرة للخارج، فعندما بدأت الكتابة عن السبب الرئيسى وراء فرار المخترع الصغير مصطفى الصاوى لدولة الإمارات والحصول على الجنسية الإماراتية، لكى يتمكن من تحقيق أحلامه فى ترجمة اختراعاته إلى واقع ملموس، قرأت دراسة لإحدى الجهات الحكومية الرسمية صدرت قبل يناير 2011 أى فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، أى قبل دخول مصر فى أزمات كبيرة وصلت إلى أن يكفر البعض بجنسيته، الدراسة الصادمة أجابت عن الكثير من الأسئلة حول أسباب هجرة أمثال مصطفى الصاوى من أصحاب العقول.

وضعت الدراسة الأسباب والأرقام للذين هاجروا إلى الخارج، وقالت الدراسة، إنه أصبح مسلسلا مستمرا وضربت الدراسة مثلا باستقالة 11 معيدا من كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة عين شمس للعمل بأمريكا فى هذا التوقيت، وثارت وقتها ثورة كبرى وكتبت مقالات وتحقيقات صحفية لتحليل أسباب الاستقالة وهروب الـ11 عالما إلى أمريكا، ولم يصلوا إلى أى نتائج، ولكن بعد مرور أكثر من 5 سنوات على هجرة الـ11 معيدا، وما وصل إليه حال البلاد والعباد نستطيع أن نقول، إنهم فكروا صح وإن استمرارهم فى مصر كان سيدمر مستقبلهم، خاصة أن التقارير القادمة من أمريكا عن هؤلاء المعيدين تؤكد أنهم تفوقوا بشكل كبير لتوفير كل شىء لهم فى أمريكا، المفاجأة، كما تقول الدراسة، أن هجرة المعيدين وقتها تحولت إلى ظاهرة تدق أجراس الخطر وتثير تساؤلا مهما، وهو إلى أى مدى تظل مصر تعلم وتربى وفى النهاية يهجرها أبناؤها؟

الدراسات والأبحاث تشير إلى وجود أكثر من 844 ألف شاب، منهم 450 ألف كفاءة وعبقرية علمية فى جميع المجالات البحثية العلمية.. وهجرتهم تتسبب فى خسارة مصر لأكثر من 54 مليار دولار سنويا، فى الوقت الذى تحتاجها مصر وتستوردها، للأسف، الشديد من الخارج مرة أخرى. وأكدت دراسة صدرت، مؤخرا، فى الخارج أنهم يعملون فى مختلف التخصصات العلمية، من بينهم 11 ألفا فى تخصصات نادرة و94 عالما فى الهندسة النووية و36 فى الطبيعة الذرية و98 فى الأحياء الدقيقة و193 فى الإلكترونيات والحاسبات والاتصالات. وتبين الإحصاءات أن أمريكا تحظى بالنصيب الأكبر من الكفاءات والعقول المصرية المهاجرة بنسبة %39 تليها كندا بنسبة %13.3 وإسبانيا فى المؤخرة بنسبة %1.5.

الإحصائيات التى ذكرتها الدراسة عن أعداد العلماء المصريين بالخارج من ذوى التخصصات النادرة كانت صدمة لى، ويبدو أنها لم تكن صدمة للمسؤولين، سواء فى عهد مبارك أو مرسى أو السيسى، لأنهم لم يفكروا فى طرق لإعادة هذه الأرقام والتى قدرتها الدراسة بنحو 618 عالما منهم 94 عالما فى الهندسة النووية و26 فى الفيزياء الذرية و48 فى الكيمياء و25 فى الفلك والفضاء و48 فى البيولوجى والميكروبيولوجى و46 فى استخدامات الأشعة السريمية و22 فى الجيولوجيا وطبيعة الزلازل و67 فى المؤثرات الميكانيكية و66 فى الكبارى والسدود و93 فى الإلكترونيات و72 فى استخدامات الليزر و31 فى تكنولوجيا النسيج.

أخطر وأهم المجالات وأحدثها فى نفس الوقت والذى شهد هجرة مكثفة للعقول قطاع تكنولوجيا المعلومات وقطاع الاتصالات.
هذا جزء من دراسة وضعت قبل الإطاحة بنظامى مبارك الفاسد ومرسى الفاشى ولو أعاد الرئيس عبدالفتاح السيسى قراءتها مرة أخرى وشكل لجانا حقيقية للاستفادة من كل مخترع مصرى لم يهرب خارج مصر فإن هذا ينقذ نظام السيسى، خاصة أن كل مخترع سيقدم اختراعا لو تبنته الحكومة المصرية سواء الحالية أو القادمة سيدر على مصر مليارات الجنيهات، وهو ما يخدم اقتصادنا القومى، أتمنى ألا يتجاهل النظام الحالى قراءة مثل هذه الدراسات إذا كان ينوى بالفعل بناء وطن حقيقى يحترم فيه العلماء ويعتبرهم هذا النظام كنزا حقيقيا لرفعة الوطن، يا رب.

print