هل تكون قمة المغرب الأخيرة للعربى؟.. حتى الآن لم يحسم الدكتور نبيل العربى موقفه من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالاستمرار فيها لدورة ثانية أو ترك المنصب لغيره، ولا يبدو أن العربى اقترب من حسم أمره، فهو مازال مترددا بين الرغبة الشخصية فى الاستمرار، وطلب البعض منه الاكتفاء بالأربع سنوات الماضية، وأن يعود لعمله الخاص، أخذاً فى الاعتبار أنه فى مارس المقبل، موعد القمة العربية التى تستضيفها المغرب، سيصل إلى عامه الـ81.
المؤشرات تقول إن الأمانة العامة وإداراتها والوضع العربى بصفة عامة لا يشجع العربى على الاستمرار كأمين عام لجامعة الدول العربية، وأن رسائل وصلته بطرق غير مباشرة بأن عددا ليس بقليل من القادة العرب لن يكونوا سعداء باستمراره لدوره جديدة، وأنهم يفضلون بل يطلبون منه أن يكتفى بما قضاه فى الجامعة، وأن يترك الفرصة لشخص آخر يكون قادراً على مواجهة التحديات الكبيرة التى تواجه الدول العربية، خاصة أن العربى لم يكن بالشكل الذى كان يتمناه العرب، بل إن الجامعة تحت قياداته اختفت تماماً وتورات للخلف فى القضايا العربية الأساسية مثل الوضع فى ليبيا واليمن وسوريا، حتى فى الأزمات العربية الإقليمية انتقلت الجامعة من تشكيلة اللاعبين الأساسين فيما يحدث إلى مقاعد المتفرجين، تصفق فقط للعبة الحلوة، بينما تلتزم الصمت باقى المباراة، وهو ما تكرر فى كل الأزمات والمشاكل التى اجتاحت الدول العربية بعد 2011 تحديداً.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، فشعار «اختطاف الجامعة» مازال الدارج داخل أروقة الأمانة العامة، تحديداً بعدما استطاعت دولة من توجيه دفة الأمور فى الجامعة دون موقف واضح من الأمين العام الذى يبدو أنه يستمتع بما يحدث دون أن يكون له يد فيه.
مصر باعتبارها دولة المقر وصاحبة الترشيح الأساسى للأمانة العامة، يبدو أنها أيضاً لن تكون سعيدة إذا ما قرر العربى مخالفة كل التوقعات والاستمرار فى الأمانة العامة لدورة جديدة أو لعام آخر على أقل تقدير، لأنها تدرك أن هذا سيقلل من الرصيد المصرى داخل الجامعة، لأن نجاح الأمانة العامة تحت الإدارة المصرية يقطع دابر الأحاديث القديمة فى تدوير الأمانة العامة التى دائماً ما ينشط الحديث عنها مع اقتراب كل قمة عربية، وفى المساومات الدبلوماسية التى تبرع فيها بعض الدول وتستغله لصالحها.
كيف ينسق العربى مع مصر قبل إنهاء مدته إذا رغب فى ذلك؟.. الأفضل للدكتور نبيل العربى أن يقوم بالتنسيق مع مصر للإعلان أنه لن يرغب ولن يحاول ولن يسعى للتمديد له فى الأمانة العام، وأنه يأمل فى إنهاء مدته مع القمة المقبلة، لأنه فى هذه الحالة يكون قد رفع الحرج عن نفسه وعن مصر أيضاً التى سيكون من حقها البحث عن مرشح آخر، وهذا هو التصور النموذجى للموقف الحالى فى الأمانة العامة، وإن كنت أشك أن الدكتور نبيل سيميل له، لأنه لا يكشف عن نواياه مطلقاً، ولا يستطيع أحد أن يستشف هذا الموقف، وإن كان اقتراب يناير من نهايته دون أن نسمع حديث منه، فهذا يعنى أنه يرغب فى أن يتم التمديد له، خاصة أنه توقف عن الحديث أن هذه مدة واحدة وفى نهايتها سيغادر، وبالتالى ففى تقديرى أن الدكتور نبيل يفكر جدياً فى محاولة البقاء رغم علمه بألا أحد سيبقيه.
فى تقديرى أنه خلال أيام سيتم تحديد مصير الدكتور نبيل العربى، إما الاستمرار أو البحث عن بديل، وأن كل المؤشرات تؤكد أنه لن يستمر سواء برغبته أو بطلب من الدول العربية، وأن مصر تحاول الاستقرار على شخصية دبلوماسية تكون قادرة على تنشيط العمل العربى المشترك الفترة المقبلة، ووضع الجامعة فى المكان الذى يناسبها فيما يتعلق بالقضايا والأزمات العربية والإقليمية، تحديداً بعد حالة الاختفاء القسرى الذى تم ممارسته على أداء الجامعة الأربع سنوات الماضية، مما دفع البعض للمطالبة بإلغاء الجامعة وتوفير الأموال التى تنفق عليها وعلى أجهزتها الكثيرة والمتخمة بالموظفين والإداريين والدبلوماسيين، لكن هذا الرأى لا توافق عليه المؤسسات العربية التى تنظر للتطوير وليس الإلغاء، مع إيمانها بأن التطوير مرتبط فى الأساس بشخص الأمين العام، وأن الأمل معقود على الشخصية الجديدة التى ستخلف العربى فى منصبه.