من المهم ونحن مقبلون على ذكرى 25 يناير أن نراجع التاريخ والجغرافيا والتربية القومية، حتى يمكننا أن نتبين الثورة من الفورة من المظاهرة، ولأننا تائهون عن تاريخ الثورة، ورأينا سياسيين ونشطاء، كل واحد منهم زعم أنه صاحب الثورة، ومالك توكيلها الأوحد، يمكننا البحث عن تفسيرات مختلفة للثورة وما جرى ويجرى، وكل هذا بمناسبة قرب انعقاد البرلمان، وانتقال مقاعد نواب من الوطنى لنواب تانيين، وأى شخص يأخذ القضية بجدية يمكنه البحث عن مفجرى الثورات بمختلف أنواعهم وألوانهم.. لدينا مفجرو ثورات «مخططين»، أو «مقلمين»، أو «مربعات»، مثلما لدينا نشطاء زعموا أنهم قاموا بالثورة، وبعضهم رآها على «فيس بوك»، وشرحها متصدرًا فى الفضائيات، وكل منهم عيّن نفسه وكيلًا للثورة، يعطى كارنيهاتها لمن يريد.
وأصبح أمثال شادى وراضى وهانى ومنص وتفتف يزعمون أنهم من صناع الثورات، وأنهم قادرون على صنع ثورة كل يوم لو أرادوا، وغالبًا لا يعرفون الفرق بين الثورة وبرامج الطبيخ شو. ووسط هذا التفجير الثورى نقف عند تفسيرات جديدة لقيام الثورات، ومثلما زعم شادى أنه «هيعمل ثورة»، يقدم النائب معتز تفسيرًا مختلفًا، حيث يرى أن أحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطنى الأخير، كان عدوًا لوالده السياسى والبرلمانى الراحل كمال، وأن مجموعة الفكر الجديد، وتصدر رجال الأعمال للمشهد قبل 25 يناير أوصلنا لهذا الوضع.
وهذا التفسير يسوقه بعض رجال الحزب الوطنى ممن اعتبروا التخلص من الحرس القديم، ومنهم الشاذلى، أمين التنظيم، لصالح عز ورجال السياسات، كان سببًا فى التعجيل بالغضب، باعتبار أن الشاذلى كان يمارس سياسة «المنفثات» على طريقة «الحلة البريستو»، ويعطى بعض المقاعد للمعارضة بما يقلل الضغط والانفجار، وأن مجموعة الفكر الجديد فى الحزب الوطنى أبعدوا قدماء الحزبوطنيين كانوا يسعون لإتمام عملية التوريث، وأن الحرس القديم كان يرفع شعار «من أجلك إلا حتة» بدلًا من «من أجلك أنت» والذى أتى بأجل الحزب والتوابع.
وأصحاب هذا التفسير «البريستو» لا يختلفون كثيرًا عن وكلاء ثورة يناير ويونيو، وكل منهم يعتبر نفسه «مفجر ثورات»، كأننا أمام أكياس «بمب»، ومثلما يستسهل أمثال شادى فكرة الثورة، يستسهل البعض تفسيرًا يعتبر استبعاد الحرس القديم سبب الثورة، ولا نستبعد أن يخرج مبارك وجمال وعز والعادلى ليعلنوا أنهم مفجرو الثورة، وليس شادى.
تفسير «البريستو» لا يأخذ فى الاعتبار أن مبارك نفسه كان قطع سنوات طويلة رافضًا ترك الحكم حتى آخر نفس، وأن الحرس القديم والجديد كلاهما كان موجودًا ومتوفرًا وممارسًا للسياسة. أما أهم الدروس المستفادة فإن شادى وزملاءه من وكلاء الثورة، هم من أدوا لفوز أصحاب نظرية التفسير البريستو القديم، بفضل الدماغ البريستو الجديد.