الأغبياء يقتلون أنفسهم بأموالهم لا يحتاج المرء كثيرا من الجهد، ليكتشف أن الصراع الدائر فى منطقة «الشرخ الأوسط» وما حولها، هو صراع بين الأغبياء يديره أشرار أذكياء لا يبذلون الكثير من الجهد، وهم يرون أغبياءهم يتحركون كما يرى لهم الأشرار من دون تدخل من أى شرير، يقتلون بعضهم بأموالهم، وبكل سرور، يعتقد كل منهم أنه يدافع عن نفسه، بينما هو يقتل بعضه. القتل يتم باسم الشريعة، أو باسم السنة أو الشيعة، بينما يموت السنة والشيعة والمسيحيون الأكراد والأطفال والأغبياء طبعا.
من يمولون داعش والنصرة، يقتلهم الدواعش ويفجرونهم ويذبحونهم، بكل سرور، متصورين أنهم يتحدثون باسم الشريعة، بينما الشرائع كلها جاءت للتخفف من همجية البشر، وتدعوهم للسلام والتسامح. كل طرف ينفذ ما عليه بكل دقة، فى صراع يتم صنعه على الهواء، ومن دون الحاجة لأى محفزات أو نظريات مؤامرة، ولا استراتيجية أوتكتيك.
يمولون الكراهية والإرهاب وينفقون مئات المليارات على تنظيمات القتلة، ولا حاجة للبحث عن اختلاف المذهب أو الدين الإرهابى يقتل للقتل، كأنه يمارس دورا مرسوما.
داعش وأخوته لم ينبتوا شيطانيا، حتى الشيطان لا يصل تفكيره لصناعة الدواعش، وجمعهم من كل بلاد الدنيا، ليقتلوا المختلفين معهم فى الدين والمذهب، أو الرأى.
داعش والنصرة والفتح تنظيمات سنية قتلت وفجرت وذبحت مسيحيين وإيزيديين وسنة وشيعة، وحتى لو كانت صنيعة أجهزة استخبارات، فقد تم تمويلها من خزائن دول غنية تمنحها تذاكر السفر والسيارات الرباعية والأسلحة الحديثة والمعلومات. الحرب التى تبدو مذهبية هى حرب بالوكالة وعلى النفوذ والمصالح، وطبعا ليست مصالح هذه الدول التى تتقاتل وتمول القتل، بل مصالح صناع وتجار السلاح، قتل العرب والمسلمون من بعضهم عشرات أضعاف ما قتلوا من أعدائهم، وما زالوا يقولون إن المستعمر يعمل معهم بنظرية «فرق تسد»، وهم لا يحتاجون من يفرقهم، اعتادوا أن يتفرقوا، ويجدوا لديهم منن الشجاعة ليتحدثوا عن شرق أوسط جديد، وهم صناع «الشرخ الأكبر والأوسط من دون دعوة».
لقد اشترت الدول العربية والشرق الأوسط بـ300 مليار دولار أسلحة خلال عامى 2014-2015 وفوقهم 10 مليارات دولار أسلحة للتنظيمات والجماعات المتقاتلة، فى الصومال وليبيا واليمن والعراق وسوريا ونيجيريا وباكستان وأفغانستان، لدرجة أن الطالبانى والصومالى والليبى يحمل سلاحا بعشرة آلاف دولار، بينما لا يجد مواطنه طعاما بأقل من دولار، وهو رقم يكفى لإطعام العالم كله لعقود، ويوفر ملايين من فرص العمل، وأدوية لكل مرض، وطعام لكل جائع، وبيوت وغابات ومياه تكفى لمنع حروب المياه، التى يقنعهم بها تجار السلاح.
الدول التى تبيع السلاح للعرب والمسلمين ليقتلوا بعضهم وغيرهم، تستقبل اللاجئين بدموع غزيرة، مدفوعة مقدما، أما الحروب فالكل فيها مهزوم. وبعد أن يدمروا أنفسهم وبعضهم، سيجلسون برعاية صناع السلاح، ليتفقوا على تكاليف إعادة الإعمار.