هناك من يصر على جعل اتحاد طلاب الجامعات المصرية كخيال مآتة، وما حدث من وزارة التعليم العالى بإعادة انتخاب رئيس الاتحاد ونائبه دليل على ذلك.
استندت وزارة التعليم العالى فى قرارها إلى بطلان ترشيح الطالب أحمد حسن لمنصب نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة الزقازيق مع ما يترتب على ذلك من آثار، ما يعنى انتخاب رئيس اتحاد الطلاب ونائبه مرة أخرى، لأن صوت الطالب أحمد حسن كان مؤثرا فى جولة الإعادة الأولى لانتخاب رئيس اتحاد طلاب مصر، لتعادل الأصوات بين المرشحين على المنصب.
اللافت فى هذه القصة، أن اللجنة الوزارية التى أخذت بقرار البطلان هى نفس اللجنة التى وافقت على اشتراك الطالب أحمد حسن فى التصويت يوم انتخاب رئيس اتحاد طلاب مصر ونائبه «10 ديسمبر»، وأقرت بسلامة موقفه القانونى، وطبقا لذلك فإننا أمام حالة تثير الشكوك فى سلامة موقف الجهات الرسمية المعنية، وتعظم من صحة الأقوال التى تذهب إلى أن نتائج الانتخابات لم تكن كما أرادتها هذه الجهات التى احتفظت بورقة الطالب أحمد حسن فى أدراجها لاستخدامها وقت اللزوم، ولما أسفرت الانتخابات عن نتيجة تعد خارج النص المحدد، حدث ما يحدث الآن.
هى لعبة قديمة متجددة، وليس المقصود منها عملية ضبط قانونى بما يحقق الصالح العام لمؤسسة اتحاد طلاب مصر، ولا المقصود منها أى توجه ديمقراطى صحيح، ولا إعداد الطلاب إعدادا سليما ليكونوا قادة للمستقبل، فحقيقة الأمر أننا أمام عقليات تدير الأمور بنفس الروح والعقلية التى أدارت بها مصر فى ظل عهد مبارك بما حمله من استبداد وفساد وضبط الحياة على شلة محددة هى التى تستفيد من كل شىء، وكانت انتخابات اتحاد طلاب الجامعات كغيرها من الانتخابات نموذجا تطبيقيا لكل ذلك، فكما كانت الانتخابات البرلمانية يتم تزويرها تحت سمع وبصر الجميع، كانت الانتخابات الطلابية تتم بإرادة أمنية خالصة، فأسفرت عن نتائج كارثية، أبسطها أننا لا نتذكر اسم رئيس اتحاد طلاب من هذه المرحلة لمع فى سماء الحياة السياسية المصرية طوال الثلاثين عاما الماضية.
فى ثورة 25 يناير خرج الطلاب من القمقم، وجذبت أول انتخابات لاتحاد طلاب الجامعات بعد الثورة اهتماما من كل المصريين، غير أن الانتخابات التى أجريت مؤخرا بدا فيها أن هناك أوضاعا معاكسة لتعميق ديمقراطية الحالة الطلابية وفقا للدستور وصحيح القانون، أى أن هذه الديمقراطية لا تعنى أعمال التخريب التى مارستها جماعة الإخوان فى الجامعات بعد 30 يونيو.
توقفت الانتخابات الطلابية بعد 30 يونيو حتى جرت مؤخرا بعد موعدها القانونى بنحو عامين تقريبا، وفى خلال التوقف تغيرت كثير من الأمور، وكانت الجامعات ممن شملها هذا التغيير، وسارت الأمور فى اتجاه ضبط إيقاع اتحادات الطلاب فى حال إجراء الانتخابات وفقا لأساليب لا تختلف فى جوهرها عما كان يحدث فى أيام مبارك، وها نحن نرى ذلك فى إبطال انتخابات رئيس الاتحاد ونائبه، ووفقا لما سمعته من قيادة طلابية فى الاتحاد المنتهية مدته، فإن ما حدث فهمه المعنيون بالأمر من الطلاب كتدخل سافر من الجهة الإدارية، لأن النتيجة النهائية لم تحظ بقبول هذه الجهة، وتوقعت القيادة الطلابية أن يكون كلام رئيس اتحاد الطلاب الجديد حول وضع الطلاب المعتقلين على أجندة اهتمامه، قد أوجد حالة من القلق لدى المعنيين، لأنهم لا يريدون ربط اتحاد الطلاب بأى قضية سياسية.
بكل الحسابات فإن ما يحدث الآن داخل المؤسسة الطلابية، هو ضد الديمقراطية الصحيحة، ومخطئ من يتصور أن هذه التصرفات هى مجرد حالة تدور وراء أسوار الجامعات وفقط، فالجامعات هى جزء أصيل من المجتمع.