لماذا نحفر قناة جانبية لميناء شرق بورسعيد؟.. المؤشرات تؤكد تباطؤ حركة التجارة العالمية، بما سيؤثر على مرور السفن والحاويات عبر قناة السويس، وهذا ما أدى إلى تراجع إيرادات القناة الشهور الثلاثة الماضية، وربما يستمر هذا التراجع لعدة أشهر، بسبب الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها بعض الدول، فضلاً عن عدم الثبات فى أسعار البترول، بما استتبعه تخفيض الدول لنفقاتها واتجاه بعضها للتقشف.
وسط كل ذلك تعلن مصر أنها تسير فى طريقها نحو حفر القناة الجانبية لميناء شرق بورسعيد، لتيسير عبور السفن المتجهة إلى الميناء دون تعارض مع السفن العابرة لقناة السويس ذاتها، وهو ما يعتبره البعض أمراً غير مقبول على الأقل فى الوقت الراهن، وأن هذا المشروع لن يحقق الاستفادة المادية المرجوة منه، فى ظل التراجع الواضح فى حركة التجارة العالمية، لكن يغيب عن هؤلاء عدة أمور أهمها من وجهة نظرى أننا لا نتحدث عن مشروع وقتى، بمعنى أنه سيحقق مكاسب فور الانتهاء منه، لكن الحديث ينصب أساساً على مشروعات لها أهداف طويلة الأمد، حتى إن كان تنفيذها يحتاج لأموال تتعدى قدرات الدولة الاقتصادية.
القناة الجانبية بالتأكيد ستسهم فى رفع تصنيف ميناء شرق بورسعيد، فى إطار مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس الذى يولى أهمية لتطوير الموانئ المصرية لتعظيم الاستفادة من الموقع الاستراتيجى المتميز لمصر، وفقاً لما عرضه الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل أسبوعين، وهو ما يؤكد أن هذه المشروعات تقف خلفها أهداف كبرى تتعدى فكرة تحقيق المكاسب المالية الوقتية، وأنها تأتى فى إطار مشروع قومى تسعى له الدولة وهو تنمية محور قناة السويس، لأنه سيحقق لمصر انطلاقة اقتصادية نحن فى أمس الحاجة لها، لذلك ليس من قبيل الرفاهية أن تستمر الدولة فى مشروعاتها لتطوير قناة السويس باعتبارها ممراً بحرياً حيوياً يسهم بفاعلية فى إثراء حركة الملاحة البحرية والتجارة الدولية، فضلاً عن كونها مصدراً رئيسياً للدخل القومى، خاصة أن الحديث الآن يسير فى اتجاه أن أعمال تطوير القناة لن تقتصر فقط على الجوانب الخاصة بتوسيعها من خلال إنشاء القناة الجديدة، ولكن تمتد حالياً لتشمل أيضاً تطوير الموانئ، وكذلك الاهتمام برفع كفاءة مرشدى القناة من خلال تطوير مركز التدريب البحرى والمُحاكاة.
كيف نستفيد من محور تنمية قناة السويس؟ حتى نصل لمرحلة الاستفادة الحقيقة التى يشعر بها الجميع فالأمر يحتاج لوقت ربما يصل لا يقل عن 3 سنوات من الآن، حتى تنتهى الدولة من مشروعات البنية الأساسية فى المنطقة، ومنها مثلاً الأنفاق التى يتم تنفيذها أسفل قناة السويس، بالإضافة إلى العمل الجارى بميناء شرق بورسعيد وتطوير شبكة الطرق القومية فى سيناء، فضلاً عن إجراءات إنشاء مُجمع الشيخ محمد بن زايد. إذا ما تم الانتهاء من البنية الأساسية فوقتها ستكون المنطقة مؤهلة أو مهيأة لاستقبال الاستثمارات المصرية والأجنبية التى ستعمل على مشروعات تستفيد من البنية الأساسية والتحتية للمنطقة والموارد الطبيعية المتوافرة هناك، مثل مدينة الرخام التى يتم العمل على إنشائها فى شمال سيناء وغيرها من الصناعات التى من المتوقع أن تشهد إقبالا كبيراً من المستثمرين والشركات العالمية، أخذاً فى الاعتبار أن هذه المشروعات ستساعد على تحقيق انطلاقة حقيقة للاقتصاد وتحقيق استفادة للمنطقة التى تم تجاهلها لعقود طويلة، كما أنها ستوفر الآلاف من فرص العمل سواء لأبناء القناة أو المحافظات الأخرى، وهو هدف تسعى له الدولة لأنها تؤمن بأن مكافحة الإرهاب لن تتم فقط بالتعامل الأمنى، لكن يجب توفير فرص عمل للشباب حتى لا يكون عرضة للأفكار المتطرفة التى يستغل مروجوها بطالة الشباب.
بالتأكيد المنطقة تحتاج لتخطيط عالمى ومدروس فى ذات الوقت، بما يتناسب مع المنطقة وإمكانياتها، وهذا هو الدور الذى سيقوم به مجلس إدارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس التى يترأسها الدكتور أحمد درويش، والذى صدر قرار بتعيينه من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهذا المجلس عليه مسؤولية كبيرة يجب أن يكون مدركاً لها.