فى الوقت الذى احتشد فيه أعضاء البرلمان الأوروبى لاتخاذ قرار ضد مصر، كان البرلمان المصرى قرر قبلها بيوم الدخول فى إجازة 18 يوما، وفى الوقت الذى كانت وسائل الإعلام تتناول ما ورد ضد مصر من قرارات البرلمان الأوروبى وتتسابق للحصول على ردود أفعال، كان البرلمان المصرى صاحب آخر رد فعل، كان بيانه بعد 24 ساعة متأخرا، متأخرا، متأخرا..
ولكن هل نتعامل نحن كبرلمان مصرى ونواب بشكل جاد مع موقف البرلمان الأوروبى.. لن أتسرع فى التقييم.. واحدة واحدة.
1 - يتعامل عدد كبير مع البرلمان الأوروبى باعتباره عدوا، وأن قراره ضد مصر جزء من مؤامرة على البلاد، دون أن يدركوا أنه إذا كان هناك مؤامرة فنحن شريك أساسى لها، ونحن من سهلنا بتقصيرنا فى تحقيقات مقتل الشاب الإيطالى، ونحن من تعاملنا مع القضية دون مراعاة أبعادها الدبلوماسية.
2 - السيد الشريف عضو مجلس النواب ووكيل البرلمان قال فى تصريحات صحفية له أين البرلمان الأوروبى من قمع التظاهر فى أوروبا وأمريكا للحفاظ على أمن بلادهم ؟»،.. والحقيقة أن حديث وكيل البرلمان فى محله، ولكن أصبح من الطرق القديمة للتعامل الدولى، إضافة إلى أن مبدأ معاملة البرلمان الأوروبى كعدو مبدأ خاطئ، لأنه وبكل شفافية نوابنا المصريون بيكلموا بعض فى مصر.. حدثنى عن نائب كتب مقالا فى أى صحيفة أجنبية يدافع عن موقف مصر.. حدثنى عن فريق من النواب تم تكليفه مثلا من قبل رئيس البرلمان لدراسة ملف الطالب الإيطالى والوقوف على كل المعلومات، ثم السفر إلى أوروبا وتحديد ميعاد مع أمانة البرلمان الأوروبى لشرح أبعاد القضية، ومن بعدها جلسة استماع فى البرلمان الأوروبى بكامل أعضائه.
ما يدفعنى للكتابة فى هذه القضية، هو استسهال وبراءة النواب فى التعامل معها، يعنى مثلا النائب عبدالفتاح محمد عضو مجلس النواب فى تعليقه على القضية يقول: «سيكون الرد حاسما على البرلمان الأوروبى بعرض الانتهاكات ضد حقوق الإنسان فى أوروبا نفسها، والمرحلة المقبلة، سنتخذ قرارا حاسما، وسنعرض ما توصلنا إليه بعد بيان الحكومة»، النائب مصدق إنه فعلا سيتخذ إجراءات حاسمة ضد البرلمان الأوروبى، لكن أنا لا أصدقه، وأتحفط على طريقة تعليقه، لأنه ما يجب علينا أن نتعامل كرد فعل أو نتعامل بطرق قديمة «هتعايرنى هعايرك». فهل نحن كبرلمان نمتلك علاقات بدول أوروبية وبالبرلمان الأوروبى؟
وهل لنا ممثل يزوره بشكل دائم؟ هل لنا آلية عمل مع التطورات المصرية والعربية هناك؟! للعلم، ستمر قضية الطالب الإيطالى، وستعلن نتائج تحقيقات فى غضون أسابيع، لكن يبقى من التجربة أن البرلمان المصرى يتعامل فقط للداخل، وأنا آسف جدا لا تقنعنى أن 4 سفريات للنواب، عليها عشرات الملاحظات على طريقة اختيار الأعضاء، تكون تلك بوابة للبرلمان المصرى فى الخارج.
جهد مشكور من الدكتور على عبدالعال فى الفترة الأخيرة، ولكن علاقاتنا بالخارج تحتاج إلى ألا نكتب لأنفسنا، ونتحدث مع أنفسنا فى دائرة مغلقة لا نحصد من ورائها أى نتائج واضحة، لابد أن نكون شركاء فى رسم علاقة دبلوماسية واضحة مع كل البرلمانات الموقرة ونحدد سويا حدود تلك العلاقة، لا نكون تابعين فيها.