عندما جئت إلى الدنيا.. فى ثمانينيات القرن الماضى.. لم أجدها.. إلا قاسية على أهلها.. تملكتها تجاعيد الشيخوخة.. ووهن العجائز.. مستغرقة فى الفساد.. مستنطعة على الدول.. تتسول غذاءها وكساءها.. تتحرك ببطء اقتصادى.. وعقم سياسى.. حتى صارت مصر عجوزا من عمر حاكمها.. فأبكى حالها.. أبناءها وأحفادها.. فعقدوا العزم على استعادة.. شبابها وأمجادها.. فى الخامس والعشرين من يناير 2011.. والثلاثين من يونيو 2013.. فحتى بضع عقود فائتة.. مصر كانت عروسا.. فى عمر الزهور.. تسر الناظرين.. حيث كانت فى عنفوان شبابها.. وأوج عظمتها.. عليها بهاء العظماء.. خفيفة الحركة.. رشيقة الخطوات.. تركض كالغزلان.. فلم يستطع أن ينال منها.. وحوش الوديان.. تناور سياسيا واقتصاديا وعسكريا دولا كبرى.. فتحقق مصالحها.. ومصالح أمتها العربية.. فقد كانت كبيرة المقام.. ورغم طول تاريخها.. فإن هذا لم ينل وقتها.. من شبابها.. وروعة جمالها.
فعندما قامت ثورة يناير.. شيدت الآمال.. وأعادت إلى الأذهان.. صورة مصر القديمة الجميلة.. فشردت الأحلام.. لاستعادة عظمتها.. فاصطدمت.. بالمتآمرين.. والمتأسلمين.. فهتكوا عرض الثورة.. ثم ذبحوا الوطن.. بسلاح التطرف.. والنفاق.. والكذب.. فى عهد المعزول.. الذى لم يكتف وجماعته.. باغتيال أحلام الأنقياء من الثوار.. والبسطاء من الشعب.. وإنما استباحوا حرمة مصر كلها.. فأرادوا بيع عرضها.. إلى أراذل البشر.. لتقاوم مصر.. البذاءات والطعنات.. ليس فقط من الغرباء.. وإنما أيضا من أبناء جلدتها.. الذين خانوها.. لتسقط فى بئر عميقة وتدخل الإنعاش وتكاد تموت.. لولا أن جاءتها الصدمات الكهربائية.. فى الثلاثين من يونيو.. ليهبها الله عز وجل.. الحياة من جديد.. وهى على فراش الموت.. ليتجدد الأمل فى أن تتداوى. فمصر الآن فى مرحلة النقاهة.. تحاول أن تتعافى.. مما ألم بها.. من طعنات.. فى لحظات التيه.. التى مرت بها.. فعندما أمعن التفكير.. لا أجد سببا.. حمى مصر من التقسيم.. سوى ستر الله.. وبشرى نبينا.. بأن أهلها فى رباط إلى يوم الدين.. فقد بدأ مخطط تقسيم مصر.. منذ عدة سنوات.. عندما منحت الأنظمة الساقطة الأمريكان.. نفوذا واسعا علينا.. حيث صاحب ذلك.. بداية التواجد العسكرى الأمريكى فى المنطقة.. عندما استقرت فى أحضان الدول العربية.. قواعد عسكرية.. هى الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية.. خارج حدود أراضيها. لتقبل مؤخرا دول عربية تحاوطنا القسمة.. فتمزقت إلى دويلات.. متصارعة فيما بينها.. حيث سقطت فى شرك دول.. لا تريد لنا سوى الشر.. لتنزلق الأمة العربية.. فى منحدر مظلم لا يمكن تسلقه.. حتى ترى هذه الدويلات المتشرذمة.. نور الوحدة والاستقرار من جديد.. فقد نجح الغرب.. فى إعادة تصدير الجماعات المتطرفة.. إلى محل مهدها.. ليتخلص من تهديدات هذه الجماعات.. على أمنه إلى حد ما.. ويستغلها فى ضرب الأمن القومى العربى.. فى مقتل. فالمصيبة ليست فقط فيما حقق بالفعل.. من نجاح نسبى.. لمخططات إعادة تقسيم المنطقة العربية.. ولكن الكارثة.. فى استخفاف البعض بهذه المخاطر.. أو المتاجرة الرخيصة.. من بعض الجماعات السياسية والحزبية فى تكذيبها.. والادعاء بأنها من ذرائع مقاومة ثورة يناير.. والعودة إلى النظام القديم.. بتخويف الشعب من مخططات خارجية.. لتبرير أى قبضة أمنية.. وهو العته.. الذى يغذى المشاريع الغربية.. ويضع مخططاتهم.. على أجهزة التنفس الصناعى. فالخطر الذى يحيق بوطننا.. أكبر مما يتصور البعض.. وأقرب إلينا من حبل الوريد.. فبالفعل.. قسمت العراق.. والسودان.. وسوريا.. ولبنان.. واليمن.. وليبيا.. بجانب فلسطين.. التى مازالت مشردة.. تبحث عن وطن.. لن تحصل عليه.. من الاحتلال الصهيوأمريكى. فرغم كل ذلك.. مصر ستنتصر فى معركة الوجود.. التى تخوضها.. لكن فى طريقها للنصر.. يجب أن تغتال الانقسام.. الذى يغذيه الخونة والمعاتيه.. فالخونة.. يخططون لدفع الوطن نحو سيناريو الانقسام.. ليأتى التنفيذ على يد المعاتيه.. الذين يهرتلون بشعارات لا يفهمون معانيها.. وكيفية تحقيقها.. فيتحولون بجهلهم وقودًا للخيانة.