الجمعة، 22 نوفمبر 2024 07:46 م
غادة موسى

غادة موسى

برلمان 2016.. دور سياسى أم اجتماعى

1/28/2016 11:53:33 AM
الشهر الأول الذى أصبح انتهاؤه قاب قوسين أو أدنى من برلمان ٢٠١٦ شهد بروز عديد من علامات الاستفهام حول فهم النائب البرلمانى لدوره السياسى داخل المجلس، ودوره المجتمعى داخل دائرته الانتخابية.. إذ غلّب بعض النواب، وخاصة من المستقلين، دورهم المجتمعى على الدور السياسى، في حين شدّد آخرون، وخاصة النواب الحزبيين والمعيّنين، على أهمية الدور السياسى مقارنة بالدور المجتمعى.

وتأتى أهمية طرح هذه المقاربة من حقيقة التنوع والتباين فى بناء وتشكيل المجلس، إذ نشهد للمرة الأولى بعد ثورتين، برلمانا بلا أغلبية سياسية وبلا كتلة تصويتية واضحة، على النحو الذى أظهرته إجراءات التصويت على قانون الخدمة المدنية، القانون رقم 18 لسنة 2015، فضلا عن تأثير التنوع المهنى على توجهات النواب، إذ أظهر التوزيع الأولى لعضوية اللجان الخاصة المشكّلة لدراسة القرارات بقوانين، ميلا لتركز النواب فى لجان الأمن القومى والشؤون العربية، والمحليات، والتنظيمات الشعبية، مقارنة بعضوية اللجان الأخرى، وهو مؤشر مبدئى على غلبة التوجهات المجتمعية الدافعة لإرسال رسائل للشارع بالاهتمام بالموضوعات الأكثر تداولاً، كدور الشباب فى الانتخابات المحلية، والدور المصرى فى مكافحة الإرهاب، والتعامل مع الملف المائى.

ولنا وقفة مع تفهم النائب لدوره السياسى، الذى ينعكس بشكل أساسى على دوره الرقابى، إذ يسبق الدور الرقابى للبرلمان – تاريخيًّا على الأقل - دوره التشريعى، فقد أشارت عديد من تصريحات النواب فى الفترة التى توسطت مرحلة الانتهاء من الانتخابات البرلمانية، وإعلان النتائج، وانعقاد البرلمان، إلى عزم نواب عديدين على تقديم طلبات إحاطة واستجوابات لوزراء فى الحكومة، عن قضايا تتعلق بالنقل والمواصلات والخدمات - وهو حق لصيق بالنائب البرلمانى - لكن قد لا يكشف بمفرده عن الكيفية والآليات الأخرى التى ستتم بها ممارسة الدور السياسى وهو الدور الرقابى، ويُخشى من هذه التصريحات أن تصدر فقط لطمأنة الناخب والشارع دون أن تكون مصحوبة برؤية برلمانية لاقتراح إصلاحات وتطوير حلول للمشكلات التى يعرضها النائب.

كما كشفت الجلسات الأولى لمجلس النواب أيضًا، عن عدم وجود بوادر توافق على أجندة تشريعية تساعد الحكومة على توجيه خططها وسياساتها وفقًا لها، فما زال الخطاب يتداول بشكل عام، عبارات العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد، والتنمية الاقتصادية، وتشجيع الاستثمار والنهوض بالتعليم، ولم تحدد الجلسات القليلة للجان الخاصة توجّهًا سياسيًّا حول كيفية التعامل مع هذه العناوين الكبرى، ما يؤشر مرة أخرى على ميل النائب وتغليبه لدوره المجتمعى على دوره السياسى.

ويقف الدور التشريعى فى منتصف المسافة بين الدورين، المجتمعى والسياسى، بعد أن مرّر المجلس معظم، إن لم يكن كل، القرارات بقوانين الصادرة فى غيابه، بعد مناقشات محدودة وسريعة، تحت وطأة ضغط المهلة المحددة فى الدستور بخمسة عشر يومًا من بدء انعقاده، الأمر الذى ينبئ عن إمكانية أن تطفو الخلافات حول السياسى بين قوى الرأسمالية الوطنية والرأسمالية الخاصة، حول ملف العمل وحقوق وواجبات القطاع الخاص وملف مكافحة الفساد.

وعليه، ليس الهدف ترجيح أى من دورى النائب، السياسى أو المجتمعى، وإنما لفت الانتباه إلى أهمية إدراك الانعكاسات الإيجابية للدور السياسى للنائب على الوفاء بدوره المجتمعى، فى سبيل تقديم حلول إصلاحية، وتطوير يحقق الاستفادة لعوام الجمهور، وليس فقط لأهل الدائرة.

غادة موسى
أمين المرأة بحزب حماة الوطن والأستاذ المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومساعد وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى لمكافحة الفساد



print