مهم أن يكون هناك ترام سياحى فيه إنترنت لاسلكى «واى فاى»، وبنفس الأهمية يجب أن يكون هناك «بلاعات» لشفط المطر، مع الاستفادة بالإنترنت للبحث عن توقعات أحوال الطقس فى جوجل، وما كشفته الأمطار الغزيرة على الإسكندرية، وغرق الثغر فى الأمطار، وموت مواطنين فى الأنفاق وبالكهرباء، يكشف عن فشل سياسة «الواى فاى» وغرقها فى «البلاعة».
شهور طويلة كان محافظ الإسكندرية هانى المسيرى، يعلن عن نفسه أنه ينتمى للإدارة الحديثة، يجرى فى ماراثونات، لا يلتفت إلى الانتقادات، ولسان حاله يقول: «اصبروا تروا».
كان المواطنون على صفحات فيس بوك ومواقع التواصل يتحدثون عن فشل النظافة والصرف والبنية الأساسية، والمحافظ يبشرهم بترام سياحى مزود بالواى فاى، ومشروعات سياحية واستثمارية، وهى إنجازات يجب الاستعداد لها بـ«البلاعات» وإمكانات استقبال الأمطار الغزيرة، خصوصا أنها أمطار متوقعة، النشرات أكدتها الأسبوع الماضى.
ومنذ شهرين كانت هناك تحذيرات ونصائح بالاستعداد المبكر للطقس المتوقع، هيئة الأرصاد قالت، إن هذا الشتاء سيكون من أسوأ الشتاءات فى تاريخ مصر، لكن ما إن جاء المطر حتى سقطت نظريات «الواى فاى» فى «البلاعات».
الشوارع تحولت لبحيرات تبتلع السيارات والأتوبيسات، والترام اشتعل من ماس كهربائى وسقطت الكابلات ويقتل المواطنين.
«الواى فاى» يعنى التكنولوجيا، وثورة الاتصالات وهى وسيلة لتلقى وبث المعلومات وليست غاية فى حد ذاتها، ويمكن استعمالها فى توقع الطقس، ورسم خطط لمواجهته بالمعلومات، والاهتمام بالسياحة لا يعنى الشوارع الرئيسية فقط، وإنما الشوارع والأحياء الجانبية المتوسطة والفقيرة، لأنها منظومة واحدة.
الحادث هو تطبيق المثل «من بره هالله هالله ومن جوه يعلم الله»، تجاهل محافظ «الواى فاى» توقعات من شهور وأخرى من أيام عن سقوط المطر، غاب التخطيط وبدا الاهتمام بالشكل على حساب المضمون، التركيز على توظيف التكنولوجيا شكلا مع تجاهل استعمالها فيما يفيد، الاهتمام بالرئيسى وتجاهل الفرعى.
ماذا تبقى من كل هذا؟.. يبقى مجرد كلام ودعاية وإعلان واستهبال تنفيذى ومحلى، وبحث عما تنقله الكاميرات وليس ما ينفع الناس، فحتى المواطنون وربات البيوت يتابعون الأرصاد ونشراتها لمعرفة ما إذا كان الجو صالحا لنشر الغسيل أو التنفيض، بينما لا يفعل المحافظ وأجهزته المحلية ذلك، ولا حتى يسلكون «البلاعات» ويتبعون التحذيرات.
كل هذا ولم يفكر محافظ الإسكندرية مثل كثير من المحافظين والوزراء فى رفع الطوارئ، والتعامل مع التوقعات.
ولهذا غرقت الإسكندرية بشوارعها وسياراتها، ومعهم «المحافظ» والواى فاى، لأنه نموذج لمسئولين وحكومة أو حكومات لا تعرف إدارة الأزمات بعد توقعها.